مقالات

رائد خوري: إنها موازنة جمع أرقام ولا رؤية اقتصادية لها

لوزير الإقتصاد السابق رائد خوري نظرته الخاصة في امور الوطن والأزمة التي يعيشها لا سيما المالية والاقتصادية وهو غير متفائل بالمستقبل ويرى ان الموازنة التي يتم مناقشتها حاليا لا تلبي طموحات الشعب اللبناني وهي تفتقد الإصلاحات المطلوبه. كما يرى ان الرؤيه الاقتصاديه الصحيحه غير موجوده والخطه الحكوميه تؤدي الى مزيد من الانكماش والتدهور.

ويقول : لقد برهنت الطريقه المتبعه في إجراء الموازنات حتى الآن انها بدائية جدا ولا تلبي طموحات لبنان لأنها عمليا هي جمع أرقام بينما يجب ان تكون الميزانيه اليوم جزء من خطه شامله عنوانها الأساسي الإصلاحات المعروفه والأهم من ذلك كيفية توسيع حجم اقتصادنا لأن زيادة ايرادات الدولة تتم بطريقتين او بإبقاء الضريبه على ما هي عليه وتكبير حجم الإقتصاد او الإبقاء على حجم الإقتصاد الصغير مع رفع قيمة الضريبه وهذه الطريقه الأخيرة خطره جدا لأنها تزيد الانكماش وهي للأسف المتبعه حاليا إذ لا يوجد رؤيه واضحه في كيفية تكبير الإقتصاد. ان رفع الضريبه اليوم وسط حجم اقتصاد صغير هو انتحار لأننا لا نستطيع تحصيل الضرائب إذ ان الحركه الاقتصاديه ستخف ويزداد الانكماش ومن ناحية اخرى ندخل في دوامة تؤدي الى المزيد من الانكماش والعذاب .انا ارى ايضا ان الموازنه لا تستطيع ان تكون لسنة واحده انما لخمس سنوات للأمام. لنفرض ان الدوله اعتمدت خطه اقتصاديه ما ورأت بضرورة دعم بعض القطاعات فعليها ان تخفض لهذه القطاعات الضريبه وإعطائها بعض المحفزات والحمايه الجمركية والضرائبيه والعقاريه. ان هذا الأمر غير موجود حالياوانا أتساءل على اي أساس يتم وضع ميزانيه دون أية رؤيه؟! .. انها جمع ارقام والحجة الدائمة انه لا يوجد وقت كاف . فيها رؤيه اقتصاديه؟ ويعتبر خوري ان المفاوضات مع صندوق النقد الدولي هي لإرضاء صندوق النقد الدولي . انا لم ار شيئا في خطة التعافي وحتى معالمها غير ظاهره . ان الكلام اليوم يدور حول الإتفاق على الخسائر فماذا يعني هذا يجب بلورة كيفية توزيع الخسائر وكيفية النهوض بالاقتصاد والخطط المستقبليه. بإمكانهم التفاوض لمئة عام دون الوصول الى نتيجة. ان الحكومه اليوم هي حكومة انتخابات وستنتهي مدة ولاية مجلس النواب قريبا لذلك لا اعتقد انهم سيصلون الى اتفاق مع الصندوق ويتم تصديقه في مجلس الوزراء وينتقل بعدها الى النواب للتصديق عليه؟
ان كل عمل الوزراء والنواب خصوصا هو التفكير بالانتخابات وكيف يؤمنون الفوز بها . انا اجزم بأنهم لن يستطيعوا اتخاذ قرارات صائبة وموجعه فلا شخصياتهم ولا تاريخهم يوحيان بذلك كما ان ثقة الناس بهم قد انهارت لذا لا قدره لديهم على مواجهة الناس واقناعهم بشرب الكأس المر في سبيل قطع المرحله الصعبه . انهم لن يقوموا بالاصلاحات وقبل الانتخابات لن يحدث شيئ على هذا الصعيد.
ووازن خوري الصلاحيات الاستثنائية المعطاة لوزير المالية حيث اعتبر ان لهذا الأمر ناحيه ايجابيه واخرى سلبيه ففي الأولى لا نستطيع ترك اتخاذ القرار لمجموعه لا تستطيع الإتفاق لذا يجب حصره بشخص واحد اما الناحيه السلبيه فتتلخص بإساءة هذا الشخص التصرف والقيام بأمور خاطئه. انا ارى بغية تسريع الأمور لا بد من الوثوق بأشخاص معينين مع مراقبتهم وإمكانية نزع الصلاحيه منهم.
في لبنان لا احد يثق بأحد. هذه مشكلة تجعلنا عاجزين عن التقدم ويجب ايجاد طريقة نعطي من خلالها الصلاحيه لوزير الماليه مع إمكانية سحب هذه الثقة اذا أساء التصرف. أليس خطيرا إعطاؤه صلاحية تحديد الدولار الضريبي ؟ انا لهذا أقول اذا أساء استعمال صلاحيته يجب انتزاعها منه بطريقه قانونيه.
أليس خطيرا ان يكون القرار النقدي بيد حاكم المصرف المركزي والقرار المالي بيد وزير الماليه الذي كان أحد مساعديه سابقا؟

البديل
هل يوجد بديل عن ذلك؟.. لقد رأينا ممارسات الدوله وهي كلها هدر وفساد وسرقة وسوء إدارة وعجز وفشل . هل يجوز تسليم القرار لدولة اثبتت فشلها بإدارة البلد اقتصاديا وماليا وغيره . ان الدوله هي من كسرت القطاع المصرفي والمصرف المركزي .لقد أساءت إدارة البلاد. انها الحكومات المتعاقبه ومجلس النواب.
ويربط خوري وضع القطاع المصرفي بما يجري مع صندوق النقد انه مرتبط بالمفاوضات التي ستجري معه لقد انكسر القطاع المصرفي لأن الدوله لا تستطيع رد ديونها وحتى يتم الإتفاق على كيفية استعادة المصارف حقوقها من الدوله ومصرف لبنان لكي تعيدها بدورها الى المودع لن يتم شئ في القطاع حتى ذلك.
ان رأسمال المصارف كله هو 20 مليار ويبقى 80 مليار من سيتحملها ؟يجب أولا إبرام اتفاق مع الصندوق لتحديد الخسائر وان يتحمل كل طرف مسؤولياته اي الدوله أولا ثم المصرف المركزي والمصارف وبعض كبار المودعين . اذا لم نتوصل الى إتفاق فلا نستطيع معرفة وضع المصارف وكل ما يحكى عن الدمج لا قيمة له اذا لم يدخل الى البلاد رساميل جديده وهذا الأمر يحتاج الى ثقة تحتاج بدورها الى إتفاق مع الصندوق الذي يطلب رؤيه اقتصاديه مثمرة. ويعرب خوري عن عدم تفأؤله اذ يوجد مخاض وعلى الشعب اللبناني الانتخاب حسب مصلحته لا غريزته التي تفرز نوابا غير كفوءين لإدارة اكبر أزمة في تاريخ لبنان والعالم . على الأحزاب اليوم ان تطور نفسها وتفرز ممثلين عنها جديرين وإلا سيصغر حجمها مع الوقت .
لا بد ان يعي الشعب على مصلحته لكنني اعتقد بأننا سندخل في مخاض ولن يحدث التغيير في هذه الإنتخابات اننا سنحتاج لسنين عديده . اننا لا زلنا قاصرين في إدارة بلدنا وعلى المدى الطويل يوجد أمل يالتغيير. اذا حدث إتفاق إقليمي بين ايران والخليج ربما ستسير الأمور بشكل أسرع. للأسف اننا نتكل على الغير دائما. اننا محكومون بجهلنا أولا إذ أننا لا نعرف إختيار الأشخاص الذين يعملون للنهوض بالبلاد . كما ان القوى الخارحيه تحكمنا بتدخلاتها وكل القوى السياسيه تتمول من الخارج وهي مرهونه بقرارها لها واحيانا مصلحة البلاد تتعارض معها. وأتمنى خوري ألا تتأجل الإنتخابات. انه استحقاق دستوري مهم بعد أزمة كبرى. ويتحدث خوري عن ارتفاع اسعار السلع رغم تراجع الدولار فقال :عندما كنت وزيرا للاقتصاد استطعت وضع أناس في السجن وانا أقول لا شيء مستحيل .ان للوزير صلاحيات وباستطاعته بالتعاون مع القضاء والقوى الأمنية السيطره على الأمور. ان الصعوبة ليست بالصلاحيات فقط انما بقدرة المراقبين على القيام بأعمالهم بسبب كلفة التنقل الباهظه والمشكله تتوزع على نطاق البلاد وليست محصورة بمتجر واحد فكيف باستطاعتنا مراقبة البضاعه اذا تم شراؤها على سعر عال او منخفض؟ ان الطريقه الفضلى برأيي هي التسعير بالدولار والمحاسبه في المتجر حسب سعر الصرف اليومي . ان هذا الأمر يحتاج الى تعديل القانون المتعلق بالتسعير بالعمله الوطنيه أو ايجاد طريقه اخرى لمعالجة الأمر. ان مراقبة كل المتاجر في لبنان مستحيله ولا يمكن تحميل وزارة الإقتصاد اكثر من طاقتها. وابدى خوري اسفه لعدم استعانة الحكومة بخطة ماكنزي الموضوعة على الرف حاليا ,لانها تدرك انها حكومة انتخابات وستقوم بإجراءات سريعه الى جانب وضع الميزانيه والبدء بمفاوضة الصندوق . لكن كل خطه لا تتضمن رؤيه اقتصاديه منبثقه عنها استراتيجية ماليه ونقديه لا معنى لها

جوزيف فرح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى