المرتضى في عيد المقاومة والتحرير: شرط الحق ألا يلين له جانب
وجّه وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى كلمة لمناسبة عيد المقاومة والتحرير، قال فيها: “كانت أصواتهم أعلى من صباحات قراهم، وخطاهم توسع دروبها شوقا إلى فوق. لم يصعدوا هم إلى ترابهم، بل السماء التي هربت منها الطائرات، هي نزلت للقائهم، وراحت تعد لهم أعراس الحنين، وتعد جباههم واحدا واحدا، ورصاصهم طلقة طلقة، وفرحهم قرية قرية. يومذاك صار التبغ أطيب والزيتون أجود، وتشابكت الهضاب في دبكة جنوبية الانتصار، حتى موج البحر ما بين الناقورة وصيدا صار ملحه أشد حلاوة حين أخبرته النسائم الشرقية أن معتقل الخيام تهاوى، وبوابة فاطمة انفرجت أساريرها للعابرين، وأن بنت جبيل وميس الجبل ومارون الراس ورميش ومرجعيون وحاصبيا، رجعت إلى حضن لبنان لتحتضن هذا الوطن الجميل كله”.
أضاف: “لم يكن التحرير إذا خروج عدو بل عودة أرض. “قرى من زمرد عالقات في جوار الغمام زرق الضياء” كما كتب سعيد عقل، عادت إلى حيث منبتها الأول، ومسكنها الذي نسيها سحابة عقود. لذلك كان إهداء السيد لفرح التحرير إلى الوطن كله، فعل إيمان بانتماء، أو إذا شئتم بلغة القانون، طلب إعادة قيد على سجل الدولة”.
وتابع: “نعم لقد عادت الدولة إلى الجنوب وعاد إليها جنوبها، وهي الآن فيه بملء سلطانها لا يشاركها فيه أحد. لكن العدو ظل يبيت شرا في البر والبحر والجو: إن سنحت له فرصة صغيرة قصف أو خطف، أو اعتدى على ثروة في أسفل الموج، وإن سنحت له فرصة كبيرة أشعل حربا في تموز، لذلك ليس إلا ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة من يقف له بالمرصاد، وليس إلا الجباه العالية والزنود العامرة، في الجنوب الذي هو مخزن الكرامة الوطنية، من ظل على عهد المقاومة والدفاع وبث الرعب في نفوس الأعداء، حتى يوقنوا أنهم إلى زوال أمام حقنا الأبدي في أرضنا المقدسة. هكذا بالدم المسكوب والعزائم الصلبة تحققت السيادة واستقام معناها حين تكلمت بلسان من النصر جنوبي مبين”.
وأردف: “من تحرير على قمة القرن العشرين، إلى انتصار بعد ست سنين، إلى تحرير فانتصار آخرين على الليل الهاجم من جهة الشرق، إلى صمود أذهل العالم، كان العيد عندنا يزحم العيد والفرح ينجب الفرح، لولا الأشد مضاضة من ظلم ذوي القربى. رب دم سال على الحدود أو فوق الجرود، كان يكفيه تشبث الجميع بالوحدة الوطنية ليزهر ياسمينا وشقائق نعمان. رب صاروخ متربص بالعدوان، كان يكفيه لو يربت اللبنانيون جميعهم على فولاذه ليصير أقوى. رب شهيد عاملي أو هرملي أو من أي نسبة أخرى، ارتفع من أجل الله والوطن، كان يكفيه ألا يقول له بعضنا أف، ليظل في موته مفزعة الأعداء. رغم ذلك ما زال الدم يزهر والصاروخ يقوى، وظل الشهيد يقض مضاجع اليهود، لكن أنتم يا بني أمي! لماذا ترفعون الحناجر ضد عقولكم؟ لماذا تخاصم ميامنكم مياسركم؟ ومن أجل من؟ هل يهدم أحد بيته بيده ويسكن العراء”.
وختم: “التحرير احتضان والانتصار عناق. وبناء الوطن يبدأ من الحفاظ على مصادر قوته. لقد أثبت التاريخ لمن يقرأه ويتعظ، أن شرط الحق ألا يلين له جانب. هذا نقوله في الدين وفي القضاء ونقوله في الوطنية وفي العروبة والإنسانية. ليس هذا الحصار الذي يحيق بنا سوى عدوان يستهدف وحدتنا وصمودنا، لتنتشر بيننا نار الفتنة فيستأنف الاحتلال انتهاكاته وحروبه ضدنا، في غفلة منا. لكن هذا لن يكون”.