“العمالي العام”: النداء الأخير قبل الانفجار
عقد الاتحاد العمالي العام مؤتمراً صحافياً بعد اجتماع هيئة مكتبه لإطلاق الصرخة الأخيرة قبل الانفجار الكبير. وتلا رئيس الاتّحاد بشارة الأسمر نص المؤتمر، جاء فيه:
“باسم كل مواطن مقهور ومظلوم. باسم كل عاطل عن العمل أو معطّل عنه. باسم كل من يتقاضى أجره بالليرة اللبنانية من ذوي الحد الأدنى للأجور أو متوسطي الأجر، في القطاع العام أو الخاص من مدنيين وعسكريين وقوى أمن. باسم كل من فقد طفلاً بسبب نقص الدواء أو غياب سرير للعناية الفائقة. باسم كل مواطن يسعى ليلاً ونهاراً لتأمين دوائه الضروري للبقاء على قيد الحياة. باسم كل من وقف ويقف في طوابير الذلّ أمام محطات المحروقات، من سائق التاكسي الى الموظف والعامل الذي يسعى الى كسب رزقه بالحلال. باسم كل من يعيش في عتمة الليالي من دون كهرباء ولا مياه ولا حتى هواء في هذا الصيف الجائر. باسم من سُرقت أمواله من المصارف. باسم كل من يقف عاجزاً عن تأمين ربطة خبز لعائلته أو حليب لطفله أو “غالون” زيت لبيته، أو قارورة غاز بعدما حُرم من تأمين المواد الأساسية للعيش من لحوم وخضار وفواكهة على أنواعها
باسم هؤلاء جميعاً وغيرهم ممن لم بتّسع المجال لذكره، نعلن بالفم الملآن: “إنها الصرخة الأخيرة التي تسبق الانفجار الكبير”
نعم، الانفجار الكبير في وجه هذا التكتل الفاسد الذي أوصل البلاد الى هذا المنحدر الخطير
إنه الانفجار الذي لن يسلم منه غني ولا فقير مسؤولاً كان أو غير مسؤول، كبيراً أو صغيراً
إنّ البلاد في أزمةٍ مصيرية وليس معيشية فقط. وإنّ الأزمة بنيوية شاملة من النظام السياسي العاجز الى النظام الاقتصادي الفاحش والقاتل الى النظام الاجتماعي المتفلت الذي يحكم فيه زمرة من المحتكرين وطغاة السياسة المالية التي سيطرت على كل شيء. لذلك، كله نعلن عن بدء معركة تصحيح الأجور وملحقاتها من بدل النقل الى المنحة المدرسية الى التعويض العائلي… وكنا وجّهنا بتاريخ 2/7/2021 مذكرة الى وزيرة العمل في حكومة تصريف الأعمال طلبنا فيها الدعوة العاجلة لاجتماع لجنة المؤشر. ولمّا كان هذا الأمر قد يطول، نطالب إمّا بمرسوم استثنائي أو بتقديم مشروع قانون معجّل مكرّر يصدر عن المجلس النيابي في هذا الخصوص
– من أجل منح سلفة على غلاء المعيشة وتعديل ملحقات الأجر للقطاع العام والخاص والأساتذة والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين والمياومين
– من أجل رفع بدل النقل بما يتناسب مع تطور أسعار المحروقات
– إقرار قانون سلّم متحرك للأجور (أجور تُدفع حسب الاستيفاء)
– وباشرنا الاتصالات مع رئيس حكومة تصريف الأعمال والوزراء المعنيين ومع الكتل النيابية لوضع هذا المشروع حيّز التنفيذ
هل يُعقل أن لا يكفي الحد الأدنى للأجور كلفة اشتراك مولد (5 أمبير) وهل يُعقل أن لا يكفي متوسط الأجر الواقع بين مليون وماءتي ليرة ومليونين في الشهر لإطعام أسرةً أكثر من أسبوع؟ (حسب التقرير الصادر عن مرصد الجامعة الأميركية). وماذا عن الدواء المفقود وسرير المستشفى وبدل معاينة الطبيب؟ ماذا عن الكهرباء والمحروقات التي تتحكم بها حفنة من المستوردين المعروفين بالأسماء؟ ماذا عن أموال المودعين التي تبخّرت أو هرّبت؟ ماذا عن الأموال المنهوبة والمهربة من المصارف؟ ماذا عن المس بالاحتياطي الإلزامي؟ ماذا عن النفايات التي تملأ الشوارع؟ والمتعهدين الذين يهددون بالتوقّف عن العمل؟ ماذا عن مياه الشفة ومياه الاستعمال المنزلي وعن قارورة الغاز؟ ماذا عن التلوث العام الذي يسبّب السرطنة؟
ماذا عن أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية وعن أقساط المدارس والجامعات في الموسم الجديد؟ ماذا عن التهريب ومن المسؤول عنه؟
لا جواب من السلطة! مع العلم أننا كنّا تقدّمنا بتاريخ 28/6/2021 بمذكرة لرئيس الحكومة المستقيلة تضمّنت ستة عشر بنداً لمعالجة المشاكل القائمة
– حكومة تصريف أعمال
– رئيس حكومة مكلّف منذ أكثر من عشرة أشهر ولا حكومة
– تبادل للاتهامات الجوفاء والتافهة وخلافات على الحصص والوزارات وتمثيل الطوائف بينما الناس تعيش في المزيد من الوجع والهوان والذل والجوع
إضافةً الى متابعة الاتحاد العمالي اليومية لقضايا العمال والموظفين في مختلف القطاعات دفاعاً عن حقوقهم وأماكن عملهم. نظّم الاتحاد أربعة إضرابات وطنية شاملة تحت شعار أساسي هو المطالبة بتشكيل حكومة إنقاذ وطني تضع بداية حلّ لهذه المأساة المتمادية. ولا زلنا في نفس الدوامة
إننا أمام مفترق طرق خطير. فإمّا تشكيل حكومة إنقاذ بسرعة لتضع الإصبع على الجرح فتضع اليد على استيراد المحروقات والدواء والقمح والمواد الاستهلاكية الأساسية وتضع خطة النقل المقرّة منذ أكثر من عشر سنوات وتتدخل فعلياً وجدياً لمنع رفع أقساط المدارس والجامعات وتبادر الى دعم القطاع التربوي والقطاع الصحي وقطاع النقل العام كأولوية قصوى من أولوياتها، وكمقدمة لإنشاء عقد اقتصادي – اجتماعي جديد يقوم على دعم الإنتاج الصناعي والزراعي. واستعادة أموال المودعين والأموال المهرّبة وإعادة الهيكلة والثقة للقطاع المصرفي. وعدم المسّ بالاحتياطي الإلزامي
إنّ مشروع البطاقة التمويلية على أهميته والحاجة الماسة إليه يبدو مشروعاً مؤجلاً تيسّر تمويله من خارج ما يبقى من أموال المودعين التي طار أكثر من 80% منها تهريباً أو تسريباً أو نهباً منظماً وبالتالي لن نصل الى شهر أيلول ليتنفي صرف هذه البطاقة وتنتفي الفائدة منها
إنّ هذه المطالب الأساسية بما فيها تشكيل حكومة إنقاذ بأقصى سرعة يستدعي مؤتمراً وطنياً يتمثل فيه، بالإضافة للاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية ورابطة موظفي الإدارة العامة، نقابات المهن الحرة وسواهم من الذين باتوا في أتون الأزمة مثلهم مثل العمال والموظفين والعاطلين عن العمل
وإنّ مثل هذا المؤتمر الذي يشمل مختلف الشرائح المتضررة بما فيها القواعد الشعبية للأحزاب السياسية على اختلافها من شأنه أن يشكّل بقراراتٍ واضحة، ملموسة وجريئة أداة الضغط المناسبة لوضع حدّ لهذا الوضع المرير
مثل هذه الأزمة الوطنية والمعيشية والاجتماعية الشاملة لا تقابَل بتحرك منفرد أو قطاعي لأنه لا ولم يجد نفعاً، وحدها المواجهة الشاملة والمنظمة والهادفة والواضحة بقراراتها ومطالبها ومن خلال روزنامة عمل محدّدة ستكون الجواب على هذه الأزمة
إنه النداء الأخير قبل فوات الأوان