كيف ينشأ الطفل على عادات غير صحية بسبب الأهل؟
ينشأ الطفل على عادات غير صحية بسبب الأهل الذين يؤثرون، لا شعورياً، في ابنهم خلال المرحلة الأساسية من عمره، التي يتميز فيها بقابلية عالية لاكتساب العادات والسلوكات، وتكون لديه نزعة قوية نحو تقليد الآخرين ومحاكاتهم. فما تلك العادات أو الاتجاهات؟ وكيف يمكن تجنّبها؟
تقول المتخصصة في الطب النفسي الدكتورة سلام عاشور إن هناك أسبابا عدة، وراثية ونفسية وتربوية أسرية، تدفع الأطفال إلى تطوير عادات غير صحية في تناول الطعام، إذ يقع بعضهم في براثن السمنة، مثلاً، بسبب توتّرهم ولجوئهم إلى ما يصطلح عليه بـ”الأكل العاطفي” الذي يرتبط عادة بالمشاعر السلبية، كالحزن والغضب والملل.
يلجأ الأطفال الذين يعانون من التوتر إلى “الأكل العاطفي” الذي يرتبط عادة بالمشاعر السلبية
ولتعليم الأطفال النمط الغذائي الصحي، تنصح عاشور الأهل بعدم استخدام الطعام في المكافآت والعقوبات، والتحدث إليهم عن مشاعرهم إذا كانوا يستخدمون الطعام بطريقة غير متوازنة، والعمل على توفير خيارات غذائية صحية باستمرار، واتباع روتين عند تقديم الطعام لتنظيم السلوك الغذائي عند أبنائهم.
وعلى اختلاف الأسباب، يبقى للوالدين الدور الأساسي في مساعدة أطفالهم في اتباع أنماط غذائية صحية، وتعليمهم أهمية تناول الغذاء الصحي وكيفية اختياره، وفق عاشور.
يجب تعويد الأطفال على روتين معين عند تقديم الطعام لتنظيم سلوكهم الغذائي
تتفق المتخصصة في التغذية العلاجية حنين السالم مع عاشور على أن استخدام الطعام للمكافآة أو للعقاب يعد أحد أهم الأسباب التي تفسد العادات الغذائية للأطفال، وتدفعهم إلى الأنماط الغذائية غير الصحية.
وتقول السالم “عند استخدام الطعام لمكافأة السلوك الجيد، يعتقد الطفل بأن أغذية معينة جيدة مثل الحلويات، وأخرى سيئة مثل الفواكه. وقد يؤدي هذا النوع من التفكير إلى ما يُسمى الأكل العاطفي. ومن عوارض ذلك لجوء الطفل إلى الطعام ليس بسبب الجوع، وإنما لمواجهة المشاعر السلبية أو بدافع الملل”.
وتقترح السالم استخدام مكافآت غير غذائية مثل نشاطات أسرية ممتعة، أو شراء لعبة جديدة للطفل.
وتشير إلى أن منع بعض الأطعمة بعينها، مثل السكريات والشوكولاتة، قد يجعل الطفل يشتهيها أكثر من غيرها ويقود إلى الإفراط في تناولها، وتضيف أنه “لا بأس من إدخال خيارات محبوبة لدى الأطفال، بين الحين والآخر، ضمن نظام غذائي متوازن، ولكن مع ضرورة تحديد الكمية وعدم توفيرها بسهولة داخل المنزل”.
3-خطأ شائع يقع به العديد من المربين ألا وهو إجبار الطفل على إنهاء الوجبة-(بيكسلز)
إجبار الطفل على إنهاء الوجبة خطأ شائع يقع فيه العديد من المربين (بيكسلز)
يمكن استغلال أوقات الوجبات فرصة لإرشاد الأطفال بشأن العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم بأسلوب شيّق وممتع كسرد القصص، إذ إن تعليم الطفل سلوكيات الأكل الصحي في سن مبكرة سيساعده وهو بالغ.
وتذكر السالم ما تعتبره خطأ شائعا يقع فيه مربّون كُثُر، وهو إجبار الطفل على إنهاء الوجبة حتى لو اكتفى بحاجته، مما يدفعه إلى تجاوز إشارات الشبع التي يصدرها الجسم، ومن ثم اختلال الميكانيزمات وتناول كميات كبيرة من الطعام، مما قد يؤدي إلى زيادة الوزن.
ومن المهم أيضا تعليم الطفل تحديد كمية الطعام التي يجب وضعها في صحنه، بما يتلاءم مع حاجاته الأساسية، والحرص على تناول الطعام بكميات تساعده على النمو السليم.
الطفل يكتسب عاداته الغذائية وخيارات الطعام الصحي من الأهل
وتشدد على ضرورة عدم تعيير الطفل بوزنه إذا كان يعاني من زيادة في الوزن، لأن ذلك يسبب عدم الرضا عن شكله، مما قد يدفعه إلى اتباع حميات غذائية مقيدة تجعله يشعر بالحرمان، وهذا يولد لديه ما يعرف باضطرابات الطعام كـ”النهم العصبي”.
وتضيف “احرص على أن تكون قدوة لأبنائك، لأن الطفل يكتسب عاداته الغذائية وخيارات الطعام الصحي من الأهل”.
تحت عنوان “ما الذي يمكنني فعله لمساعدة طفلي على تطوير علاقة صحية مع الطعام؟”، نشر موقع “تشيلدرن سنو” (childrensnutrition) مجموعة من النصائح يمكن للأهل اتباعها، منها:
قدم لطفلك مجموعة متنوعة من الأطعمة: ضع دائما الطعام الذي تعرف أنه سيتناوله، وكذلك ما يبدو أنه لا يرغب في تناوله، وشجعه على تجربته من حين لآخر.
اسمح له بأن يقرر: وذلك بمنحه الحرية في اختيار أوقات الأكل وأيضا مقدار ما يأكله. إذا رفض الطفل بشكل متكرّر طعاما مألوفاً له، فتقبّل أنه من المحتمل أن يكون كرها حقيقيا، ولا تخف من إعادة المحاولة لاحقا لأن تفضيلات الطعام تتغير بالفعل.
شجع طفلك على المشاركة في التسوّق: وكذلك شجعه على المساهمة في إعداد الطعام وطهوه.
اجعل المحادثات حول الطعام محايدة: تجنب تصنيف الطعام على أنه “جيد” أو “سيئ” أو “صحي” أو “غير صحي”.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية