الثقافة والفن

زهير قنوع للإرتكاز نيوز: الدراما السورية بين التأثر السلبي والإيجابي

لم يعد إعداد جيل الشباب مسؤولية الأسرة والمدرسة فقط ولا حتى تحت سيطرتهما في ظل المرحلة التي وصلنا إليها من تقدم علمي وثقافي وحتى تقني.
لقد فقدت الأسرة آليات ووسائل التحكم بثقافة أبنائها منذ دخول التلفاز إلى المنزل وأصبح أهم دخيل على العملية التربوية، وتثقيف المجتمع والتأثير فيه.
إن تطور الفن وتحوله إلى أهم وسائل الترفيه جعل منه بالمقابل أهم وسيلة دخل لأهل الاختصاص، وجذب الكثير من الدخلاء وأهل الإستثمار حتى تحول إلى سلعة رائجة ومربحة تقدم بلا قيد أو رقابة.
يتحدث المخرج زهير قنوع في حوار لـ”الإرتكاز نيوز” عن تأثير الدراما على الشباب حيث قال: “لقد استطعت بخبرتي أن أجزم بذلك، فهم جمهور الدراما الأعرض، حيث يرتكز 80 ٪ من جمهور الدراما في الشريحة العمرية من 15 وحتى 30، وذلك بناء على استبيان أجريته بنفسي على شريحة مكونة من آلاف الأشخاص بشكل عشوائي على مواقع التواصل” .
وأوضح أن الشباب يتأثر بالدراما في الحالات التالية :
1-التأثر الشكلي المباشر، كأن يقص الشاب شعره مثل شعر البطل (الوسيم )، وكأن ترتدي الشابة ملابس شبيهة بالملابس التي ارتدتها البطلة .
2-التأثر السلبي، حيث يتأثر الشباب بالعادات السلبية التي يقوم بها البطل، وهي عادات ممنوعة أو محرمة أو خطيرة أو غير أخلاقية، ويعتبر هذا التأثر هو التأثر الأخطر، وهنا تكمن مهمة الرقيب في ضبط المحتوى كي لا يكون مؤثراً سلبياً على الجيل الشاب.
3-التأثر الإيجابي، حيث يتأثر الشباب بأفكار البطل الإيجابية مثل الصدق والشجاعة والعطاء والحب، ليكون مثله نبيلاً.
ميديا و جبل ستايل والتقليد الأعمى
الشوارع في سوريا باتت تشهد انتشار بشكل واسع للشباب المقلدين لستايل “جبل شيخ الجبل”، من حيث الحلاقة الذي انتشرت في جميع صالونات الحلاقة في الشارع السوري ليظهر بها كأنه الشاب الجكل واستخدام بعضاً من جمله التي تم تداولها بشكل كبير مثل ”لا تهكلي للهم”.
أما شخصية “ميديا” في مسلسل صبايا كان لها التأثير الكبير على الفتيات اللواتي قمن بتقليد لكنة كلامها ليأخذن لقب “الفتيات الكلاس” فكان التقليد من حيث اللباس والمكياج وألوان الشعر والكثير أيضاً.
أما رهف طالبة جامعية في قسم الدراسات العليا للغة الإنكليزية” أعربت لنا أن للدراما تأثير كبير على الشباب، وفي الآونة الأخيرة كان للمسلسلات العديد من التأثيرات الكبيرة على الشباب من جميع النواحي على سبيل المثال شخصية جبل كان لها بصمة كبيرة حيث انجذبت الفتيات لهذه الشخصية بشكل كبير، والشخصية الرجولية هي الشيء الذي لفتني”.
أما وسام الذي يعمل في مجال الإعلام والتسويق أكد لنا أن الدراما باتت تلفت نظر الشباب إلى أشياء كثيرة ليس لها وجود على أرض الواقع.
الكاتب والصحفي علي وجيه بيّن في حوار لـ “الإرتكاز نيوز” أن الدراما في بلدنا تدخل بسلاسة إلى كل بيت مما جعل تأثيرها تأثيراً فعالاً ومباشراً على الشباب فكثيراً ما أصبحت حالة تقليد الشخصية وتقمصها واعتبارها قدوة لدى الشباب شيء شائع، لافتاً إلى خطورة هذا الأمر في ظل سيطرة الصفات السلبية على شخصيات الأبطال وغالباً ما تكون الشخصيات السلبية هي المؤثر الأكثر جاذبية على الشاشة، حيث يكون للشخصية عالمها الجذاب الذي يلبي طموح الكثير من الشباب من حيث القدرة على جلب المال وتحقيق الأهداف التي يعجز عن تحقيقها الشباب في الواقع.
زيت على نار
باتت الدراما تعتبر صوت ومرآة الواقع فكل ما يطرح ويناقش في الأعمال الدرامية يعد مستسقى من الواقع الذي يغص بالمشاكل والصعوبات، حتى أن النهايات السعيدة باتت تعتبر سذاجة واستخفاف بعقل المشاهد، فبات نجاح العمل يعتمد على حجم المأساة التي يكرسها.
عضو نقابة الفنانين الإعلامي أمجد طعمة في تصريح لـ”الإرتكاز نيوز” بيّن أن الدراما غير معنية بتقديم الحلول للمشاكل بقدر ما يجب أن تكون وظيفتها تسليط الضوء على المشاكل، حيث أن تقديم الحلول هو من مهام مؤسسات معنية بهذا الشأن، بينما أكد على غياب التقسيم المنهجي لصالح الفئة العمرية وعدم العناية بأساسيات توجيه المحتوى الدرامي بما يتناسب مع تقنيات الإستهداف الصحيح والمفيد للفئة الشابة ، على الرغم بأن الدراما يجب أن تقوم بدور فعال من خلال تصحيح المفاهيم والمساهمة في عرض القضايا وحلها لتخرج الدراما من قوقعة التسلية والترفيه إلى رحاب التنمية والتطوير .
محسوبيات لا أهلية ولا تأهيل
وتمر الأيام في كل عام ويبتعد صناع الدراما عدة أمتار عن الدراما لماذا هل لبدء انتشار الدراما الغربية أم لتواجد غير اختصاصين في الدراما أو للفت الأنظار على ظاهرة المخدرات والألفاظ الخارجة عن المألوف، وهذا كله أصبح طبيعياً، هذا ما يثبت ابتعاد صناع الدراما عن الساحة الفنية حيث مازال يستمر غزو المشاهد الغير معتادة في الدراما الرمضانية وهذا يأكد بأن الرقابة اختفت منذ بدايات القرن الحالي مما فتح المجال لعرض الكثير من المواضيع الحساسة والجدلية وخاصة بعض الأعمال التي كانت الجرأة وتجاوز الخطوط الحمراء سبب انتشارها.

 

ارتكاز نيوز _ رغد شيخ محمود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى