الأخبار: العابرون إلى فلسطين..
كتبت الأخبار:
قدّمت المقاومة أمس، جانباً صغيراً من قدراتها الفنية والبشرية في مناورة عسكرية نادرة لحزب الله أمام مئات الصحافيين. رسائل بالجملة ورموز ووسومٌ تخللت العروض القتالية على بعد كيلومترات قليلة من «الخطّ الأزرق»، تكشف إصرار المقاومة على بناء القوّة لتحرير فلسطين. قالت المقاومة «سنعبر… فإذاً نحن عابرون»
مقاومة حديثة
من مدخل المعسكر نزولاً نحو باحة العرض، اصطفت يساراً آليات عسكرية، حملت أصنافاً متنوّعة من الأسلحة: صواريخ مضادة للدروع منسّقة على عربات خفيفة الحركة، راجمات صواريخ متعددة الأحجام والمديات، ومدفع 130 ميدان ضخم فوق شاحنة بتركيب محلّي! بينما توزّع جنود «الرضوان»، قوّة النخبة في حزب الله، طواقم فوق آلياتهم بعتادهم المميّز، وأقنعتهم المتّسقة مع بزاتهم المرقّطة، يخفون بها وجوههم عن مئات الكاميرات والهواتف، والبثّ المباشر… المسموح لكل من يرغب من الضيوف.
يحتدم النزال في العرض، هنا عملية أسر آلية للعدو بخفة متناهية نفذتها دراجتان، وهناك عملية أسرٍ لجنود في دورية افتراضية مؤلفة من سيارتي رانج روفر، خلف سياج شائك. أقلّ من دقيقة، انتشل المقاومون الأسرى المفترضين وحولوا السيارتين إلى ركام، وانسحبوا بهم نحو الأرض المحرّرة. مشهد مكرّر معاد، يعيد إلى الذاكرة عملية شبعا وعملية خلة وردة. ثمّ تتدحرج المعركة، وتشترك الطائرات المسيّرة، الراصدة والقاصفة، قبل أن تعود لإلقاء التحايا على الحضور. أسلحة الدفاع الجوي لم تغب أيضاً، فظهرت بين أيدي المقاتلين صواريخ سام 16 المحمولة على الكتف، الروسية الصنع، ومضادات الطائرات المسيرة المحمولة من الأفراد.أمّا درّة «العابرين»، فكان اختراق عشرات المقاتلين لمجسم جدارٍ وهمي كالذي يبنيه العدوّ ليحصنّ أمنه خلفه بين لبنان وفلسطين. نسف المقاتلون الجدار محدثين ثغرات متعددة، ثم اندفعوا نحو ساحة العرض، كأنها في الجليل، ولبنان خلف الجدار.
عرضٌ متكامل، لكن يصعب على من راقب قوّة حزب الله العسكرية في سورية، سلاحاً وبشراً، أن ينظر إلى حدث الأمس كمناورة فعلية. عمل الأمس استعراض للقوّة برموز ودلالات، بالأسلحة والقبضات والسواعد المشدودة، ورسائل سياسية وميدانية للعدّو، يُظهر بعضاً قليلاً من قوّة المقاومة وجاهزيتها للقتال.
إنه إعلان عن استراتيجية جديدة لمقاومة جديدة بتكنولوجيا حديثة تضاهي أحدث الجيوش، وجنود شديدي التنظيم والإصرار والعلم، يستطيعون تحويل كل فكرة ممكنة إلى عمل تكتيكي. إعلانٌ، عن عقولٍ مبدعة، تبتكر وتطوّر الأسلحة، تطوّع المادة لتدبّ فيها الروح، فلا يعود مهمّاً نوع السلاح ومصدره وهدف تصنيعه، شرقياً أم غربياً، إنّما كيفية توظيفه وتعديله للتماهي مع منظومة متكاملة من المعرفة والإرادة.
أمرٌ آخر في الشكل والمضمون، بدا عماد مغنيّة حاضراً في كل فعل. من صورته التي ارتفعت بعد أن أصاب قناصٌ من المقاومة أحد الأهداف الرمزية، إلى مشاهد الخطف، إلى كل جندي من جنود الرضوان أخفى وجهه أمس. ليس وفاءً فحسب، بل تمسّكاً بالنموذج والخطة والهدف الواضح والمحدد والدقيق: إزالة إسرائيل من الوجود.
تظاهرة إعلامية غير مسبوقة