الأخبار: هل تفوّض أميركا قطر بما أخفقت به السعودية في لبنان؟

كتبت الأخبار:
مع إعلان قطر استعدادها للاستثمار في مجال النفط والغاز في لبنان، بعد انسحاب شركة “نوفاتيك” من كونسورتيوم شركات التنقيب في البلوكات اللبنانية بالتزامن مع إعلان التفاهم على ترسيم الحدود البحرية مع كيان الاحتلال، دارت تساؤلات عدة عن تسويات مكتومة جرت على هامش “تسوية الترسيم” سبق ذلك إعلان الدوحة، أثناء مشاركة قطر في الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب في بيروت، والذي قاطعته الدول الخليجية، في تموز الماضي، عن مساعدة مالية للجيش اللبناني بقيمة 60 مليون دولار. وتلته جولة لوفد قطري في بيروت، في أيلول الماضي، شملت وزراء الداخلية والاقتصاد والخارجية والعمل للتأكيد على “أهمية مساهمة اللبنانيين من أصحاب الكفاءات والخبرات العلمية والمهنية في تأمين نجاح استضافة قطر لحدث كأس العالم”.
أما التطوّر الأبرز فيتعلق بتطوّر العلاقة بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل والدوحة التي زارها مراراً في الشهور الأخيرة، على هامش مفاوضات الترسيم، للقاء الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين من دون إعلان، كون العقوبات الأميركية تمنع أي مسؤول أميركي من لقائه. وقد حصل هوكشتين على استثناء خاص أتاح له لقاء باسيل في الدوحة وغيرها، مع إدراك الأميركيين أن الأخير هو المفاوض الأول في الملف، والمنسق الأبرز مع حزب الله.
في لبنان، حاول البعض تفسير الأمر وكأنه مجرّد انفتاح قطري على لبنان، في إطار المصالح الاقتصادية والاستثمار في قطاع النفط. لكن العارفين بأسرار التواصل القطري مع القيادات اللبنانية يؤكدون بحسب “الأخبار” أن “الممرّ البحري” سيفتح الأبواب أمام دور سياسي لقطر في الأشهر المقبلة.
كل هذه التحوّلات أسّست لقطر ممراً بحرياً، ساهمَ باسيل بشقه وسط التوترات القائمة. وهو لا يزال على “علاقة عميقة” مع القيادة القطرية. ووفقَ ما تقول مصادر مطلعة، فإن قطر جاهزة للعمل على مستويات ثلاثة: الاستثمار في قطاع النفط والقطاع المصرفي وبناء معامل كهرباء، وستكون هذه المهمة في حال سارت وفقَ ما هو مرسوم لها بداية لتسوية كبيرة مرتبطة بالملف الرئاسي والمشهد السياسي في البلد لسنوات لاحقة يكون للدوحة “ثمرة” فيه.
وينطلق القطريون في متابعة ملف لبنان من مشاورات وتعاون مفتوح مع باريس التي تولي أهمية كبيرة للدور القطري في ظل إصرار السعودية على الابتعاد ومخاوف الإمارات والكويت من القيام بخطوات تغضب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وتكشف مصادر مطلعة لـ”الأخبار” أن القطريين ليسوا بعيدين من الاتصالات التي تقوم بها فرنسا بما خص الاستحقاق الرئاسي. ويبدو أن الفرنسيين يحاولون الحصول على تفويض أميركي بأن تلعب الدوحة دوراً كالذي ترفضه السعودية، وينطلق الفرنسيون من قاعدة أن قطر ليست طرفاً في الأزمة اللبنانية ولديها تواصل مع كل القوى الفاعلة في لبنان.
لكن الأمر لن يكون بهذه السهولة، إذ يُمكن للسياسة السعودية في لبنان أن تكون لاجماً كبيراً لطموحات قطر. هذا احتمال وارد إذا كان هناك من مصلحة سعودية في تفجير الوضع الداخلي، وعدم وجود أي رغبة سعودية في الدخول بتسوية كتلك التي تسعى إليها باريس حالياً من أجل حلّ الملف الرئاسي والحكومي معاً.