مقالات

قانون إسترداد الأموال المحوّلة ليس للتطبيق

تناقش لجنة المال والموازنة اليوم اقتراحاً جديداً معدّلاً لقانون استرداد الأموال النقديّة والمحافظ الماليّة المحوّلة إلى الخارج بعد تاريخ 17/10/2019، بعد ان أسقطت النسخة القديمة منه والتي تمّت مناقشتها سابقاً، لأنّها تنصّ على إدانة السياسيين أوّلاً بالفساد او غيره، قبل إجبارهم على استرجاع الأموال المحوّلة الى الخارج.

ينصّ اقتراح القانون الجديد في المادة الاولى، على إلزام، و»بصورة استثنائية، جميع مساهمي المصارف من الأشخاص الطبيعيين والمعنويين وأصحاب الحقوق الاقتصاديّة الحائزين على ما لا يقلّ عن 5% (خمسة بالمائة) من رساميل المصارف، كما محامي المصارف والمدراء التنفيذيين فيها، وجميع الأشخاص الذين قاموا أو يقومون بخدمة عامة وتقاضوا مالاً عاماً بصفتهم تلك، بإعادة جميع الأموال النقديّة والمحافظ الماليّة المحوّلة منهم إلى خارج لبنان بعد تاريخ 17/10/2019، إذا كان مجموع قيمها يوازي مبلغ 50،000$ (خمسون ألف دولار أميركي) على الأقل، خلال مهلة أقصاها 30 يوماً اعتباراً من تاريخ نفاذ هذا القانون، وبمعزل عن أيّ طلب أو إجراء آخر».

المادة الثانية: يُعتبر الأشخاص المعنيون بأحكام المادة الأولى من هذا القانون، أنّهم استغلّوا نفوذهم أو الأسرار التي اطّلعوا عليها بمعرض وظائفهم أو سلطتهم لإجراء التحاويل المعنيّة بأحكام هذا القانون، ولاسيما منهم من أقدموا على إجراء هذه التحاويل في أوقات الإقفال القسري أو الرسمي للمصارف.

المادة الثالثة: في حال عدم إعادة الأموال النقديّة والمحافظ الماليّة المشمولة بالمادتين الأولى والثانية أعلاه، تُعتبر عمليّات التحاويل التي جرت لها كأنّها حاصلة بأموال تمّت حيازتها بصورة غير مشروعة، عملاً بأحكام قانون العقوبات اللبناني، والقانون رقم 189 /2020 المتعلق بالتصريح عن الذمّة المالية والمصالح ومعاقبة الإثراء غير المشروع، والقانون رقم 44 /2015 المتعلّق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

أبرز الملاحظات على اقتراح القانون الجديد، وفقاً لرئيس الجمعية اللبنانية لحقوق المكلّفين (ALDIC) المحامي كريم ضاهر، هي:

– إنطلق الاقتراح من عكس قرينة البراءة الى قرينة إدانة، حيث انّ المادة الاولى اعتبرت انّ كلّ الافراد المذكورين بالمادة الاولى، مدانون حكماً بالجرم وبالتالي عليهم إعادة اموالهم المحوّلة الى الخارج.

– تحديد تاريخ 17-10-2019 لاسترداد الاموال المحوّلة الى الخارج من بعده، هو تاريخ صوري نوعاً ما لانطلاق الثورة، وهو لا يُلزم من الناحية القانونية او يثبت انّه لا يجوز من بعده تحويل الاموال الى الخارج. علماً انّ التاريخ الاول الذي تمّ من بعده الحديث عن قيود مصرفية على التحويلات هو تاريخ 17-11-2019 عندما اصدرت جمعية المصارف بياناً لها، رغم انّه أيضاً لا يتمتّع بأي صفة قانونية لمنع التحويلات الى الخارج. اما التاريخ الذي اعتُبر نظامياً والذي وضع للمرّة الاولى قيوداً على التحويلات، هو تاريخ إصدار مصرف لبنان التعميمين 150 و151 اي في نيسان 2020، واللذين تطرّقا الى موضوع الـfresh money.

– وضع قيود على تحويل الاموال، يتعارض مع المبدأ الدستوري المتعلّق بالملكية الفردية والاقتصاد الحرّ، والذي ينطبق على كافة المواطنين اللبنانيين، وبالتالي لا يمكن استثناء المصرفيين فقط من هذا المبدأ، من دون إثبات أي إدانة مسبقة في حقهم وفقاً للقوانين القائمة.

– شملت المادة الاولى من اقتراح القانون، مساهمي المصارف وأصحاب الحقوق الاقتصاديّة الحائزين على ما لا يقلّ عن 5% من رساميل المصارف، كما محامي المصارف والمدراء التنفيذيين فيها، لكنّها لم تشمل «إما سهواً او بصورة مغرضة»، أعضاء مجالس ادارة المصارف، علماً انّ بعض من تقدّم باقتراح القانون هو عضو في مجالس ادارة المصارف، وتمّ ايضاً استثناء مفوضي المراقبة.

– عدم استخدام التعريف المعتمد في القوانين القائمة، للسياسيين والعاملين في القطاع العام، مثل القانون 189/2020 حول التصريح عن الذمّة المالية والإثراء غير المشروع، والقانون 175/2020 الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، والقانون 214 لاسترداد الاموال المنهوبة وقانون رفع السرية المصرفية عن الموظفين العامين. وفقاً لتلك القوانين، بات معروفاً وموثقاً تعريف الموظف العام، مما يشير بالتالي الى انّ التعريف المستخدم باقتراح القانون الجديد، غير جدّي ومتساهل او «فضفاض».

في الختام، شدّد ضاهر على انّه يؤيّد مبدأ قانون استرداد الاموال المحوّلة الى الخارج بصورة غير شرعية، شرط ان يكون قانوناً مسنداً الى القوانين النافذة والمبررات القانونية الوثيقة، والتي تحول دون الطعن به امام المجلس الدستوري وفقاً للمبادئ الدستورية. مشيراً الى انّ القوانين التي يجب ان يسند اليها قانون استرداد الاموال المحوّلة الى الخارج لإدانة الاشخاص او المصرفيين او السياسيين او موظفي القطاع العام، هي قانون العقوبات (الفساد، الرشوة، اختلاس الاموال، الاحتيال…)، القانون 160/2011 الاستغلال الشخصي للمعلومات المميزة في الاسواق المالية، قانون الافلاس 2/69 والقانون 110/91 وضع اليد على المصارف التي تعجز عن ممارسة اعمالها، قانون الأثراء غير المشروع ضد السياسيين وغيرها من رزمة القوانين النافذة.

واعتبر ضاهر انّ مشروع القانون المقدّم هو نقطة ضعف، وانّ إقراره بشكله الحالي سيؤكّد انّ تقديمه وإقراره يهدفان فقط للتثبيت انّ النواب قاموا بما عليهم واقرّوا القانون ولكن ليس للتطبيق.

الجمهورية _ رنى سعرتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى