لبنان

الأخبار: الحاكم السابق وشركاؤه على لائحة «أوفاك»: الأميركيون يلفظون رياض سلامة

كتبت رلى ابراهيم في الأخبار: 

بعد 10 أيام على انتهاء ولايته حاكماً لمصرف لبنان، أدرجت الولايات المتحدة رجلها رياض سلامة ونجله ندي وشقيقه رجا وصديقته آنا كوزاكوفا ومستشارته مريان الحويك على لائحة العقوبات، وفق ادعاءات تُقارب تهمة تبييض الأموال التي سبق للإدارة الأميركية أن نفتها في 5 آذار 2021 عندما كان سلامة لا يزال حاكماً ويتمتع بامتيازات واسعة ويواصل سياسة استنزاف الاحتياطي والمقامرة بأموال المودعين والأموال العامة. وعلى الأثر، أعلنت السلطات البريطانية أنها فرضت، بالتنسيق مع الولايات المتحدة وكندا، عقوبات على سلامة​ وشقيقه رجا والحويك وكوساكوفا لتهريبهم أكثر من 300 مليون دولار من أموال البنك المركزي لتحقيق مكاسب شخصية!

هكذا، بعد 30 عاماً من جلوسه على عرش مصرف لبنان، «اكتشفت» الولايات المتحدة فساد سلامة بعد «انتهاء» صلاحيته وتطويقه أوروبياً، وأدرجته مع شركائه أمس في لائحة «أوفاك» (مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة)، لاتّهامه بـ«إساءة استخدام موقعه لتهريب ملايين الدولارات عبر شركات وهمية لاستثمارها في شراء عقارات في أوروبا»، مشيراً إلى أن «الجهود الدولية أثمرت الكشف عن علاقة هذه الشركات وحسابات مصرفية في أوروبا ومنطقة البحر الكاريبي، حيث يُعتقد أن سلامة متورط في عدد من المخططات غير القانونية لإثراء نفسه ومعاونيه». كما اتّضح أن «بقية الشركاء (ندي ورجا والحويك وكوساكوفا) أدّوا دوراً في إخفاء هذه العمليات وتسهيلها».

وأوضح البيان الصادر عن السلطات البريطانية أن الإجراءات ضد الحاكم السابق «لا تشمل المصرف المركزي أو العلاقة بين المملكة المتحدة والمصارف اللبنانية». ولفت وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني اللورد طارق محمود أحمد إلى أن «سلامة وأعوانه المقربين سرقوا اللبنانيين وحرموهم من الموارد الضرورية لاستقرارهم الاقتصادي والاجتماعي»، موضحاً أن «هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها حكومة المملكة المتحدة نظام العقوبات العالمي لمكافحة الفساد ضد الأفراد المتورطين في الفساد في لبنان» منذ بدء العمل بهذا النظام في نيسان 2021.
بدورها أعلنت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي عن فرض عقوبات على الأخوين سلامة والحويك «لتورطهم بالفساد وإساءة استخدام الأصول العامة لتحقيق ربح شخصي»، وأشارت إلى أنه «سيتم تجميد كل الأصول التي يمكن أن يكونوا يمتلكونها في كندا ومنعهم من دخول أراضيها ومنع أي مواطن كندي أينما وجد من التعامل معهم». ولم يفهم سبب ربط الوزيرة إعلانها عن العقوبات بـ «الذكرى الثالثة لانفجار المرفأ».
ماذا يعني وضع سلامة وشركائه على لائحة العقوبات الأميركية؟

حتى يوم أمس، كان سلامة لا يزال يستفيد من عائدات إيجار عقارات يمتلكها في بريطانيا وأميركا إضافة إلى امتلاكه حسابات مصرفية غير مجمّدة سيتم الحجز عليها تلقائياً. وسيكون على كل الدول المتعاونة مع «أوفاك» إلى إبلاغ المكتب بأي نشاط مصرفي أو عقاري خاص بسلامة أو بأفراد عائلته أو بمستشارته. كما سيتوجب على المصارف اللبنانية، تطبيقاً لقانون مكافحة تبييض الأموال، إقفال حسابات سلامة وشركائه، والأمر نفسه ينطبق على مصرف لبنان. والأهم أنه بات على هيئة التحقيق الخاصة في البنك المركزي، المعنية اساساً بمكافحة تبييض الأموال، أن تفتح تحقيقاً تفصيلياً حول حركة الأموال الخارجة من هذا الحساب منذ تاريخ فتحه.

سلامة​، من جهته، نفى لقناة «سكاي نيوز» الاتهامات الواردة في قرار العقوبات الأميركية والبريطانية والكندية، وتعهّد بـ«مواجهتها».
يأتي ذلك في وقت تعذّر على قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا التحقق من اختلاس سلامة للأموال رغم التحقيقات التي قام بها القاضي جان طنوس سابقاً ووثّق بموجبها هذه الاتهامات، واستند عليها القضاءان الفرنسي والألماني لإصدار مذكرة توقيف بحق الحاكم السابق ووضعه على لائحة المطلوبين من الإنتربول الدولي.

أبو سمرا الذي يسعى إلى تبرئة سلامة من تهمة الاختلاس عبر التأكيد بأن الأموال التي دفعها مصرف لبنان عمولات لشركة «فوري» التي يمتلكها شقيقه رجا هي أموال خاصة، لم يوقف سلامة خلال جلسة التحقيق الأخيرة معه بل قرر تركه، وهو ما دفع رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر إلى استئناف القرار أمام الهيئة الاتهامية في بيروت وطلب فسخ قرار القاضي وتوقيف سلامة. إلا أنه تعذّر على قوى الأمن الداخلي العثور على سلامة لإبلاغه بموعد الجلسة المحددة أول من أمس، فأُرجئت إلى 29 آب المقبل. علماً أن سردية عدم العثور على سلامة لتبليغه باتت بمثابة مزحة سمجة، ويفترض تالياً اتباع الإجراءات المحددة من القانون اللبناني بإبلاغه لصقاً في حال عدم وجوده في منزله، على أن يستتبع ذلك بمذكرة توقيف غيابية إذا لم يحضر إلى الجلسة. على أن ما حصل يلزم الهيئة الاتهامية التي ستكون بالمناوبة برئاسة القاضي ماهر شعيتو بتوقيف سلامة إن حضر، أو إصدار مذكرة بحقه إن لم يحضر، ما يعني عدم قدرته على التنقل وتعميم اسمه على كل الحواجز الأمنية والمعابر، إذ إن في حوزة هيئة القضايا ما يثبت كل التهم على الحاكم السابق وشركائه، وما يسمح بتوقيفهم. وقد تقدّمت اسكندر أمس بدعوى ارتياب ضد أبو سمرا أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز في ظل عدم اكتمال أعضاء الهيئة، علماً أن الأخير سيحال إلى التقاعد نهاية الشهر المقبل بعدما أدّى «واجبه» بحماية سلامة حتى اليوم الأخير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى