لبنان

الرئيس عون يقدّم رسالة وتعهّد إلى اللبنانيين..جاء فيها!

لمناسبة انتهاء النصف الأوّل من الولاية الرئاسية، توجّه الرئيس ميشال عون برسالة متلفزة إلى اللبنانيين.

بدايةً، أشار الرئيس إلى أنه “سيقدم ما يشبه “كشف الحساب” بما التزم به في خطاب القسم، بما تحقق وبما لم يتحقق، وبما لا زال يعمل لتحقيقه، بالخطط الموضوعة وبالصعوبات التي واجهاته”.

ورأى أن “كشف الحساب هذا صار ضرورياً أكثر بعد حركة التظاهرات والاعتصامات التي حصلت مؤخراً وأسفرت عن استقالة الحكومة”، مضيفاً “التزمت في خطاب القسم بتأمين الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي، التزمت القضاء على الإرهاب، التزمت تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني، وإنجاز قانون انتخابي يؤمن التمثيل العادل لكافة مكونات الشعب اللبناني، التزمت العمل على تأمين عودة النازحين السوريين الى بلادهم، والتزمت مكافحة الفساد”.

وأردف، قائلاً: “الأولوية كانت للاستقرار الأمني والقضاء على الإرهاب لأنه الأرضية لأي استقرار آخر، وعليه اتخذنا القرار السياسي اللازم وأفضت التشكيلات الجديدة في الجيش والأجهزة الأمنية الى توحيد الجهود والتوصل الى اجتثاث المنظمات الإرهابية والقضاء على خلاياها النائمة”.

ولفت إلى أن “قمنا بتأمين الاستقرار السياسي وأولى موجباته إقرار قانون انتخابات يؤمن عدالة التمثيل وعلى الرغم من كل الصعوبات أُقر هذا القانون وانبثقت عن المجلس الجديد حكومة وحدة وطنية أمّنت الاستقرار المنشود وكان مفترضا أن تنصرف الى معالجة الأزمات التي تطوق الوطن وأولها الأزمة الاقتصادية”.

وأضاف، “عالجنا الشلل في العديد من مؤسسات الدولة من خلال سلسلة تعيينات وتفعيل دورها الذي كان مفتقداً لسنوات؛ وفي هذا الإطار أتت التعيينات القضائية مؤخراً والاصلاح القضائي الذي هو عملية مستدامة، لأن القضاء ينقّي ذاته بذاته إذا ما ارتفعت يد السياسيين عنه”.

وتابع، “عملنا على عودة المالية العامة لكنف الدستور وقانون المحاسبة العمومية، فتم إصدار 3 موازنات بعد 12 عاماً على صرف مخالف للدستور، كما وإحالة موازنة 2020 الى مجلس النواب ضمن المهلة الدستورية لأول مرة منذ زمن، بنسبة ضئيلة من العجز ومن دون زيادة ضرائب مع سقف للاستدانة وتخفيض جذري للنفقات”، مشيراً إلى أننا “رفضنا التسويات على الحسابات المالية، ونتيجة ذلك أُعيد تكوين الحسابات المالية منذ العام 1993 الى اليوم وأُحيلت الى ديوان المحاسبة للتدقيق قضائياً بصحتها”.

واعتبر عون أن “الأزمة الاقتصادية الضاغطة ناتجة عن تراكم سياسات اقتصادية ومالية غير ملائمة، واتساع مزاريب الهدر والفساد، معطوفة على أزمات المحيط وحروبه. ولأن لبنان يمتلك ثروة في بحره وباطن أرضه، أصريت أن يكون البند الأول من جدول أعمال الجلسة الأولى للحكومة إقرار مراسيم استخراج النفط والغاز”.

ولفت إلى أنه “بُذلت جهود كبيرة للمعالجات الاقتصادية ولكنها لم تأتِ بالنتائج المرجوة بعد؛ فالخطة الاقتصادية الوطنية لا تزال بانتظار إقرارها، ومشاريع البنى التحتية التي سيتأمن تمويلها من مؤتمر سيدر مجمّدة، ولكن من المفترض أن تتحرك بعد أن استجابت الحكومة المستقيلة لمعظم الشروط الموضوعة”، مشيراً إلى أن “الحكومة استقالت وبات الملف الاقتصادي الثقيل بانتظار الحكومة الجديدة التي يجب أن تضعه على السكة الصحيحة والسريعة”.

وقال: “منذ تسلمي الرئاسة حملت ملف النازحين السوريين الى المنابر الدولية والعربية، وكان محوراً أساسياً خلال لقاءاتي مع الموفدين الدوليين، فشرحت الأعباء المترتبة عنه على لبنان، ودعوت الى إيجاد الحل له بمعزل عن الحلول السياسية”، مضيفاً “الإجابات العربية والدولية على طرحنا بملف النازحين كانت تقريبا واحدة: كلام منمق عن الدور الانساني للبنان وكلام سياسي عن ربط العودة بالحل السياسي، مع ضغوط لإبقاء النازحين حيث هم لاستعمالهم ورقة ضغط عند فرض التسويات السياسية وهذا ما رفضه لبنان بشكل قاطع وهو اليوم يدفع ثمن هذا الرفض”.

وتوجّه الرئيس عون إلى اللبنانيين، والمواطنين المشاركين بالاعتصامات، وخصوصا الشباب منهم، قائلاً: “على الرغم من الضجيج الذي حاول أن يخنق صوتكم ويذهب به الى غير مكانه، تمكنتم من إيصال هذا الصوت الذي طالب بحكومة تثقون بها، وبمكافحة الفساد الذي نخر الدولة، وبدولة مدنية حديثة تنتفي فيها الطائفية والمحاصصة”.

وأضاف، “إن تشكيل الحكومات في لبنان عادة ما يخضع للعديد من الاعتبارات السياسية والتوازنات، وقد تكون هذه التوازنات هي من أهم أسباب الفشل المتكرر وعدم الوصول الى الخواتيم السعيدة في العديد من المشاريع”، مشيراً إلى أن “الحكومة المستقيلة قامت بعدد من الخطوات الشاقة، وأقرّت خططاً ومشاريع مهمة، ولكن مشكلتها كما سابقاتها، أن المقاربات فيها سياسية أكثر مما هي تقنية وتنفيذية، وشرط الاجماع الذي اعتمده البعض حال دون التوصل الى الكثير من القرارات الضرورية”.

وعن الحكومة المنتظرة، قال الرئيس: “اليوم نحن على أبواب حكومة جديدة، والاعتبار الوحيد المطلوب هو تلبية طموحات اللبنانيين ونيل ثقتهم كما ثقة ممثليهم في البرلمان، لتتمكن من تحقيق ما عجزت عنه الحكومة السابقة وهو إعادة للشعب اللبناني ثقته بدولته”.

وتابع، “يجب أن يتم اختيار الوزراء والوزيرات وفق كفاءاتهم وخبراتهم وليس وفق الولاءات السياسية أو استرضاءً للزعامات؛ فلبنان على مفترق خطير خصوصاً من الناحية الاقتصادية وهو بأمسّ الحاجة الى حكومة منسجمة قادرة على الانتاج، لا تعرقلها الصراعات السياسية والمناكفات، ومدعومة من شعبها”.

وكرّر ندائه للبنانيين بـ “الضغط على نوابهم لإقرار القوانين التالية: إنشاء محكمة خاصة بالجرائم الواقعة على المال العام، إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، استرداد الأموال المنهوبة، ورفع الحصانات ورفع السرية المصرفية عن المسؤولين الحاليين والسابقين وكل من يتعاطى بالمال العام”.

وتعهّد الرئيس عون إلى اللبنانيين، بـالتالي:

“متابعة الحرب على الفساد عن طريق التشريع اللازم والقضاء العادل والنزيه بعيداً عن أي انتقائية أو استنسابية، وأيضاً بعيداً عن أي تعميم”.

بالدفع باتجاه اقتصاد منتج والاستفادة من قدرات دولتنا وثرواتها وقطاعنا الخاص والمصرفي لاعتماد سياسات مالية صحيحة ولتمويل مشاريع منتجة تخلق فرص عمل للبنانيين وتحد من هجرة الأدمغة والكفاءات.

ببذل كل الجهود لإقامة الدولة المدنية العصرية والتخلص من براثن الطائفية التي تشكل الخاصرة الرخوة لوطننا ومجتمعنا، وأول خطوة بهذا الاتجاه هي قانون موحّد للأحوال الشخصية”.

وتوجّه الى جميع القيادات والمسؤولين، بالقول: “بقدر ما أن التحركات الشعبية المطلبية والعفوية محقة وتساهم في تصويب بعض المسارات، فإن استغلال الشارع في مقابل شارع آخر هو أخطر ما يمكن أن يهدد وحدة الوطن وسلمه الأهلي، ويقيني أن أحداً لا يمكنه أن يحمل على ضميره وزر خراب الهيكل”.

وفي الختام، توجّه إلى شباب لبنان بالقول: “لطالما كنتم نواة شعب لبنان العظيم وقلبه النابض ولطالما كان إيماني بكم كبيرا وبقوة التغيير التي تمثلون، لبنان اليوم يمر بأزمة حادة، ولكننا شعب لا تضعفه الأزمات، وعبور هذه الأزمة هو مسؤوليتنا جميعا، فلا تسمحوا لأحلامكم أن تتهاوى أمام توظيف من هنا واستغلال من هناك”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى