مقالات

خبير مصرفي: سعر الصرف في الموازنة يتراوح بين 6 و8 آلاف ليرة

إذا كانت خطة مصرف لبنان بالتعاون مع الحكومة، تنصّ على صرف 200 مليون دولار إضافية من احتياطي العملات الاجنبية، لخفض سعر صرف الدولار، فإنّ استدامة هذا الامر، لن تعمّر سوى لحوالى 10 ايام، وهي المدّة التي تحتاجها الحكومة، وفق ما صرّح رئيسها نجيب ميقاتي، لطرح مشروع موازنة 2022 على مجلس الوزراء.

بما انّ معدل ضخ الدولارات يومياً في السوق من قِبل البنك المركزي يبلغ حوالى 20 مليون دولار، فإنّ الـ200 مليون دولار ستستنفد في غضون 10 أيام، يكون خلالها سعر صرف الليرة قد استعاد جزءاً من خسارته، ليصل عند نحو 20 الف ليرة مقابل الدولار، مما سيخفّف من وقع وحدّة الاقتراحات الواردة في الموازنة لرفع إيرادات الدولة، أبرزها زيادة تعرفة الاتصالات حوالى 20 ضعفاً، تعرفة الكهرباء (13 ضعفاً) الدولار الجمركي والضرائب (على سعر السوق السوداء)، رسم الطابع المالي (15 ضعفاً)، الرسوم على المياه (6 أضعاف)، الرسوم العقارية (15 ضعفاً)….

في هذا الإطار، اعتبر مصدر مصرفي، انّ ما يقوم به مصرف لبنان وما يحصل اليوم نتيجة ضخ الدولارات من خلال المصارف لخفض سعر الصرف في السوق، أمر غير مهمّ، رغم انّه قد يؤثر ايجاباً على الوضع المعيشي للمواطن، «ولو لفترة وجيزة وموقتة من ناحية تراجع الاسعار»، لكنه شدّد على انّه ليس الاسلوب السليم لمعالجة أزمة بهذا الحجم، «أن يبيع البنك المركزي العملة الاجنبية ليوم او أسبوع وشهر او شهرين، من اجل خفض سعر صرف العملة الوطنية، أمر بديهي، لكن أي دولار يبيع مصرف لبنان؟ ومن خارج إطار الاصول النقدية السليمة».

في المقابل، رأى المصدر انّ وقوف مصرف لبنان متفرّجاً في ظلّ تفاقم الأزمة، أمر غير طبيعي أيضاً، «وبالتالي فإنّ المطلوب معروف، وهو معالجة العلاقة المصرفية النقدية بشكل حقيقي، أي معالجة جدّية للقطاع المصرفي والودائع ومن ثم العملة المتداولة وسعر الصرف… اي المعالجة من رأس الهرم والتي نفتقدها اليوم. أما المعالجة من «الذنب» قد تخفّف لفترة معيّنة معاناة المواطن».

واشار الخبير المصرفي، الى انّ إذا كان مصرف لبنان ينوي بيع الدولارات المتبقية لتجفيف الليرة من السوق ، «فلا يوجد أي بنك مركزي في العالم يستطيع تجفيف العملة الوطنية من السوق من خلال بيع العملة الاجنبية. يمكن له التدخّل في سوق القطع وبيع العملة الاجنبية، ولكن التجفيف لا يحصل من خلال بيع الدولارات بل من خلال 3 أدوات: إما الاحتياطي الإلزامي او زيادة الفوائد على العملة الوطنية للتحفيز على عدم تحويلها الى عملات اجنبية، او من خلال ما يُسمّى بالعمليات النقدية في السوق، منها بيع الاوراق التجارية او سندات الخزينة او شهادات الإيداع».

وقال: «البنك المركزي يصدر العملة الوطنية، وبالتالي لا يمكن له استرجاعها وشرائها بالدولارات».

وبالنسبة لمشروع الموازنة وكيفية احتساب سعر الصرف، اعتبر المصرفي انّه يجب موازنة الإيرادات بالمصاريف الاضافية التي ستنتج من زيادة الرواتب والاجور، لأنّه لا يمكن الاستمرار بالرواتب الحالية، وبالتالي يجب البحث في كيفية منح عطاءات اضافية لموظفي القطاع العام، مرجّحاً ان يكون سعر الصرف المعتمد في مشروع الموازنة بين 6000 و8000 ليرة، «إلّا انّ هذه التقديرات تبقى نظرية لا تستقيم مع موازنة حقيقية، لأنّ اي سعر صرف سيتمّ اعتماده سيكون مبنيّاً او مستخدماً في عملية تحديد خسائر القطاع المصرفي، وبالتالي سعر صرف السحوبات النقدية المصرفية أي الودائع بالليرة اللبنانية».

وشدّد على وجود تعارض وخطأ كبير في عملية إعداد مشروع موازنة قبل معالجة الأزمة النقدية المالية والمصرفية. وبالتالي، في حال ارتفاع التضخم، وهو الامر المتوقع، فإنّ ذلك يستوجب تخصيص احتياط كبير من ضمن الموازنة، يفوق ربما رصيد الموازنة، من اجل مواكبة تقلّبات سعر الصرف المستقبلية. ورأى الخبير المصرفي انّه إذا لم تتضمّن الموازنة هذا الاحتياط، ستبقى موازنة نظرية ومجرد «تركيب أرقام» وليس حقائق، «لأنّ الموازنة ليست مجرّد أرقام بل سياسة الحكومة الاقتصادية المالية النقدية والمصرفية.

وإن لم تنعكس هذه السياسات في الموازنة، تصبح الاخيرة عملية محاسبية فقط. فهل ستجرؤ الحكومة على السير في هذا الاتجاه؟».

الجمهورية _ رنى سعرتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى