لبنان

الأخبار: سويسرا: “الحزب” حركة سياسية وليس منظّمة إرهابية

كتبت الأخبار:

أنهت السلطات السويسرية تحقيقات بدأتها في حزيران 2020 حول أنشطة حزب الله في سويسرا، بناء على طلب نيابي لحظر الحزب وإدراجه على لوائح المنظمات الإرهابية. التقرير – التحقيق خلص إلى أن حزب الله «قليل النشاط في سويسرا، ولا يتحرك ضمن الجالية اللبنانية لجمع الأموال»، و«في ظل الأوضاع الأمنية الحالية، يبقى تقييم الخطر الإرهابي الذي يمكن أن يشكله الحزب على سويسرا متدنياً». وأشار التقرير في توصياته إلى أن حظر الحزب ونشاطه «قد يؤثر من ناحية على النشاط الديبلوماسي السويسري، ويعطي انطباعاً سيئاً عن سويسرا، وينال من صدقيتها سويسرا كدولة محايدة». كما أن فرض الحظر يشجّع الأنشطة السرية ما يجعل عمل الجهات الأمنية أكثر صعوبة، مشيراً إلى أن دولاً قليلة حول العالم (بينها خمس أوروبية هي ليتوانيا وإستونيا وهولندا وجمهورية التشيك وألمانيا) حظرت الحزب وأنشطته. وعليه، خلافاً لما كانت تأمله إسرائيل وخصوم الحزب في الداخل اللبناني والخارج، «لا ينوي المجلس الفيدرالي اتخاذ أي تدابير إضافية» بحق حزب الله، مكتفياً باللجوء إلى «السبل القانونية المتاحة لمتابعة أي نشاط غير مشروع قد يقدم عليه أفراد على ارتباط» بالحزب. التقرير السويسريّ الذي تنشره «الأخبار» يبين فهماً سويسرياً عقلانياً للحزب أكثر بكثير من أفرقاء داخليين وخارجيين، ويقدم مادة جذابة بتفاصيلها الكثيرة

في الدورة الصيفية للبرلمان السويسري، عام 2020، قدّم عضوا المجلس الوطني ماريان بيندر كيلر وغيرهارد فيستر طلباً إلى المجلس الفيدرالي لتقديم تقرير مفصل حول أنشطة حزب الله في سويسرا، مع التركيز على الأسئلة التالية:

1- هل تراقب هيئات الحماية التابعة للدولة أفراداً أو مؤسسات تنتمي إلى حزب الله؟

2- هل يمكن، في إطار إجراءات مكافحة غسيل الأموال، إثبات ما إذا كان الحزب يجمع المال في سويسرا أو يملك حسابات فيها؟

3- هل لدى الحزب اتصال بمنظمات إسلامية أخرى في سويسرا؟

4- كيف تضمن سويسرا أن الأفراد والمنظمات التي حظرت ألمانيا أنشطتها لن تتابع هذه الأنشطة على الأراضي السويسرية؟

5- هل لا يزال ممكناً التمييز بين الفرع «السياسي» للحزب وفرعه «العسكري» بعدما أدرجته ألمانيا على قائمة الحظر؟

وتضمّن الطلب أن يدرس المجلس الفيدرالي إمكان إدراج «ميليشيات الحزب على قائمة الإرهابيين ومنعها من القيام بأي نشاط على أراضينا».

التقرير الطويل الذي تضمن خلاصة التحقيقات التي أجرتها السلطات السويسرية استجابة لهذا الطلب، بدأ من الشرح الإبتدائي بشأن «الانقسام التاريخي» بين السنة والشيعة، وتطويرهما «مناهج متمايزة جزئياً للممارسة الدينية وتنظيم المجتمع»، انعكست لاحقاً في «خصومات بين الدول كما بين السعودية وإيران». وأشار إلى عدم أخذ النظام اللبناني في الاعتبار التغيرات الديموغرافية ما أدى إلى تفاقم في نقص التمثيل السياسي للمكوّن الشيعي وتدهور وضعه الاقتصادي قبيل الحرب». مما ساهم في «(…) دفع العديد من الشيعة إلى اعتبار أن المنظمات القائمة على الانتماء الديني فقط هي القادرة على حماية مجتمعهم».
AD

وبعد عرض تفصيلي لتنامي الجماعات الدينية والنزوح الشيعي من البقاع والجنوب إلى الضاحية الجنوبية، شرح التقرير عن «ظهور إشارات» إلى حزب الله عام 1983، والإعلان عن «ميثاق التنظيم الأول» عام 1985، متوقفاً عند ثلاثة أبعاد لهذه «الحركة السياسية»:

  • بُعد أيديولوجي يتبنى الحزب بموجبه رؤيته لـ «مجتمع إسلامي» يتعارض مع عدد من القيم الغربية المزعومة.
  • بُعد «فوق الوطني» يتمثل بروابط الحركة العابرة للحدود اللبنانية نحو المجتمعات الشيعية في كل مكان آخر.
  • بُعد وطني يتمثل بمطالبة الحزب بمكانة عادلة له وللمجتمع الشيعي في الفضاء السياسي والاقتصادي والثقافي الوطني اللبناني.
    ويشير التقرير إلى أن تاريخ الطائفة الشيعية يمثل عامل حاسم في فهم دعم جزء كبير منها لحزب الله، حيث ينظر إليه أكثر حتى من حركة أمل – الحليف المنافس – بوصفه صاحب الفضل الأكبر في التحسين الاجتماعي والاقتصادي لهذا المجتمع، فضلاً عن ثقله السياسي. لتخلص مقدمة التقرير إلى أن خطاب الحزب تطور على مدى أربعين سنة بشكل ملحوظ، كما تطورت أهدافه السياسية، لكن موقفه من إسرائيل – التي يعتبر وجودها غير شرعي – لم يتغير. مع التأكيد بأن الحزب «أقل ارتباطاً من الأطراف الأخرى، في المنظور اللبناني، بالثراء الشخصي. وقد تطور من المطالبة بإنشاء جمهورية إسلامية على النموذج الإيراني عام 1985 إلى الحديث عن بناء دولة لبنانية علمانية حديثة عام 2009»، مع ثباته على «القتال ضد إسرائيل والولايات المتحدة». ويسجل التقرير في مقدمته تشجيع الحزب، رغم الخطاب العلماني، التغيير الثقافي في المناطق التي يسيطر عليها، وحجزه مساعدات اجتماعية جدية لمؤيديه المخلصين.

نظر بعض المسيحيين إلى التدخل العسكري في سوريا بشكل إيجابي بعدما اعتبروا التهديد الجهادي خطراً على مجتمعهم

التقرير تطرّق إلى إنشاء الحزب مؤسسات خيرية «جيدة التنظيم». وإدارته الناجحة للمستشفيات والمؤسسات المالية والمدارس. وتوسيعه نطاق مساعداته الاجتماعية من الحبوب إلى المازوت مروراً بالغذاء، منذ بداية الأزمة الاقتصادية عام 2019، واستحداثه مخازن وصيدليات تبيع منتجات إيرانية وسورية رخيصة، يمكن للأشخاص الفقراء بشكل خاص الحصول من هذه المخازن على مواد غذائية باستخدام بطاقة مسبقة الدفع صادرة عن الحزب تتم تعبئتها بانتظام. أما جمعية الحزب غير الربحية المسماة «القرض الحسن» فتستمر، رغم العقوبات الأميركية عليها منذ عام 2007، في تقديم قروض صغيرة من دون فوائد بالدولار الأميركي، في وقت تمتنع المصارف التجارية اللبنانية عن إعادة الودائع بالدولار. وعلى عكس الأحزاب الأخرى، يدفع الحزب رواتب مقاتليه وموظفيه في المؤسسات الخيرية بالدولار.

سلاح حزب الله

التقرير لفت إلى أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي عام 2000 وحرب 2006 منحا الحزب دعماً سياسياً داخلياً تجاوز المجتمع الشيعي، فيما يعتقد آخرون أنه لا يمكن حل أي من مشاكل لبنان الأساسية قبل نزع سلاحه. وأكد أن الحزب «بات أكثر تسليحاً مما كان عليه في عام 2006»، و«تقدر ترسانته بـ 100000 صاروخ مدفعي وصواريخ باليستية، بما فيها أنواع ذات مدى يصل إلى تل أبيب». لكنه «ليس ميليشيا مسلحة فقط، بل قبل كل شيء حزب سياسي يتولى مسؤولية في الحكومة، ويعزّز نفوذه بين مناصريه بفضل مؤسساته الخيرية والاجتماعية. وفي المستقبل المنظور، سيبقى قوة سياسية ذات تنظيم قوي، يمكنها الاعتماد على دعم قوي من قاعدتها».

«الشتات الشيعي»
وأشار التقرير إلى أن حزب الله ينشط حيث يوجد شيعة لبنانيون في الشتات، من خلال مراكز دينية وجمعيات ثقافية، وهو يمتلك «تأثيراً حقيقيّاً على الشتات وشعبية ستبقى مستقرة على المدى المتوسط، رغم الصعوبات التي يمر بها جراء انخراطه العسكري في سوريا الذي انخفض بشكل كبير الآن».
وفي فصل كبير عن «الاشتباك العسكري في سوريا» أشار إلى «انخراط حزب الله خصوصاً ضد تنظيم داعش»، بوصفه «مواجهة لتهديد وجودي تمثله الجماعات التكفيرية له وللسكان الشيعة وللبنان والأقليات الدينية في سوريا». ولفً إلى أن انتصاره في معركة القصير «سمح للقوات الحكومية السورية بالسيطرة على هذا المحور الاستراتيجي بين المدن الكبرى، متيحاً للحكومة السورية فرصة استعادة السيطرة». واعتبر أن الحرب السورية أكسبت حزب الله خبرة عسكرية، لكنها أدت إلى تزايد الشعور بالعداء تجاهه، خصوصاً «بين عموم السكان السنة». ومن جهة أخرى، «نظر بعض المسيحيين إلى التدخل العسكري في سوريا بشكل إيجابي إلى حد ما، حيث اعتبروا التهديد الجهادي خطراً على مجتمعهم». بالانتقال إلى «أعمال العنف والإرهاب المنسوبة إلى حزب الله»، اعتبر التقرير أن الحزب نفذ هجمات تستهدف «بشكل أساسي الجيش الإسرائيلي، لكنها طاولت أيضاً منشآت عسكرية فرنسية وأميركية وغربية وسفارات وموظفين ديبلوماسيين»، و«اختطف مدنيين غربيين حتى أوائل التسعينيات». كما أدانت المحكمة الخاصة بلبنان «ثلاثة أعضاء مزعومين في الحزب» لتورطهم في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005». وهو أنشأ في منتصف الثمانينيات قسماً لعمليات خارج لبنان، يعرف اليوم باسم وحدة الأمن الخارجي (OSE) التي تقف وراء عدد من الهجمات أو محاولات الهجمات والأنشطة التحضيرية المختلفة المرتبطة بالإرهاب في عدة قارات. وأوضح أن «هذه الوحدة تعرف أيضاً بالوحدة 910، ويطلق عليها القضاء الأميركي اسم تنظيم الجهاد الإسلامي». وتتمثل مهمتها الرئيسية في «تنفيذ عمليات استخباراتية وأنشطة إرهابية خارج مسرح الاشتباك المعتاد لحزب الله في لبنان».

هيكلية الحزب

وعن هيكلية الحزب قال التقرير أنه «منظمة متكاملة» ذات مجلس «أعلى»، يوجه أمينه العام ويدير كل أجهزة التنظيم. وتعتمد منظمة الأمن الخارجي على «المجلس الجهادي الذي يدير الشؤون العسكرية والأمنية والاستخباراتية». معدّداً هجمات لوحظ «تورط عناصر الحزب» فيها، مثل: الهجمات الـ14 التي ارتكبت في فرنسا بين عامي 1985 و1986، الرد على اغتيال الأمين العام للحزب عباس الموسوي بهجوم على السفارة الإسرائيلية في الأرجنتين، موضحاً أن هذه العملية كانت «رسالة ردع تشير إلى أنه لا يمكن للمرء قتل مسؤول تنفيذي كبير في الحزب من دون المخاطرة برد»، ومشيراً إلى أن حزب الله نفي ضلوعه في هذا الهجوم. أما الهجوم على مقر جمعية يهودية في بوينس آيرس عام 1994، فيشير التقرير إلى أن التحقيق القضائي فيه «تشوبه اتهامات بتدخلات عدة». وأخيراً «عبوة يورغاس في بلغاريا» التي قالت سلطاتها القضائية إن الشخصين المدانين بارتكاب هذا الهجوم ينتميان إلى «الجناح العسكري لحزب الله»، فصنف الاتحاد الأوروبي الجناح العسكري للحزب منظمة إرهابية». وبالتالي فإن «هذا الوصف لا يتعلق بفرعه السياسي». وأشار إلى أن «الهجمات التي ينفذها حزب الله هي دائماً جزء من صراع أو أزمة». ومع ذلك، فإن «حزب الله نفسه لم يطالب بها أبداً».

يصعب إثبات أن حزب الله يقوم بأنشطة مالية تصب في أنشطة إرهابية

وينتقل التقرير من عرض المعطيات أو التصور عن طريقة عمل الحزب إلى التحليل، فيشير إلى أنه «يبدو وضع حزب الله متناقضاً: مستوى عالٍ من الاستعداد لكن لا يمكن أبداً اعتبار أن هناك عملية إرهابية وشيكة من جانبه». وهو، بحسب التقرير، «مهتم بالحفاظ على قوة يمكن استخدامها كملاذ أخير خلال نزاع أو أزمة كبرى». و«يمكن في هذا السياق القول إن حدثاً مثيراً في الشرقين الأدنى والأوسط يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستوى التهديد الذي يستهدف مصالح البلدان المعنية في عدة قارات». كما أنه قادر على «ضبط شدة هجماته بحسب الأحداث التي تحفزها والتبعات المحتملة والكلفة العسكرية والسياسية»، ليخلص إلى «أن صيانة البنية التحتية لمنظمة الأمن الخارجي ومسألة أن يكون وجود مثل هذه البنية التحتية معروفاً، يسهم ولو بشكل هامشي، في القوة الرادعة لحزب الله».

الحزب في سويسرا

قدّر التقرير عدد الأفراد الموجودين في سويسرا ممن يمكنهم دعم الحزب في أنشطته المجتمعية المختلفة بالعشرات، لافتاً إلى أن ليس كل المتعاطفين بالضرورة متدينين أو مسيسين. وأشار إلى أنه يوجد في سويسرا نحو عشرين مركزاً وجمعية شيعية، بعضها صغير جداً وغير مسجل. ورغم النفوذ اللبناني فيها، فإن المترددين عليها ليسوا لبنانيين فقط. وبموازاة مهامها الدينية، تركز هذه المراكز مباشرة أو غير مباشرة على الأحداث السياسية عبر نشر الدعاية المعادية لإسرائيل، من دون أن يُعرف عنها إقامة أية علاقات مع مراكز إسلامية غير شيعية. أما على صعيد تحويل الأموال وغسيل الأموال، فلم يتم إثبات استخدام سويسرا لتحويلات من شأنها تمويل حزب الله. ولا يمكن ملاحظة أي جمع للأموال داخل الشتات الشيعي اللبناني في سويسرا: «وإذا وجدت مثل هذه المجموعات في بلدنا، فهي هامشية وضعيفة التنظيم. تبرعات واشتراكات المراكز والجمعيات الشيعية السويسرية تستخدم في تشغيلها ولا يقصد منها تمويل الحركة في لبنان».
ورغم أن سويسرا شهدت أنشطة لـ OSE في نهاية العقد الأول من القرن الحالي حين تم الاشتباه في مشاركة العديد من الأفراد في الأنشطة التشغيلية بالمنظمة، كانوا سيشكلون خلية دعم في منطقة زيوريخ، فإن وجود مثل هذه الخلية لا يعني أنه سيتم ارتكاب هجوم. ومع ذلك، فإن هذا النشاط يعني أنه إذا حدد حزب الله هدفاً لعمل إرهابي في سويسرا، ستكون لديه معلومات استخباراتية متاحة له لتقييم جدواه.

الضغوط الأميركية

ولفت التقرير إلى أن مجلس الأمن الدولي لا يعتبر الحزب تهديداً للسلم والأمن الدوليين، ولم يصنفه منظمة إرهابية أو يميز بين مكونيه السياسي والعسكري. كما لم تصنف الأمم المتحدة حتى الآن أي فرد أو أكثر من المنتمين إلى الحزب على أنهم «إرهابيون». فيما يميّز الاتحاد الأوروبي بين «جناح عسكري» و«جناح سياسي» لحزب الله. وفي عام 2013، بعد سنوات من التردد، أدرج الجناح «العسكري» فقط، وتحديداً بعض المنظمات الفرعية للحزب، كمنظمة إرهابية، بسبب ما حصل في بلغاريا وبسبب «دوره النشط في الحرب الأهلية السورية كمجموعة مسلحة». ولا يوجد في السياق نفسه سوى ثلاثة أعضاء من الحزب مدرجين حالياً على قائمة عقوبات «الإرهاب» الخاصة بالاتحاد الأوروبي. علماً أن سويسرا لم تنضم إلى نظام عقوبات الاتحاد الأوروبي هذا، ولا تلتزم تلقائياً بعقوبات الاتحاد الأوروبي، إنما تقيّم كل حالة على حدة، وهي غير ملزمة بمن يصنفه أو لا يصنفه الاتحاد الأوروبي كمنظمات إرهابية. ويشير التقرير إلى أنه منذ عام 2020 ازداد الضغط السياسي على الاتحاد الأوروبي، لا سيما من الولايات المتحدة، لإدراج حزب الله كمنظمة إرهابية. ومع ذلك، لا توجد داخل الاتحاد الأوروبي حالياً مفاوضات نشطة ولا إرادة سياسية لتغيير موقف الاتحاد، والذي لن يكون ممكناً إلا بإجماع الدول الأعضاء. وإذا كان الاتحاد يعطي الأولوية للاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في لبنان فإنه ملزم بمواصلة الحوار مع جميع الجهات الفاعلة والأحزاب السياسية في البلاد (بما في ذلك الحزب).

الأمن السويسري

وعن الإجراءات المتاحة للسلطات الأمنية السويسرية بشأن حزب الله، لفت التقرير إلى أن قمع الإرهاب يركز على الأفراد الذين لدى السلطات مؤشرات ملموسة على تورطهم في أنشطة غير مشروعة، أو يمثلون تهديداً للأمن الداخلي أو الخارجي. في وقت تجمع الـ SRC المعلومات من كل من المصادر العامة وغير العامة، مثل: الإنترنت، الشبكات الاجتماعية، مراقبة الأماكن العامة، تجنيد المخبرين، نظام البحث الشرطي المحوسب، نظام شنغن للمعلومات. كما يمكن لـ SRC اعتقال الأشخاص لإثبات هويتهم واستجوابهم. ويمكن مراقبة المراسلات عن طريق البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية وفقاً للقانون الاتحادي، واستخدام أجهزة التتبع لتحديد مواقع وحركات الأشخاص أو الأشياء، استخدام أجهزة المراقبة للاستماع إلى الخطاب غير العام أو تسجيله أو لمراقبة أو تسجيل الأحداث التي تحدث في الأماكن غير العامة أو في الأماكن التي لا يمكن الوصول إليها بحرية، التسلل إلى أنظمة وشبكات الكمبيوتر، تفتيش المباني والمركبات والحاويات للحصول على الأشياء والمعلومات الموجودة هناك أو المعلومات التي تم نقلها من هذه الأماكن.

عملية السفارة في الارجنتين كانت «رسالة ردع» والتحقيق القضائي في تفجير بوينس آيرس «تشوبه تدخلات»

يشرح التقرير السويسري للنائبين تدابير الطرد أو حظر الدخول وإجراءات الترحيل من أجل الحفاظ على الأمن الداخلي أو الخارجي لسويسرا. إذ أصدر الاتحاد الفيدرالي منذ عام 2016 نحو 600 حظر دخول على أشخاص مرتبطين بالإرهاب، وأبعد 26 شخصاً من المقيمين بتهمة التهديدات الإرهابية ضد الأمن الداخلي. لكن لم يكن لحزب الله وجود في أي من هذا كله. وإذا حدث أن تلقى MROS اتصالات مشبوهة من وسطاء ماليين لاكتشافهم أن أعضاء حزب الله متورطون بشكل مباشر أو غير مباشر في العلاقات التجارية التي يديرونها، فإن الصلة المباشرة أو غير المباشرة بين الناس وحزب الله لا تشكل في حد ذاتها اشتباهاً مبرراً في غسل الأموال أو الجريمة المنظمة أو تمويل الإرهاب. مع العلم أنه «من غير الممكن تقديم أجوبة نهائية بشأن ما إذا كان حزب الله يجمع الأموال ولديه حسابات في سويسرا، لأن التقارير الأمنية المتوافرة تركز على أنشطة مشبوهة تتعلق بالأشخاص غير النشطين في سويسرا، لكن لديهم حسابات في سويسرا فقط. ولا تحتوي هذه التقارير على مؤشرات ملموسة للنشاط الإجرامي أو تمويل جرائم العنف. بالتالي فإنه حتى اليوم «لم تفتح النيابة العامة للاتحاد (MPC) أي تحقيق جنائي يتعلق بحزب الله، لعدم وجود اشتباه كافٍ ضد شخص أو مجموعة في ما يتعلق بارتكاب جريمة».

الحزب لا يشكل تهديداً
وشدّد التقرير على أنه يمكن للمجلس الفدرالي منع أي فرد أو منظمة أو مجموعة من القيام بنشاط يشكل تهديدًا ملموسًا للأمن الداخلي أو الخارجي. لكن لهذا شرط أساسيّ هو «وجود مؤشرات ملموسة على التهديدات لأمن البلد». فيما «التخمينات البسيطة ليست كافية، إذ يمكن أن يخضع قرار المجلس الاتحادي للطعن أمام المحكمة الإدارية الفدرالية». وأشار إلى أن المجلس الاتحادي أنهى الاستعدادات لحظر تنظيمي القاعدة والدولة الاسلامية، لكن ليس على جدول أعماله اي منظمات أخرى بسبب المتطلبات القانونية الكثيرة.

وشدّد التقرير على أهمية الحياد السياسي لسويسرا، إذ يمكن لها أن تضطلع دوماً بدورها كوسيط ذي مصداقية في النزاعات، وأن تتجنب بالتالي أن تصبح هدفاً للتأثير السياسي من جانب أطراف النزاع في ما يتعلق بحظر المنظمات.

وحول التوصيف القانوني لحزب الله كمنظمة إرهابية، أشار إلى أن «المنظمة تعتبر إرهابية عندما يكون هدفها ارتكاب جرائم عنيفة تهدف إلى تخويف السكان أو إجبار دولة أو منظمة دولية على القيام بشيء ما أو عدم القيام به. وبحسب القوانين السويسرية وعمل الاستخبارات، فإن هناك ثماني مجموعات أو منظمات تنطبق عليها هذه المواصفات ليس من ضمنها حزب الله، هي: الجماعة الإسلامية المتطرفة «شهداء المغرب»، منظمة ألبان كوسوفو السرية المتطرفة ANA، «بريجيت روس» الإيطالية، ETA الباسكية، «شبكة القاعدة الدولية، «الدفاع الشعبي الكردستاني»، الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني، صقور الحرية الكردستانية (TAK).

حماية دور سويسرا
وتطرق التقرير إلى النتائج السياسية والاستراتيجية لأي تغيير في ممارسة سويسرا، مشيراً إلى النظر إلى سويسرا في لبنان والمنطقة على أنها لاعب محايد يحظى بتقدير كبير في سياسة السلام ولديها وصول جيد إلى اللاعبين الرئيسيين من كل الجماعات السياسية والدينية. وهي مثلت منذ عام 1979 المصالح الإيرانية في مصر، ومنذ 1980 مصالح الولايات المتحدة في إيران، ومنذ 2018 مصالح إيران في السعودية ومصالح السعودية في إيران، ومنذ حزيران 2019 المصالح الإيرانية في كندا. ولذلك فهي تتمتع بثقة كبيرة، سواء بين ممثلي الحكومات أو في المجتمع المدني. وهي معروفة بالتزامها إجراء حوار شامل – على عكس الجهات الفاعلة الدولية الأخرى – والذي يجمع جميع الأحزاب السياسية حول طاولة واحدة. «ولما كان حزب الله جزءاً من الحكومة اللبنانية منذ عام 2005، فإن الاندماج النشط لحزب الله في عمليات الحوار له أهمية قصوى بالنسبة لانخراط سويسرا في لبنان. ولن يشكل حظر حزب الله تغييرًا جوهريًا في الممارسة القانونية السويسرية فحسب، بل سيضع حدًا للجهود الملموسة التي تبذلها بلادنا، حيث إن سمعة وإمكانيات سويسرا كوسيط نزيه في لبنان والمنطقة ستتضرر إلى حد كبير».

إذا كان الاتحاد الأوروبي مهتماً بالاستقرار في لبنان فإنه ملزم بالحوار مع كل الأحزاب السياسية

واشار الى أنه «من حيث المبدأ، لا يمكن حظر المنظمات الإرهابية في سويسرا إلا على أساس تحديد مماثل من قبل مجلس الأمن الذي لا يصنف الحزب منظمة إرهابية. وحتى في حال كان الحظر ممكناً من الناحية القانونية، ستكون لذلك تداعيات على دور سويسرا كجهة فاعلة في سياسة السلام، في لبنان وخارجه، وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وستتعرض أدوات «المساعي الحميدة» التي توفرها سويسرا في المنطقة (على سبيل المثال تفويض القوة الحامية للولايات المتحدة في إيران) لضغوط شديدة. مع التأكيد بأن «حظر الحزب سيؤدي أيضًا إلى فقدان مصداقية سويسرا كجهة فاعلة محايدة. وسيزيد الضغط على سويسرا لإدراج الجماعات الأخرى الناشطة في المنطقة (مثل حزب العمال الكردستاني) في قائمة المنظمات المحظورة». ولفت إلى أنه «بشكل عام، أصبح واضحًا خلال العقدين الماضيين أن إدراج المنظمات الإرهابية من قبل دول معينة ليس له تأثير ضئيل على الجماعات نفسها فحسب، بل يتسبب في صعوبات على مستوى المساعدات الإنسانية وتعزيز السلام، فضلاً عن الاقتصاد. وهو أمر مهم بالنسبة لسويسرا التي تتطلع إلى استمرار عملها في مناطق نفوذ هذه المجموعات، تحت سقف القانون الإنساني الدولي الذي تلتزم فيه سويسرا». مع التأكيد بأن «حظر أنشطة حزب الله سيشجعه على التكيف مع محو الروابط الظاهرة مع مراكز وجمعيات الشتات الشيعي اللبناني، وتعزيز الروابط غير المرئية والسرية على نحو يصعب عمل الاستخبارات السويسرية. وهو ما ستكون له آثار ملموسة سلبية على الأجهزة الأمنية في سويسرا».

الخلاصة
ويخلص التقرير إلى نقاط التي يجب مراعاتها فيما يخص حزب الله:

  1. عشرات الأفراد فقط يدعمون الحزب في أنشطته المجتمعية المختلفة دون أن يكونوا بالضرورة متطرفين.
  2. لا يمكن رسميًا ملاحظة أي جمع تبرعات أو أنشطة تمويلية أخرى لصالح الحزب.
  3. قضائياً ، لم يتم حتى الآن فتح تحقيق جنائي على صلة بحزب الله من قبل لجنة السياسة النقدية.
  4. أمنياً، يُعتبر التهديد الإرهابي لحزب الله في سويسرا منخفضًا في السياق السياسي والأمني الحالي. ولن تكون الأراضي السويسرية بالتأكيد الخيار الأول له لضرب المصالح الأجنبية. مع العلم أن السياق الجيوسياسي الحالي، يؤكد أن الهجوم الإرهابي في قلب أوروبا سيؤدي إلى مخاطر سياسية وعسكرية غير مناسبة وفق حساباته. في ظل حفاظ سويسرا على علاقة بناءة مع إيران، حليفة الحزب، ومع الحزب نفسه، في سياق الحوار الشامل في لبنان.

وتحت عنوان «النتائج السلبية لحظر الحزب أو حظر نشاطه»، يشدد التقرير على أن تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية أو حظر أنشطته ستكون له عواقب سلبية من وجهة نظر الدبلوماسية السويسرية. ولن يؤدي الحظر إلى وضع حد للمساهمات القيمة لتعزيز السلام في المنطقة فحسب، بل سيقوض أيضًا صدقية سويسرا كلاعب محايد. ولن يجلب التشديد التشريعي قيمة مضافة في القدرات الأمنية للتعامل مع حزب الله، بل على العكس سيجعل العمل (الوقائي بشكل خاص) أكثر صعوبة. وعليه، لن يكون لتعديل الإطار القانوني الحالي تأثير إيجابي على مستوى التهديد بل يمكن أن يكون سلبياً بوصفه انحيازاً في الصراع في الشرق الأوسط. وعليه خلص المجلس الفدرالي إلى أنه «لكل هذه الأسباب، لا يخطط المجلس الفدرالي لاتخاذ إجراءات إضافية ضد حزب الله كمنظمة، ويكتفي في المقابل بالاستخدام المستمر والمتسق لجميع الوسائل القانونية الأخرى التي تهدف إلى اكتشاف ومنع ومعاقبة أي نشاط غير قانوني يقوم به الأشخاص المرتبطون به».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى