هل بدأت نسخة أخرى من «أوميكرون» بالانتشار؟
نسبياً، هدأت في الأيام القليلة الماضية عاصفة أرقام المؤشرات الأساسية في عدّاد كورونا. لم تعد احتمالات التحليق نحو ذروة جديدة قائمة، على الأقل في المرحلة الراهنة. ويأخذ الهبوط التدريجي في هذه المؤشرات – وإن كان لا يزال بطيئاً نسبياً – البلاد نحو استقرار نسبي. صحيح أن الأعداد اليومية للمصابين لا تزال تتخطى عتبة الخمسة آلاف، إلا أنها ليست معياراً إلزامياً لتقييم واقع الوباء، وإنما أقرب للدلالة على مدى انتشار الفيروس، من دون أن يعني ذلك أنه خطر.
ثلاثة مؤشرات أساسية هي الأصدق على التقييم، يرتّبها الدكتور عيد عازار، رئيس اللجنة التنفيذية للقاح كورونا، وفق التالي: الوفيات وإيجابية الفحوص والحالات التي تستدعي المكوث في المستشفيات. في المؤشر الأول، ثمة طمأنينة من نوع أن الموت الذي يحدث اليوم «لا تمكن مقارنته – على الأقل بالأرقام – بما حدث العام الماضي، إذ بدأت عدّها التنازلي». وثاني المؤشرات يتعلق بإيجابية الفحوص التي انخفضت خلال الأيام الـ 14 الأخيرة من 23% و«كسور» إلى 19.2%، وهو انخفاض يعوّل عليه. وإن كان لا يزال وفق المعايير العلمية رقماً «عالي الخطورة». إلا أن مجرد «الرجوع إلى الخلف فيه يعني أن الطريق نحو الاستقرار بات واقعاً». وهذا يعني، بحسب عيد والمتابعين لمسار الفيروس، أن سيناريوهات الـ»lockdown» في البلاد باتت أبعد. أما في ما يخصّ حالات الاستشفاء، فتشير الأرقام إلى أن نسبة الإشغال في المستشفيات انخفضت من 80% إلى نحو 68% في آخر الأرقام المحدّثة. وقد أرجع عازار السبب إلى أن متحوّر «أوميكرون»، فبحسب الدراسات «تبيّن أنه على عكس المتحورين السابقين (ألفا ودلتا) لا يتسبّب بحدوث التهابات رئوية حادة»، ما يخفّف من الضغط على القطاع الاستشفائي، خصوصاً أن آثاره الحادة «تأتي في الجزء العلوي من الجسم، وتحديداً الحلق»، على ما أعلنت سابقاً منظمة الصحة العالمية.
لكلّ هذه الأسباب، يشير عازار إلى أن «لا شيء حتى الآن، واستناداً للواقع الوبائي، يؤكد أن هناك موجة جديدة. والواقع اليوم لا يقارن بما حدث في العام 2021». لكن، رغم هذه «التطمينات»، ينبّه عازار إلى أن ما قد يأتي لاحقاً «يقرّره الفيروس»، أو بالأحرى تقرّره الـ»next mutation»! والسؤال هنا: هل حان الوقت للحديث عن متحوّر جديد؟ أو على الأقل طفرات جديدة؟
في بعض المختبرات وصلت نسبة الإصابة بالسلالة الجديدة إلى 25%
الجواب هو أن «تعديلاً» يطرأ على متحور «أوميكرون»، أو بتعبيرٍ أوضح: نسخة جديدة. إذ تشير الفحوص التي أجرتها بعض المختبرات في الأيام الماضية إلى انتشار «سلالة فرعية جديدة من متحور أوميكرون BA2»، على ما يوضح المسؤول في مختبرات «كوفيد 19» في الجامعة اللبنانية الدكتور فادي عبد الساتر، مشيراً إلى أن «بروفايل» بعض العينات «أظهر تغييراً في الطفرات». ففي السلالة BA1 المسيطرة اليوم، «يختفي الـS PROTEINE، أما اليوم فقد لاحظنا عودته، وقد وضعنا احتمالين: إما عودة متحوّر الدلتا والذي يظهر فيه البروتين أس، أو ظهور سلالة جديدة متحورة من أوميكرون». وقد استلزم ذلك إجراء كشف إضافي «بات بعده واضحاً أن ما من شك أن الإصابات الجديدة تحمل السلالة الجديدة من متحور أوميكرون». وبالأرقام، يورد عبد الساتر نموذجاً من أحد المختبرات «حيث تم تسجيل 70 إصابة بالـBA2 من أصل 271 فحصاً ايجابياً، وهذا يعني أن نسبة الإصابة بالسلالة الجديدة كانت بحدود 25%».
ماذا يعني ذلك؟ إن كان من الصعب اليوم إطلاق أحكامٍ صارمة عن العوارض المحتملة للسلالة الجديدة التي تتشارك بـ20 طفرة في البروتين الشوكي مع السلالة الأولى BA1 والتي تسيطر حالياً على معظم دول العالم، فيما تنفرد بـ12 طفرة غير موجودة في تلك السلالة، أقرب إلى التصديق أنها أسرع انتشاراً، وهو ما تشهده اليوم الدنمارك والهند التي تتسارع الإصابات فيها منذ ظهور سلالة «أوميكرون» الثانية. فهل نشهد نهاية الاستقرار؟ الجواب رهن الأيام الآتية.
الأخبار _راجانا حمية