ابراهيم يكشف عن أسرار ترسيم الحدود الجنوبية: الاتفاق أُنجِز في مكتبي وأبلغت هوكشتاين بأن خطط الحرب جاهزة
أوضح المدير العام السّابق للأمن العام اللّواء عباس ابراهيم، تعليقًا على انطلاق مسار التّفاوض الّذي أفضى إلى ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، أنّ “فكرة التفاوض بالأساس هي اقتراح اسرائيلي، نقله الجنرال مايكل بيري الذي كان قائدا لقوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان (يونيفيل)، عندما زارني في مكتبي عام 2017، حيث قال: “لديّ عرضٌ من الاسرائيليين الذين تحدثوا معي وقالوا نريد منك التكلّم مع مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم شخصيا، ونحن على استعداد لترسيم الحدود البرية، لأنه بعد الانسحاب الاسرائيلي بقي الخط الازرق والخط التقني وخط الحدود الدولية، أي هناك ثلاثة خطوط موجودة على طول الحدود البرية”
وركّز، في حديث إلى صحيفة “النهار”، على أنّه “كان لدينا تحفّظ عن 13 نقطة لم نقبل بها في وقتها، فكان لدى الاسرائيلي توجّه بأن ينهي هذا الترسيم ويرسم حدودا دولية جديدة”، لافتًا إلى أنّ “جوابي كان أن هذا يحتاج الى قرار سياسي، وسأخبرك بأجواء ما اتوصل اليه وهذا ما حصل. وقمت بجولة على القيادات اللبنانية، وأخذت المباركة والموافقة، وقمنا بتأليف وفد بحيث انطلق مسار ترسيم الحدود البرية منذ ذلك الحين، انطلاقا من حرصنا على استرداد ارضنا لا سيما النقاط الـ13 المتحفّظ عنها؛ للحصول على كامل حقوقنا البرية”.
وأشار ابراهيم إلى “أنّنا بدأنا التفاوض بعد تشكيل وفد ضم ضباطا من الجيش اللبناني والامن العام اللبناني، كان يذهب الى الناقورة ويلتقي العدو الاسرائيلي، في اجتماعات غير مباشرة كما جرت العادة في الاجتماع الثلاثي مع الجيش، اي وفق الترتيب ذاته، واستطعنا حلّ 7 نقاط متحفّظ عنها من أصل 13 نقطة”.
وبيّن “أنّني رأيت حينها ان الامور اذا تتابعت بهذا الشكل سنصل الى مكان ننهي الترسيم البرّي، ولكن بالحقيقة مشكلتنا هي بالترسيم البحري، وكنّا على علم بالثروة الموجودة في البحر، ووصلنا الى نقطة “B1” في منطقة رأس الناقورة”، مفسّرًا أنّ “هذه النقطة تحديدا تهم العدو بشكل كبير، لأسباب امنية وسياحية ايضا (كالنفق والمنتجعات الموجودة). وعندما وصلنا الى هذه النقطة، حاول العدو اجراء مبادلة في الاراضي، فكان رفض مباشر من قِبلي، وطلبت تجميد الترسيم البري، وطرحت الذهاب الى الترسيم البحري”.
وذكر أنّ “مبعوث الدولة الاوروبية ذهب، وعاد بعد فترة قائلا ان الاسرائيلي جاهز للمفاوضة على الترسيم البحري، انما لديه خشية من موضوعين: الاول الخشية من عدم وحدة الموقف السياسي، وبالتالي التباينات السياسية التي يمكن ان تطيح أيّ تفاهم. والثاني موقف “حزب الله” من موضوع التفاوض، وماذا ستكون ردّة فعله في حال توصّلنا الى اتفاق”:.
كما أفاد ابراهيم بأنّ “من هذا المنطلق، كان الاسرائيلي يعتبر انني اناور واشتري الوقت، حتى يلتئم الوضع اللبناني ويلتحم على المستوى السياسي، فكان جوابي بأنني لو كنت اناور، لما طالبت بالخط 23. هناك قرار من الدولة اللبنانية ومرسوم رقمه 6433 مودع في الامم المتحدة من قِبل الدولة اللبنانية، وهذا المرسوم عبارة عن حقنا كاملا، ولو كنت مناورا لكنت طالبت بمياه حيفا او الخط 29، او لقلت اننا لسنا جاهزين للتفاوض، فأجاب المبعوث بأنه سيعود مجددا”
وكشف أنّ “بعدها مباشرة، تلقيت اتصالا من شيا بمضمون حديث هوكشتاين. ليعود هوكشتاين ايضا للاتصال بي مرة ثانية، ليبلغني بأن هذه الحرب ستدمر لبنان، فأخبرته بأنني في خلال ابلاغك الرسالة اخبرتك ان هذه الحرب ستدمر لبنان واسرائيل وايضا نصف المنطقة. قال ماذا تعني؟ قلت انا اريد جوابا على الرسالة، وإلا لا استطيع التحدث مع الحزب. اجابني حقل قانا اصبح بالكامل لكم وتستطيعون تجاوز الخط 23 بإطار الاستثمار والاستخراج والتطوير، فقلت الآن اصبح لديّ ما اقوله لهم. فاتصلت بمسؤول لجنة التنسيق والارتباط في “حزب الله” وفيق صفا واخبرته بالرد، فقال ان ابلغ هوكشتاين بأن هذه الرسالة كافية لنوقف او نستكمل اي نشاط عسكري بالوقت الحاضر”.
وذكر أنّ “بتاريخ 13/7/2022، زارني هوكشتاين معاتبا، فأجبته بأنني قلت لك المرة الماضية ونصحتك بأن لا تتأثر بالمداخلات والتحليلات الاعلامية ودعنا نكمل المفاوضات، وكنت جدّيا معك واعرف من دخل على الخط. في هذا الوقت كان هناك وسيط اميركي وكان متواجدا طوال فترة التفاوض، وكان يصحح الكثير من الشوائب بيني وبين الاسرائيلي، الذي اخبرني بأنه في الزيارة القادمة لهوكشتاين سيعرض عليك ملفا معيّنا. وخلال الزيارة وبعد العتاب، طلبت من هوكشتاين الملف الذي يحمله من قِبل الاسرائيلي، فصعق وبدأ بتمييع الموضوع، فقلت له بأننا ذاهبون الى الحرب. وبعد مضي بعض الوقت، طلب الانفراد بي شخصيا، وهذا ما حصل واخرج خريطة جديدة اطلعني عليها، فأبديت موافقتي مباشرة عليها وأكّدت الموافقة”.
وختم أنّ “أخيراً، أرسل لي هوكشتاين العرض الاخير، واجتمعنا بالقصر الجمهوري، وكنا بصدد تغيير بعض الكلمات باللغة الانكليزية وانتهى الموضوع، ونال هوكشتاين ما يحتاجه من وقت”.