عربي و دولي

“يديعوت أحرنوت”: بعد دخول الحرب على غزة إلى منعطف حرج.. كيف تُخطط “إسرائيل” لإنهائها؟

تحدّث المحلل العسكري الإسرائيلي، رون بن يشاي، في مقال له في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، عن خطتان مطروحتان في الأرواق السياسية لإنهاء الحرب على قطاع غزة في الربيع المقبل، مشيراً إلى أنّ الخطة الأولى مطروحة من جانب عضوا “كابينت” الحرب الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، وبيني غانتس، في مقابل خطة رئيس “الكابينت” بنيامين نتنياهو.

وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:

وصلت الحرب على غزة هذه الأيام، في جميع الساحات، إلى منعطف حرج، يتطلب من صناع القرار في “إسرائيل” صياغة خطة استراتيجية لإنهائها.

بين “الكابينت” المقلّص، يجري صياغة خطتين على الأقل من هذا القبيل، واللتان من المفترض أن تضمنا تحقيق كل – أو الغالبية العظمى – من أهداف الحرب في جدول زمني مقبول، لكل من “إسرائيل” والأميركيين وحلفائهم. الخطة الأولى هي خطة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ومبعوثه الوزير رون درمر، والثانية هي خطة الوزيرين بيني غانتس وغادي آيزنكوت.

وبحسب الصحيفة، لا يوجد فروق جوهرية بين الخطتين، إلاّ في الجداول الزمنية، وحقيقة أنّ غانتس وآيزنكوت مستعدان للكشف مبدئياً عن موقفهما ومناقشته في “الكابينت” دفعةً واحدة، في حين أنّ نتنياهو قلق من رد فعل شركائه في الائتلاف على بنود مختلفة، وبالتالي فهو غير مستعد لمناقشتها حتى في “الكابينت” المقلص. وفي الوقت نفسه، يتفاوض سراً على خطته مع كبار مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، غالباً عن طريق درمر.

يقترح غانتس وآيزنكوت هدنة طويلة في القتال، لغرض تحقيق صفقة لإعادة الأسرى، لكن في الوقت الذي تُعطي فيه الأولوية لتحرير كل الأسرى، فإنّها “لا تتخلى عن هدف تفكيك حماس من قدراتها العسكرية والحكومية وتحقيق الأمن لمستوطني الجليل”.

هدف آخر لخطتهم، هو تعزيز الشرعية والمساعدة العسكرية والسياسية من الإدارة الأميركية، بحيث يُمكن لإعلان إسرائيلي عن توقف طويل في القتال، من أجل تنفيذ صفقة الأسرى أن يخفف بشكل كبير الضغط في الداخل والخارج على بايدن، الذي يخوض حملة انتخابية رئاسية، ومهدد سياسياً بسبب دعمه لـ”إسرائيل”، والمطالب من الجناح التقدمي لحزبه، ونسبة كبيرة من ناخبيه، بوقف القتال، أول على الأقل الغارات الجوية.

لذلك، يُمكن لبايدن أن يدّعي أنه أوصل إلى وقف القتال، لكن يجب أن يحدث ذلك بحلول حزيران/يونيو (قبل نحو 5 أشهر من انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر)، وفقاً لتقديرات سياسية أميركية، قُدّمت مؤخراً لنتنياهو وغانتس بشكل منفصل.

ما تطرحه خطة غانتس وآيزنكوت أيضاً هو أنّه خلال فترة الهدنة الطويلة، سوف يستعد “الجيش” الإسرائيلي بشكل مكثف لاستئناف القتال، بحيث سيقوم “بتدريب قواته، وخاصة وحدات الاحتياط، وبتجديد مخزون الذخائر وتحديث أساليب وخطط القتال في غزة أو في الساحة الشمالية، إذا لم يتم التوصل إلى تسوية دبلوماسية في هذه الأثناء تُبعد حزب الله عن الحدود”.

ومن أجل تنفيذ الخطة الاستراتيجية التي يدفع غانتس وآيزنكوت علناً من أجل تنفيذها، يجب على “إسرائيل” اتخاذ الخطوات التالية:

1. إظهار أقصى قدر من المرونة في المفاوضات المكثفة، بشأن تفاصيل ومراحل صفقة الأسرى، والتي سيجري تنفيذها بشكل أو بآخر وفقاً لمخطط باريس الذي صاغه الوسطاء و”إسرائيل”، “قبل دخول رفح عسكرياً”، إذ بالنسبة إلى غانتس وآيزنكوت، “فإنّ ذلك يمكن أن يحدث بعد الهدنة وإعادة الأسرى”.

2. نقل المساعدات إلى قطاع غزة مباشرةً من “إسرائيل” عبر المنظمات الدولية غير “الأونروا”.

3. البدء بخطوات لإقامة حكم مدني في قطاع غزة، “حتى لو لم يتم القضاء على يحيى السنوار وحماس بشكل كامل”.

4. إنهاء “إسرائيل” المفاوضات مع مصر، بشأن منع دخول اللاجئين من قطاع غزة إلى أراضي سيناء، عندما “يدخل الجيش الإسرائيلي إلى رفح براً”، إذ تجري هذه المفاوضات بالفعل، من جانب وفود من “إسرائيل” (برئاسة رئيس الشاباك رونين بار ورئيس الاستخبارات العسكرية أهارون حاليفا) ومصر (برئاسة رئيس المخابرات عباس كامل).

في موازاة ذلك، يقترح رئيسا الأركان السابقان البدء في تنفيذ المخطط السياسي الأميركي لليوم التالي:

1. تطبيع العلاقات مع السعودية بعد أن تعطي “إسرائيل”، التزاماً بدرجة من الغموض للدخول في حوار سياسي، بحيث إنّ تطبيع العلاقات سيجعل من الممكن إكمال عملية توقيع اتفاقية دفاع بين الولايات المتحدة والمملكة، وسيمنح بايدن إنجازاً تاريخياً يحتاجه بشدة في معركته من أجل ولاية أخرى.

2. التوصل إلى اتفاق لتمويل إعادة إعمار قطاع غزة في إطار تطبيع العلاقات مع السعودية.

3. الاستمرار بإنشاء منطقة أمنية عازلة في قطاع غزة، بعرض 1000-1200 متر، تكون تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك وجود دائم أو متحرك.

4. إجراء مفاوضات بشأن تسوية دبلوماسية في الشمال، تُبعد حزب الله مسافة 8-10 كيلومترات عن الحدود وتسمح بعودة الذين تم إخلاؤهم.

5. تحتفظ “إسرائيل” بالحق في العمل للدفاع عن أمنها من خلال أنشطة استخبارية وعملياتية إحباطية لـ”الجيش” الإسرائيلي والشاباك داخل قطاع غزة في جميع الأوقات.

في محصّلة هذه الخطة، يمكن الاستنتاج أنّ غانتس وآيزنكوت يسعيان لاستبعاد حماس من السلطة في قطاع غزة، وإعادة الأسرى، وفرض سيطرة أمنية في القطاع بموافقة الولايات المتحدة، والتوصل إلى اتفاق يُبعد حزب الله عن الحدود الشمالية، ودفع التطبيع مع السعودية ودول عربية أخرى.

في المقابل، ينوي نتنياهو أيضاً تحقيق أهداف الحرب وتطبيع العلاقات مع السعودية، لكنّه يفضّل تعريف ذلك على أنه “انتصار مطلق” يعتقد أنه سيتحقق في غضون فترة زمنية قصيرة.

وهو أيضاً معني جداً بالتوصل إلى صفقة لإعادة كل الأسرى، إن أمكن قبل شهر رمضان هذا العام، الذي يصادف في 10 مارس/آذار. لكن في الوقت الحالي لا يبدو ذلك ممكناً بسبب المطالب التي تفرضها حماس، والتي ترفض المساومة عليها.

يأمل نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت في تحقيق هزيمة عسكرية مطلقة لحماس وقيادتها في غزة أو تحييدهما من خلال السيطرة على رفح – قبل أو خلال شهر رمضان. فمن وجهة نظرهما، يمكن لدخول رفح، حتى لو يؤدِّ على الفور إلى القضاء على قيادة حماس، أن يُلين موقف  الحركة، ويمكّن من التوصل إلى اتفاق لإعادة الأسرى، وسيجعل من الممكن اتخاذ القرارات من موقع قوة حيال اليوم التالي، بما في ذلك فيما يخص محور فيلادلفيا والشمال.

بعبارة أخرى، يراهن نتنياهو على “انتصار عسكري” يمنحه كل أهداف الحرب من دون أن يضطر إلى التنازل ومواجهة شركائه في الائتلاف بشأن ثمن إعادة الأسرى. لذلك، يحثّ رئيس أركان “الجيش” الإسرائيلي هرتسي هليفي على استكمال تفكيك حماس في خان يونس والبدء في السيطرة على رفح. لكن هليفي يشدد على أنّه لا يزال بحاجة إلى وقت لإنهاء العمل في خان يونس، وبضعة أسابيع أخرى لتنفيذ خطة إخلاء رفح من نحو مليون نازح من سكان غزة. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة أيضاً إلى اتفاق مع المصريين.

لذلك، يحاول نتنياهو الآن جر الوقت، وقد أخّر نقل رد “إسرائيل” على رد حماس في موضوع الأسرى. وفي موازاة ذلك، تتزايد الخشية من شركائه في الائتلاف بسبب المطالب التي قدمها إليه كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، التي تفضي إلى صفقة إقليمية تحقق فيها “إسرائيل” تطبيع العلاقات مع السعودية.

لكن الطلب السعودي بأن تعلن “إسرائيل” استعدادها للموافقة على مفاوضات بشأن إقامة دولة فلسطينية غير مقبول بالنسبة إلى إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. لذلك، لا يقدم نتنياهو خطته في مجلسي الكابينت (المقلص والموسع)، ولا حتى للجمهور. لكن من المرجح أنه في نهاية المطاف سيأتي وقت لن يكون أمامه فيه خيار سوى اتخاذ قرار.

من المحتمل أن تأتي هذه اللحظة هذا الربيع، قرابة نيسان/أبريل ومايو/أيار، والذي يبدو أنه التاريخ الذي ستكون فيه صفقة الأسرى في ذروتها. بحلول ذلك التاريخ، من المحتمل أن تنتهي المرحلة الثالثة من القتال العنيف في غزة والانتقال إلى المرحلة الرابعة – السيطرة الأمنية على قطاع غزة، التي تنهي عملياً الحرب في الجنوب.

في ذلك الوقت، يأمل نتنياهو في تطبيع العلاقات مع السعودية، التي، وفقاً لمصادر مطلعة، أبلغت الأميركيين أنّها مستعدة للقيام بذلك والمشاركة أيضاً في إعادة إعمار غزة.

ووفقاً لهذه التوقعات، التي تتشاركها واشنطن ونتنياهو، فإنّ الوسيط الأميركي عاموس هوكستين سيكون قد أحرز حينها أيضاً تقدماً مهماً نحو تسوية دبلوماسية تُبعد حزب الله عن الحدود وتمنع نشوب حرب محدودة في لبنان. حتى الساعة، هذه هي في الواقع خطة الإنهاء الإسرائيلية للحرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى