لبنان

ابراهيم للمسؤولين: امتنعوا عن التدخل لحماية مطلقي النار العشوائي

افتتحت المديرية العام للامن العام، بالتعاون مع جمعية “نودج ليبانون”، ورشة عمل عن “تطبيقات العلوم السلوكية للحد من اطلاق الرصاص العشوائي في المناسبات”، في المبنى المركزي للمديرية في منطقة المتحف، برعاية المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وحضوره. كما حضر النائب السابق غسان مخيبر وممثلون عن قادة الأجهزة الأمنية.

بعد النشيدين اللبناني والامن العام، ألقى اللواء ابراهيم كلمة قال فيها: “أن يطلق المرء العنان لمشاعره وأحساسيه في احتفال فرح او في مناسبة حزينة هذا حقه الانساني والأخلاقي، لكن ان يطلق مع مشاعره الرصاص فتلك جريمة موصوفة، توجب ان تخضع لأشد العقوبات العدلية والادانة الاجتماعية لأنها تشكل اعتداء على حياة الآخرين وتنال من استقرار المجتمع وسلامه”.

اضاف: “ان ظاهرة اطلاق النار العشوائي تشكل تهديدا صريحا ومباشرا لحياة الأبرياء ولأمن الوطن واستقراره، وما عاد السكوت عن هذه الظاهرة مقبولا وصار الأمر يستوجب تحركا فعليا وحازما على مستوى الدولة وأجهزتها الأمنية والقضائية وحتى السلطات المحلية، وبالتوازي مع المجتمع المدني وهيئاته. لأن مثل ظاهرة كهذه لا تعكس الا وهن السلطة وهشاشة الدولة ومؤسساتها وتصدع المجتمع. عار علينا في لبنان ان يكون بيننا وفي عصرنا هذا جهلة يستخدمون السلاح ويطلقون النار عشوائيا لإيصال رسائل فرحهم أو حزنهم مغلفة بالسواد”.

وتابع: “صحيح ان هذه الظاهرة السيئة والسلبية ليست مقتصرة على لبنان، وهي للأسف تشمل بلدانا عدة، حتى تلك المتقدمة منها، لكن من المهم جدا التكاتف والتعاضد لمكافحة هذه الظاهرة في كل الاتجاهات بدءا من تشديد قانون العقوبات كما هو الحال في كثير من الدول، واولها اليابان التي انخفضت فيها مثل هذه العوامل السلبية الى الحدود الدنيا وصولا الى المدارس عبر اعتماد مناهج تربوية وبرامج توعية تشترك فيها كل الهيئات الرسمية والفاعليات المحلية والأهلية والمدنية التي لها دور ريادي في تصويب مسارات المجتمعات نحو الترقي والتطور والتمدن. واذا كانت السلطة القضائية والأمنية تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية والملامة وهي كذلك، فإن ذلك لا يعفي بحال من الاحوال دور التعليم ووسائل الاعلام بكل تصنيفاتها والبلديات من العمل الجدي والمتابعة الرصينة لمواجهة هذه الجريمة المستمرة والحد من انعكاساتها الخطيرة والموزعة على مساحة لبنان كله بلا استثناء. الجميع معنيون بأن يعوا حقيقة واحدة هي ان اطلاق النار عشوائيا هو قاتل متخف الى اجل، فحضارة اي شعب تقاس باحترامه القانون ومحافظته على كرامةالانسان وضمانه لحقوقه الطبيعية”.

وتوجه اللواء ابراهيم الى المشاركين في الورشة، قائلا: “أتمنى عليكم دراسة ظاهرة اطلاق الرصاص في المناسبات بكل ابعادها وايلائها كل الاهتمام والمناقشة للخروج بتوصيات عملية وجدية تشكل حلا دائما للحد من اطلاق الرصاص العشوائي، ونحيل هذه الاقتراحات الى المعنيين في الدولة والمجتمع للعمل على ترجمتها الى قوانين وتعليمات وبرامج، فنتشارك جميعا وعلى مختلف المستويات في التصدي لهذا الخطر حفاظا على الامن والاستقرار والاقتصاد، لأنه من حق كل انسان ان ينعم بحياة هادئة وطبيعية، وهذا واجب اخلاقي وسياسي وقانوني يقع على عاتق الجميع خصوصا القيادات والمسؤولين الذين عليهم الامتناع اولا عن التدخل لحماية من يطلق النار عشوائيا، وثانيا تعديل القوانين للتشدد في الاحكام التي تنظر في قضايا اطلاق الرصاص العشوائي او الجرائم المتأتية منها”.

وختم شاكرا جمعية nudge لبنان واللجنة المنظمة للورشة، آملا “ان نصل واياكم الى اطلاق (رصاصة الرحمة) على هذه المظاهر من اجل الانسان في وطننا”.

وتحدث مؤسس ورئيس جمعية “نادج ليبانون” الدكتور فادي مكي، شاكرا اللواء ابراهيم على رعايته لهذه الورشة “التي لها انعكاس ايجابي على الامن المجتمعي والتي تساهم في حماية حياة المواطنين”. ثم عرض للاحصائيات عن اعداد الوفيات والمصابين جراء اطلاق النار العشوائي.

ثم عرضت الدكتورة رنا شامي لمشروع “مبادرة الرصاصة الطائشة”، الذي اطلقته نتيجة المعاناة التي عايشتها في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، خلال محاولات معالجة المصابين بالرصاص الطائش وبعض حالات الوفاة بسببه.

وألقت رئيسة مركز أمن عام الشوف الرائد دنيا ابو سعيد كلمة الامن العام، فقالت: “في غمرة انشغالها بالعديد من المهام الجسام التي تبدأ من الخدمات اليومية للمواطنين ولا تقف عند قضايا مكافحة الارهاب، حرصت المديرية العامة للأمن العام على إيلاء ملف الأمن المجتمعي الاهتمام الذي تفرضه كل يوم طبيعة مجتمعنا اللبناني وتعقيداته المتراكمة، على مر المراحل الصعبة التي خبرها لبنان. فالامن لم يعد محصورا بمفهومه النمطي الضيق، وانما صار مفهوما مركبا متعدد الأبعاد والمستويات تحت وطأة المتغيرات التكنولوجية والإقتصادية والسياسية التي شهدها العالم في الحقبة المعاصرة، بعبارة أخرى مختصرة انه (الأمن الشامل) الذي بات يتصل بمختلف وجوه حياة المجتمع”.

واضافت: “انطلاقا من كل ذلك يأتي تنظيم هذا المؤتمر اليوم بهدف ابتكار حلول غير تقليدية وغير نمطية لمواجهة واحدة من اخطر سلوكيات مجتمعنا، ألا وهي ظاهرة إطلاق النار الإحتفالي، او بالتعبير الرائج (الرصاص الطائش)، وذلك ادراكا منا بأن حياة المواطن وسلامته هي اولوية تتقدم على ما عداها من مهام ومسؤوليات وليس من قبيل الصدفة ان تلاقينا nudge lebanon في منتصف الطريق لنخوض جنبا الى جنب تجربة هي الأولى من نوعها في لبنان تتمثل بمعالجة مسألة أمنية ذات جذور سلوكية بوسائل وافكار ليست امنية تقليدية بل عبر هندسة خيارات بسيطة فعالة وغير مكلفة ابتكرها خبراء في العلوم السلوكية من كلية ادارة الاعمال في جامعة “وارويك” البريطانية، وبعضهم بيننا الان، ولما كان لسعادة اللواء عباس ابراهيم الفضل في تطوير مهمات الأمن العام لتأخذ منحى انسانيا فقد تلقفت هذه الدعوة دون تردد لإيمانه بدور ضباط هذه المؤسسة وعناصرها في ارساء هذا المفهوم وليقينه بأن أمن المجتمع هو مسؤولية كل شخص، فكيف بالحري من أقسم على حماية وطنه إضافة الى ادراكه حجم الثقة التي يضعها المجتمع المدني بالمؤسسات الأمنية عموما وبالمديرية العامة للأمن العام بشكل خاص”.

وتابعت: “قال يوما أحد كبارنا ان “السلاح زينة الرجال”، ولكنه عاد فأوضح أن السلاح هو الآلة التي تستعمل بوجه العدو وليس ضد المواطن او الصديق او الأخ أو الشريك، الموت بموت جديد. غير ان البعض في لبنان وعلى طريقة “لا إله” جعل السلاح أداة للإحتفال بولادة طفل او بفوز مرشح في الإنتخابات او بنجاح تلميذ او حزنا على شاب سقط في حادث سير او بأي سبب آخر. انهم يستبدلون الورود بالرصاص ويسخطون على الموت بموت جديد”.

ورأت ان “الحد من هذه الظاهرة لا يكون الا بفهم الجانب النفسي لهؤلاء، اذا هناك صعوبة في لجم هذه الظاهرة والحد منها دون العمل الاجتماعي التوعوي من جهة وتطبيق القانون من جهة ثانية. ويعلم أهل القانون انه سابقا وحتى العام 2016 خلا قانون العقوبات اللبناني من توصيف واضح لجريمة “اطلاق الرصاص العشوائي”، فالقاعدة العامة في القانون تقول ( لا جريمة ولا عقوبةإلا بنص) ولكن لا يعلم جميع الناس انه منذ 3 تشرين الثاني 2016 بات اطلاق النار العشوائي جريمة موصوفة، وتشدد العقوبة كلما تفاقمت النتيجة لتصل الى الأشغال الشاقة الموقتة لا تقل عن عشر سنوات ولا تتجاوز الخمسة عشر عاما وبغرامة من 20 الى 25 ضعف الحد الأدنى للأجور اذا ادى الى الموت”.

وختمت بالقول: “من على هذا المنبر وبإسم الأمن العام، ادعو الجميع كلا من موقعه، لنعمل يدا بيد وندفن عما قريب عادة اطلاق الرصاص الطائش، بدل ان ندفن كل يوم ضحية من ضحاياها. فمن حق ابنائنا وأهلنا ومجتمعنا برمته العيش بسلام”.

وفي ختام الجلسة الافتتاحية تبادل اللواء ابراهيم والدكتور مكي الدروع التكريمية.

المصدر : ام تي في

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى