مقالات

شينكر بعد ساترفيلد في بيروت: عن الحدود والنفط

وصل المبعوث الأميركي ديفيد شينكر إلى بيروت، أمس، لاستكمال ما بدأه سلفه ديفيد ساترفيلد الذي تولى التفاوض غير المباشر بين لبنان والعدو الإسرائيلي بشأن ترسيم الحدود. من أين سيبدأ؟ هل يطرَح لبنان شروطاً جديدة بعد التطورات الأمنية الأخيرة؟

بينَ آخر زيارة قامَ بها مُساعِد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، الذي كانَ يتولى التفاوض غير المباشر بين بيروت و«إسرائيل» بشأن ترسيم الحدود، والزيارة التي يقوم بها خلفه المبعوث الأميركي الخاص ديفيد شينكر إلى لبنان حالياً، حصل أن فُتِحت الجبهة الأمنية النائمة مع العدو. اعتدى الأخير على الضاحية الجنوبية بطائرتين مسيّرتين، وردّت المقاومة على هذا الاعتداء بعملية قلبَت المعادلات في توقيتٍ بالِغ الخطورة إقليمياً، جعل جميع الأطراف يعيشون حالة «طوارئ»، خصوصاً أن المقاومة كانت جاهزة لكسر كل الخطوط الحمر من أجل تثبيت قواعد اشتباك ما بعدَ عدوان تموز.

قبلَ هذا التطور بأيام، كان رئيس الحكومة سعد الحريري موجوداً في واشنطن، وكان ملف التفاوض والترسيم من بين الملفات التي ناقشها في لقاء سرّي مع صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره جاريد كوشنر ومستشار الأمن القومي جون بولتون (راجع«الأخبار» الأربعاء 21 آب 2019). لم يتخلّ الحريري عن رغبته في سحب ملف التفاوض من يد رئيس مجلس النواب نبيه بري، بحجة «الصداقة الشخصية التي تربطه (الحريري) بكوشنر، ويُمكن أن تكون طريقاً نحو الإنقاذ المالي بما أن الصهر وعدَ بمقابل للحل، يُمكن أن يأتي على شكل قروض وودائع». هذه الرغبة لم يخفها أحد مستشاري الحريري الذي سُئل عن «سبب التكتّم على الاجتماع السري في واشنطن، وعمّا إذا كان الحريري يظنّ فعلاً أن باستطاعته انتزاع الملف من بري»؟ فأجاب، كوسيلة للهروب إلى الأمام، بالقول «إننا مُصرّون على أن نطَرح الملف على التصويت في مجلس الوزراء، وعليكم أن تختاروا ما بين المُساعدات التي ستأتي إلى البلد أو الانكماش الاقتصادي». يخفي هذا الجواب من خلفِه ما يُعرف بسياسة «رهن النفط»، أي «السماح للبنان بالحصول على قروض بضمان ثروته النفطية ويُمكن لشركات أميركية الاستفادة منها». غيرَ أن كل ذلك سيبقى مجرّد رغبة، في ظلّ التوافق الداخلي على إبقاء هذه الملف في عهدة الرئيس بري، وتحديداً حزب الله الذي يرفض مجرد الحديث خلاف ذلك، ويؤكد أن «ما يقرره بري يقبَل به الحزب، ومن يريد الاستفسار عن أي تفصيل فليراجع رئيس المجلس». تقول مصادر مطلعة إن «مشكلة البعض داخل لبنان هي في أنه «لم يفهم بعد أهمية هذا الملف الاستراتيجية بالنسبة إلى المقاومة». فالحزب وبري لمسا الاستعجال الأميركي – الإسرائيلي لحله، لكون العدو يريد الاستفادة من ثروته والبدء بتصديرها إلى أوروبا، وهو ما يُعد فرصة للبنان كي يفرض الشروط التي يريدها لاسترجاع كل المساحة البحرية التي سعت إسرائيل إلى وضع يدها عليها، وبالتالي، فإن «قدرة لبنان على فرض شروطه تعني استعادة كامل المساحة البحرية، وهو انتصار يوازي انتصار التحرير عام 2000»!

الحريري يسعى لطرح الملف على التصويت في مجلس الوزراء

السؤال المطروح هو من أين سيبدأ شينكر؟ تلفت المصادر إلى أن «حصيلة جولات ساترفيلد لم تكُن سلبية بالمطلق، بل حصل تقدم على أكثر من جهة، خصوصاً أن إسرائيل كانت قد وافقت على بنود في الآلية التي فرضها لبنان كشرط للتفاوض، وإن عادت وتراجعت عن بعضٍ منها». كان العدو رفض توقيع التزام خطي بشأن التلازم في التنفيذ، كما عارض أن تبقى المدة الزمنية للتفاوض مفتوحة، وهي حصيلة يُمكن الانطلاق منها، فنحن لم نعُد إلى النقطة الصفر. يوم أمس التقى شينكر الحريري، على أن يلتقي تباعاً رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، مع الإشارة إلى كون الأخير هو من يتولّى تمثيل الجانب اللبناني الرسمي في هذا الملف. سيلتقي الزائر الأميركي كذلك عدداً من القيادات السياسية، كرئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. تُرجّح المصادر أن «يطلب لبنان الالتزام الخطي بكل نقطة يتمّ الاتفاق حولها لقطع الطريق على إسرائيل ومنعها من التراجع عن التزاماتها بما يحفظ حق لبنان»، وذلك مع التشديد أكثر من قبل على «التلازم البري والبحري عكس ما يريد الجانب الإسرائيلي». قبل وصول المبعوث الأميركي إلى لبنان، لم تسبقه أي رسالة إيجابية أو سلبية نتيجة ما حصل على الحدود، وهذا يعني أن من المُبكر التنبّؤ بنتائج محادثات شينكر التي بدأت أمس.

الأخبار _ ميسم رزق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى