الراعي: ندعو المواطنين جميعاً إلى الإقبالِ الكثيفِ على الإقتراعِ لأنّه لحظةُ التغيير
قال االبطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في عظة الاحد، “فيما نتطلّع إلى مستقبل شبابنا الجامعيّ، يؤلمنا جدًّا أن نرى الجامعة اللبنانيّة، التي تضمّ ستّة وسبعين ألف طالب وطالبة، تترنّح بسبب إهمال السلطة السياسيّة لها، هي التي أعطت لبنان بعضًا من خيرة علمائه ومثقّفيه. فيجب العناية بها كحدقة العين لكي تستعيد ماضيها. فالمطلوب:
أوّلًا، من السلطة السياسيّة المعنيّة تسهيل إنجاز ملفّاتها المتعثّرة، ومن أهمّها تعيين العمداء، وتأليف مجالسها.
ثانيًا، من الشركات التي اعتمدت مختبرات الجامعة لإجراء فحوصات PCR للمسافرين على مدى سنتين واحتفظت بالمال الذي دفعه هؤلاء، ويبلغ نحو خمسين مليون دولارًا، أن تسلّمه لإدارة الجامعة بالدولار النقديّ، من باب العدل والإنصاف. فيتمكّن القيّمون على الجامعة من إنعاشها من جديد وتطويرها، وانصاف أساتذتها وموظّفيها، والقيام بالتجهيزات التي من شأنها أن ترفعها من جديد إلى المستوى المطلوب، لا سيما بعد أن تعيّن للجامعة رئيس جديد مندفع للعمل ومؤهّل تمامًا لهذا المنصب، وعلمًا أنّ الموازنة المقرّرة لها هي دون إمكانيّة تغطية حاجاتها”.
واضاف الراعي “بدأت الانتخاباتُ النيابيّةُ في بلدان الانتشارِ، فإنّا نُثمِّنُ دورَ الحكومةِ والوزراء المعنيّين وأركانِ السفاراتِ والبعثات الدبلوماسية على حسنِ إدارة هذه العمليّة. لقد رأينا اللبنانيّات واللبنانيّين يَتوجّهون إلى مراكزِ الاقتراع، ومعالمُ القهرِ والغضبِ والأملِ باديةٌ على وجوهِهم وفي تصاريحهم. كانوا مقهورين لأنّهم اضْطُرّوا إلى مغادرةِ لبنان تاركين بيوتهم وعائلاتِهم. وكانوا غاضِبين على الّذين تَسبَّبوا بهجرتِهم القسريّةِ لاسيّما في السنواتِ الثلاث الأخيرة. وكانوا متأمِّلين بأن تساهمَ مشاركتُهم الكثيفةُ في الاقتراعِ في التغيير السياسيِّ فينحَسِرَ هذا الليلُ الدامسُ وتَتحسّن الأوضاعُ ويَعودون إلى لبنان. وقد لاحظنا أنّهم بغالِبيّتِهم في عمرِ الشبابِ وفي عزّ العطاء، فهل تَعي الجماعةُ السياسيّةُ أيَّ لبنانيّين هَجَّرت ومدى الأذى الذي ألـحَقته خِياراتُها وأداؤها وفسادُها بأجيالِ لبنان ومستقبلِ هذه الأمّة العظيمة؟”.
وتابع “بانتظارِ يوم الانتخاب في لبنان، ندعو المواطنين جميعًا إلى الإقبالِ الكثيفِ على الاقتراعِ لأنّه لحظةُ التغيير وإلا “لاتَ ساعةَ مَنْدَمِ”. مِن الانتخاباتِ النزيهةِ تَبدأ الديمقراطيّةُ الصحيحة، ومن كثافةِ الاقتراعِ الواعي والحرّ تَستمِدُّ الانتخاباتُ شرعيّــتَها الشعبيّةَ مع شرعيّتِها الدستوريّة. أن يَنتخبَ المواطناتُ والمواطنون هو أن يُوكِلوا وطنَهم ودولتَهم ومصيرَهم إلى مَن يختارون من بينِ النساءِ والرجال المرشَّحين. إنّها لَـمسؤوليّةٌ جسيمةٌ تَستدعي التأنّي والمقارَنة والتقييمَ ثم الاختيار. لا تجري الانتخاباتُ لاختبارِ مدى احترامِ تداولِ السلطةِ فقط، بل لاختبارِ مدى حيويّةِ المجتمِع اللبناني في ممارسةِ الفعلِ الديمقراطي، ومدى حماستِه للتغييرِ السياسيّ. فلا يأملُ شعبٌ أن يَحظى بحوكمةٍ رشيدةٍ إذا كان اختيارُه لممثّليه سيّئًا”.
واشار الراعي الى انّ “معيار الإختيار الإنتخابيّ اليوم هو الوقوف أمام الأهوالِ والمآسي والكوارث، والشهداءِ والضحايا والمصابين والدمار، بعد تفجيرِ مرفأ بيروت، والانهيارِ الاقتصاديِّ والماليّ، وحالة الجوعِ والفَقرِ والعَوزِ والتهجيرِ وفِقدانِ الغذاءِ والدواء، وتعطيلِ المؤسّساتِ وضربِ القضاءِ والهيمنةِ على الدولةِ وقرارِها الوطنيّ، وترك الحدود سائبة لكلّ أنواع التهريب دخولًا وخروجًا. آن الأوان أن تستيقِظ أيّها الشعبُ اللبنانيّ. إن عمليّةَ إنقاذ لبنان الديمقراطيّ ممكنةٌ، بل حتميّةٌ إذا انبثق حكمٌ وطنيٌّ جديدٌ بعد الانتخاباتِ النيابيّةِ، قادرٌ على مصالحةِ الشعبِ مع دولتِه ومصالحةِ الدولةِ مع العالم”.
وقال: “تتواصل إلينا يوميًا صرخة مودعي الأموال في المصارف، وهم في ضائقةٍ حادّة للعيش والإستشفاء، وتحويل المال لأولادهم طلّاب الجامعات في الخارج. ويعانون من حجب النقدِ الأجنبيِّ، والتَقنينِ المتزايدِ للسحوباتِ بالليرةِ اللبنانيّة، وعدم تزويدِ ماكينات السحبِ الآليِّ بالأموالِ الكافيّة، وتعقيدِ الدفعِ ببطاقاتِ الائتمان، وعدم التعاملِ بالشيكات فيُضْطَر الناسُ إلى بيعِها إلى الصيارفةِ بأقل من قيمتِها وهي شيكاتٌ غالبًا ما تكون لتغطيةِ الأجورِ الشهريّةِ وتعويضاتِ التقاعد وغيرها”.