استعداداً لتدخل محتمل في النيجر.. “إيكواس” تحشد 25 ألف عسكري
اتفق رؤساء أركان المجموعة الاقتصادية لدول غربي أفريقيا “إيكواس”، اليوم الثلاثاء، على حشد قوة من 25 ألف عسكري للتدخل المحتمل في النيجر، بحسب ما أفادت وسائل إعلام فرنسية نقلاً عن مسؤولين نيجيريين.
وصرّح الإعلام الفرنسي بأنّ “نيجيريا يمكن أن توفر أكثر من نصف القوة التي تنوي التدخل في النيجر بمشاركة من السنغال وبنين وساحل العاج”.
وقال مسؤول في الرئاسة النيجيرية لإذاعة “آر إف آي” الفرنسية إنّ “نيجيريا مصرّة على أن تكون قائدة للعملية، وستوفر أكثر من نصف القوات التي تنوي التدخل في النيجر إذا لزم الأمر”.
يأتي ذلك بعد أسبوعين على عزل الرئيس محمد بازوم، وغداة انتهاء المهلة التي حدّدتها المنظمة للمجلس العسكري النيجري، والتي طالبته فيها بـ”تسليم السلطة أو مواجهة احتمال استخدام القوة”.
وتزامناً مع إعلان الحشد الأفريقي لتدخل عسكري محتمل في النيجر، أعلن قادة المجلس العسكري فيها تعيين علي محمان لامين زاين، وهو اقتصادي ووزير سابق للمالية، رئيساً للوزراء في البلاد بعد عزل بازوم.
وجاء في البيان الذي أذيع على التلفزيون الرسمي للنيجر: “يُعيَّن السيد لامين زايني علي محمان، بموجب قرار رئيس المجلس الوطني للحماية الوطنية ورئيس الدولة، رئيساً للوزراء”.
ويشغل لامين زايني حالياً منصب ممثل بنك التنمية الأفريقي في العاصمة التشادية نجامينا، وسبق أن شغل المنصب نفسه في ساحل العاج والغابون.
وكانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا قد وضعت خطةً لـ”تدخل عسكري محتمل” في النيجر، في حال عدم تنحي قادة المجلس العسكري الانتقالي.
وأكّد مفوض الشؤون السياسية والسلام والأمن في المجموعة الاقتصادية لدول غربي أفريقيا “إيكواس”، عبد الفتاح موسى، أنّ الخطة الموضوعة تشمل “كيفية نشر القوات وموعدها”. وقد جاءت تصريحاته عقب اجتماعٍ إقليمي في العاصمة النيجيرية أبوجا.
وأوضح موسى في تصريحاته أنّ التكتل لن يكشف “متى ستكون الضربات وأين”، مُشيراً إلى أنّ ذلك “قرارٌ سيتخذه رؤساء الدول في المنظمة”.
أمّا السنغال، فأعلنت، على لسان وزيرة خارجيتها أيساتا تال سال، أنّها ستشارك في التدخل العسكري في النيجر إذا قرّرت منظمة “إيكواس” القيام به.
وقبل إعلان “إيكواس” أنّها قد تتدخّل عسكرياً، حذّر قادة المجلس العسكري في النيجر من أي تدخّلٍ ضدّ بلادهم، مؤكدين أنّ قمة المجموعة التي عُقدت في نيجيريا تهدف إلى “التصديق على خطة عدوان ضد النيجر من خلال القيام بتدخل عسكري وشيك في العاصمة نيامي، بالتعاون مع دول أفريقية ليست أعضاء في المنظمة وبعض الدول الغربية”.
وأكّد القادة العسكريون أنّ “أي تدخلٍ عسكري في نيامي سيجعلنا مضطرين إلى الدفاع عن أنفسنا حتى آخر رمق”، وتابعوا: “نريد أن نذكّر مرةً أخرى المجموعة الاقتصادية لدول غربي أفريقيا أو أي مغامر آخر بعزمنا الراسخ على الدفاع عن وطننا”.
واتهم قادة المجلس العسكري فرنسا بالرغبة في التدخل عسكرياً من أجل إعادة الرئيس بازوم المعزول والموالي لها إلى السلطة، معلناً إلغاءه عدداً من اتفاقيات التعاون العسكري مع باريس، إضافةً إلى إنهاء مهمات سفراء البلاد لدى كلٍ من فرنسا والولايات المتحدة ونيجيريا وتوغو.
من جهتها، أكدت مالي وبوركينا فاسو أنّ أيّ تدخلٍ في النيجر سيكون بمنزلة إعلان حربٍ عليهما، وتمّ الإعلان عن توجّه وفدٍ مشترك من البلدين إلى النيجر، تعبيراً عن التضامن معها.
وفي تشاد، قال مصدر مقرّب إلى دوائر صنع القرار في أنجمينا إنّ بلاده “لن تشارك في أي عملياتٍ عسكرية في النيجر”، مؤكداً أنّ “الشعوب الأفريقية في جميع دول المنطقة ترفض أي تدخل عسكري في النيجر”.
وقبيل انتهاء مهلة “إيكواس”، أعلن قادة المجلس العسكري إغلاق المجال الجوي للنيجر. وجاء في بيان للمجلس: “في مواجهة التهديد بالتدخل الذي بدأت تتّضح معالمه انطلاقاً من استعدادات البلدان المجاورة، أُغلق المجال الجوي للنيجر أمام جميع الطائرات بدءاً من الأحد وحتى إشعارٍ آخر”.
أحدث هذا القرار توتراً في تنظيم الرحلات الجوية أمس الاثنين، وخصوصاً التي تسيّرها الشركات الأوروبية إلى بعض الوجهات الأفريقية، بحيث اضطرت طائرات تقوم برحلاتٍ من ليبرفيل ودوالا وكينشاسا وكوتونو إلى باريس إلى العودة إلى نقطة إقلاعها من أجل التزود بكمياتٍ أكبر من الوقود تمكّنها من الطيران مسافة أطول من أجل الالتفاف على أجواء النيجر، وفق ما أوضحت شركة “إير فرانس” الفرنسية.
في غضون ذلك، تجمّع الآلاف من أنصار المجلس العسكري في العاصمة نيامي، مرحّبين بقرار عدم الإذعان للضغوط الخارجية أو التراجع عن خطوة المجلس العسكري، ونُظّم اعتصام قرب قاعدة جوية في نيامي، تعهّد المشاركون فيه بالمقاومة إذا لزم الأمر، لدعم الإدارة العسكرية الجديدة من دون اللجوء إلى العنف.
وقاد المنظّمون هتافات “تحيا النيجر”، في حين بدا أنّ الكثير من المشاعر معادية لـ”إيكواس” وفرنسا؛ القوة الاستعمارية السابقة للبلاد، وظهرت في شوارع العاصمة علامات على دعم المجلس العسكري الذي تسلّم الحكم في البلاد.
جاء كل ذلك بعدما أعلن جيش النيجر في 27 تموز/يوليو الماضي عزل رئيس البلاد محمد بازوم وتشكيل “المجلس الوطني لحماية الوطن”، الذي ترأسه مجموعة من القيادات العليا في الجيش.
والرئيس المعزول الذي انتخب عام 2021 هو حليف وثيق لفرنسا. وقد شهدت البلاد محاولة انقلاب في 31 آذار/مارس 2021، قبل يومين فقط من تنصيبه.
وتثير الأوضاع في هذا البلد الأفريقي مخاوف بشأن مستقبل البلاد والمنطقة، في وقت تواجه النيجر تحديات أمنية متزايدة بسبب تهديد الجماعات المسلحة المتنامية في منطقة الساحل، كما تثير قلق الغرب، وخصوصاً فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، لأنّ الرئيس المعزول يُعدُّ رجل باريس الأول في دول الساحل الأفريقي.