لبنان

الأخبار: الدولة لا تسدّد كلفة الطبابة في السجون: «ما في غير الـ Panadol»

كتبت الأخبار: 

يشكو أحد السجناء في رومية ألماً شديداً في صدره، حالته غير مستقرة والسبب مجهول. كيف لا، والسجن يخلو من الأطبّاء المتعاقدين مع المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي المضربين عن تغطية الخدمات الطبّية منذ مطلع تموز المنصرم (راجع «الأخبار»، 12 تموز 2023، «سجن رومية بلا أطبّاء!»). يبدو أن المعاناة والمشكلات لا تفارق السجون ولا حتى أماكن الاحتجاز. والحلول المؤقتة التي تقدمها القوى الأمنية مع بعض المعنيين والجمعيات، لا تجدي نفعاً مع سجون تفتقر لأدنى المعايير الدولية، وتواجه صعوبات جمّة في تأمين الاحتياجات الأساسية للسجناء، مع استحالة تحَمُّل الكثير منهم وأهاليهم كلفة الاستشفاء على نفقتهم الخاصة بعدما أصبحت الفواتير بالدولار. فهل بإمكان بعض الجمعيات والمؤسسات الدولية وحدها سَدّ فراغ الأطبّاء وتأمين بدل أتعابهم لتوفير الرعاية الصحية للسجناء؟

«ما في غير الـ Panadol» يقول كريم، أحد نزلاء سجن رومية. إنه الجواب الوحيد لكل مَن يشكو أي عارض صحي. «ما في طبيب معاين بيقدر يجي يساعدني وصعبة يتأمّنلي الدوا»، وفي حال احتاج إلى دخول مستشفى، عليه أن يتحمّل التكاليف جميعها، «الروحة على حسابي». لا يجد كريم جدوى من حديثه عن أي موضوع يتعلق بحال السجون. فبالنسبة له، وربما للكثير من السجناء، «الكلام ما بقا ينفع. صرلنا سنين منحكي وما حدا بلاقي حل حقيقي ودائم».

تجد أم خالد صعوبة بتأمين تكاليف عملية ابنها النزيل في رومية، مع عدم وجود طبيب لمعاينته والتأكد من حالته (انسداد في الأمعاء) وإعطائها التقرير اللازم وخصوصاً أنه يعاني مشاكل صحية ونفسية أخرى «صعبة دبّر مصاري بالدولار للمستشفى ووضعه الصحي مش معروف، ما بقدر اتديَّن وخاطر آخذ ابني على العملية ليموت من التقصير». كما أنها تؤمّن على نفقتها الأدوية الخاصة بعلاج مشكلاته النفسية (Risperdal وRemeron وSeroquel XR).

إضراب الأطبّاء!

مع استمرار إضراب أطبّاء الصحة العامة منذ شهر، يستعان في السجن المركزي، وفق رئيس جمعية «عدل ورحمة» الأب نجيب بعقليني، بالضبّاط الأطبّاء. إلا أن النقص ما زال موجوداً والوضع الصحي للسجناء من سيّئ إلى أسوأ.

يضيف بعقليني لـ«القوس» أن الاكتظاظ وعدم تسريع المحاكمات لا يزالان من المشكلات الأساسية التي تعانيها السجون منذ سنوات. وكل ذلك يؤثر بطريقة سلبية على الاحتياجات الأساسية للنزلاء كون الموارد محدودة. فالوضع الصحي «حدّث ولا حرج». مشيراً إلى أن الجمعية تؤمّن، بالتعاون مع جمعيات أخرى، الكلفة اللازمة في حال تطلب الأمر إجراء عملية لأحد السجناء أو تأمين أدوية ناقصة. (للاطّلاع على واقع السجون، راجع صفحة 8، «ذاك المكان..»).

تشير إحدى الجمعيات التي تعمل في سجون النساء (زحلة وبعبدا وطرابلس وبربر خازن) إلى إضراب الأطبّاء في سجن طرابلس الذي يعاني أيضاً نقصاً في الأدوية يغطيه الأهالي وبعض الجمعيات. أما في سجن زحلة فيحضر الأطبّاء مرّة كل أسبوعين. ويعود سبب الإضراب إلى عدم قدرة تحمّل «معالجي المرضى» المجيء إلى السجن مقابل بدل مالي لا يغطي حتى كلفة النقل.

الحل بالمال
«يوميتي ما بتتعدّى الـ800 ألف ليرة وبدك إقدر إجي 3 مرات عالسجن؟ انبحّ صوتنا من الحكي»، يقول أحد الأطباء المتعاقدين مع سجن رومية لـ«القوس»، مضيفاً إن منظمة الصليب الأحمر ساعدت الأطبّاء لمدة مؤقتة، لتتفاقم المشكلات من جديد فلم يعودوا قادرين على التحمّل. إذ يعاني سجن رومية مثل أغلبية السجون نواقص كثيرة أهمّها تراجع الطبابة وفقدان الأدوية. والمشكلة، وفق الطبيب، تكمن في «المعاشات»، و«الحل بالمصاري وبإعطائنا حقنا لنعيش».
هناك فارق كبير بين طبيب صحة عامة يختار العمل داخل السجون مقابل بدل لا يتخطى مليون ليرة، وآخر يتراوح الكشف الطبي «الفحصية» في عيادته بين 20$ و50$. صحيح أن بقاء السجناء من دون طبيب أمر في بالغ الخطورة، لكن من العدل والإنصاف إعطاء الأطبّاء المتعاقدين مع السجون بدل أتعاب يحافظ على كرامتهم ويمكّنهم من الاستمرار في تقديم خدماتهم الإنسانية بيُسر.

3 مرّات أسبوعياً
«ينبغي على الأطبّاء أن يزوروا السجن ثلاث مرّات على الأقل في الأسبوع ويجروا فيه تفتيشاً صحياً شاملاً وأن يتّخذوا كل التدابير الواقية من الأمراض الوبائية وأن يعتنوا بأمر المرضى ويزوروهم كُلّما دعت الحاجة إلى ذلك، ويُستشارون في الأمور الصحية وخواص المأكولات التي يقدمها المتعهدون والتي تباع في الحانوت. وعليهم أن يدوّنوا ملاحظاتهم في السجل» (المادة 53 من مرسوم تنظيم السجون الرقم 14310).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى