عربي و دولي

“حادثة موسكفا”… عائلات المفقودين تتقصى مصائر أبنائها

ظلت يوليا تشيفوفا، 4 أيام تبحث بيأس، عن معلومات بشأن مصير ابنها أندريه، بعد غرق السفينة الحربية الروسية، موسكفا، في البحر الأسود، لكن لا إجابات.

ومثل مئات العائلات الروسية الأخرى من أفراد طاقم السفينة، لم يتم إعلامهم بمصير أبناءهم وما إذا كانوا قد نجوا من الهجوم الصاروخي الأوكراني، الذي استهدف الطراد الروسي وتسبب في إغراقه، بحسب تقرير لصحيفة “الغارديان”.

لكنها أخيرا، صباح الاثنين، تلقت اتصالا من وزارة الدفاع الروسية، ليتم إخبارها بأن ابنها قد مات.
وقالت تشيفوفا، لصحيفة “الغارديان”: “لم يخبروني بأي شيء آخر، ولا حتى موعد الجنازة”، مضيفة بينما كانت تبكي وهي تتحدث عبر الهاتف أن ابنها كان مجندا وعمره كان 19 عاما فقط”.

وتقول : “أنا متأكدة من أنه ليس الوحيد الذي مات.”

ويطالب أفراد عائلات البحارة، الذين خدموا على متن موسكفا، بإجابات حيث سعت وزارة الدفاع الروسية إلى إخفاء المعلومات بشأن ما حدث للسفينة، أو طاقمها البالغ عدده حوالي 510 فردا، حيث يبقى العدد الإجمالي للقتلى والجرحى والمفقودين سرا من أسرار الدولة.

وفاة أندريه، التي لم يتم الإعلان عنها من قبل، هي الثانية فقط التي تم تأكيدها رسميا من السفينة الحربية، فيما أعلنت 3 عائلات أخرى عن عدم تمكنها من العثور على أبنائها الذين كانوا يخدمون على متن موسكفا.

وتشير التقارير الإعلامية إلى أن عدد الضحايا في الهجوم أعلى بكثير.

وأدى حجب المعلومات بشأن ضحايا موسكفا إلى إثارة ذكريات قديمة، ورواج مقارنات مع حادثة غواصة كورسك عام 2000، التي خلفت 118 قتيلا من البحارة، ونالت وقتها من هيبة الرئيس فلاديمير بوتين.

ويرى الباحث في مركز كارنيغي موسكو، ألكسندر غابويف، أن النظام الروسي بقيادة بوتين “لم يكن أبدا شفافا بشأن الخسائر”.

ويثير عمر المجند اندريه، 19 عاما، أيضا تساؤلات ويجدد التشكيك بشأن استخدام الحكومة الروسية للمجندين في المعركة، بعد أن كان بوتين نفسه، في بداية الغزو، قد نفى تماما مشاركة مجندين في هذه الحرب، وان من يشاركون فيها هم “المحترفون فقط”.

واضطرت وزارة الدفاع، بالفعل إلى الاعتراف بأنها نشرت مجندين بعد أن تم أسر بعضهم في أوكرانيا في الأسابيع الأولى من الحرب، لكنها قالت إنها لن تستخدم مجندين بعد الآن.

لكن العديد من آباء أعضاء طاقم موسكفا أكدوا لصحيفة “الغارديان” ووسائل إعلام أخرى أن أبنائهم على متن السفينة كانوا بالفعل مجندين، وليسوا جنودا محترفين بعقود.

وكتب ديمتري شكريبتس، يتساءل عن كيف أصبح ابنه المجند، إيغور، الذي يعمل طاهيا على متن السفينة، مدرجا في عداد المفقودين أثناء القتال.

وقال “كيف يكون المجند الذي لا يُفترض أن يخوض قتالا في عداد المفقودين في أعالي البحار”.

فيما قالت عائلات العديد من أفراد طاقم السفينة إنهم تمكنوا من معرفة أن أبناءهم على قيد الحياة.

فقد تعرف إسكندر دجيباروف على شقيقه، وفي مقطع فيديو نشرته وزارة الدفاع يظهر بحارة من موسكفا، وهم يجتمعون مع قائد كبير في سيفاستوبول بعد غرق السفينة.

وقال دجيباروف: “كنا سعداء للغاية عندما رأيناه في شريط فيديو للطاقم في سيفاستوبول”، مضيفا أنه “في اليوم التالي من المأساة، اتصل بوالدتنا وقال إنه على قيد الحياة وبصحة جيدة. لا ينبغي لها أن تقلق عليه. لم يخبرنا بما حدث ولم يقل الكثير”، مشيرا إلى أنه مجند أيضا وبدأ فترة تجنيده في يوليو الماضي فقط.

والاثنين، ظهرت صور ومقاطع فيديو متداولة للسفينة الحربية موسكفا، قبل وقت قصير من غرقها في البحر الأسود.

وأصدرت وزارة الدفاع الروسية معلومات مقتضبة للغاية بشأن كيفية غرق موسكفا، مدعية أن سفينة القيادة البحرية التابعة لأسطول البحر الأسود غرقت إثر حريق ناجم عن انفجار ذخائر، وأثناء سحبها إلى ميناء سيفاستوبول، لكن الحكومة الأوكرانية، إلى جانب مسؤولي استخبارات غربيين، قالوا إن السفينة أصيبت بعدة صواريخ أوكرانية مضادة للسفن.

كما لم تؤكد الحكومة الروسية أي معلومات بشأن عدد الضحايا في الحادث، حيث نشرت فقط مقطع فيديو قصيرا لاجتماع كبار ضباط البحرية الروسية مع بعض أفراد الطاقم.

وبحسب محللين مختصين، فإن الصور الملتقطة تدل على عدم وجود قوارب النجاة، إلا واحدا فقط في خلف السفينة، مما يدل على أن أفراد الطاقم قد استخدموها بالفعل، واستطاعوا الهرب وترك السفينة عقب إصابتها.

لكن تقارير أخرى في وسائل إعلام روسية مستقلة، الاثنين، تشير إلى احتمال إصابة ما يصل إلى 200 بحار في الهجوم على السفينة. وبحسب ما ورد، كان على متن السفينة حوالي 500 من أفراد الطاقم.

وبينما يطالب شكريبتس بإجابات عن سبب إرسال نجله للحرب يلفت إلى أنهم “قالوا إن الطاقم بأكمله قد تم إجلاؤه، هذا كذبة قاسية”.

وذكرت زوجته، إيرينا، لموقع “ذا إنسايدر” الروسي المستقل، أنها رأت حوالي 200 بحار مصاب في مستشفى عسكري في شبه جزيرة القرم أثناء بحثهما عن ابنهما.

وقالت للصحيفة: نظرنا إلى كل طفل محترق، لا أستطيع أن أخبركم كم كان الأمر صعبا، لكنني لم أجد ابني. كان هناك 200 شخص فقط في المستشفى، بينما كان هناك أكثر من 500 شخص على متن الطراد. أين البقية؟ بحثنا في كل مكان، واتصلنا بكل السلطات، لكن لم نتمكن من العثور عليه”.

والاثنين: كتب زوجها على الإنترنت: “اتصلت بنا ثلاث عائلات من يالطا وألبكا وسانت بطرسبرغ، لديهم أبناء مفقودون أيضا، كما أنهم مجندون”، مضيفا أنهم قدموا طلبا مكتوبًا للحصول على مزيد من المعلومات في مكتب التجنيد المحلي، بحسب “الغارديان”.

وقال: “نحتاج إلى إجابات مكتوبة على أسئلتنا بشأن العثور على أبناءنا، وليس رسائل نصية تحتوي على صور وصلوات”.

ومن الواضح أن الآباء الآخرين كانوا أكثر خوفًا من التحدث علانية، حيث كتبت أوليانا تاراسوفا من سانت بطرسبرغ على الإنترنت: “ابني، تاراسوف مارك، مفقود في العمل على متن الطراد موسكفا”، لكن منشورها اختفى بعد ساعات.

كما طلب آخرون ممن تحدثوا إلى وسائل الإعلام الروسية عدم الكشف عن هويتهم، خوفا من أعمال انتقامية من قبل السلطات.
المصدر: الحرّة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى