عربي و دولي

الأخبار: النفاق الأوروبي الرسمي: المستعمِرون المسلّحون مدنيّون والأطفال الشهداء إرهابيّون!

كتب وسام رفيدي في الأخبار: 

لمن كان يتوهّم ساذجاً بأن الدول الإمبريالية، «الدول الغربية» كمصطلح صحافي ملتبس، يمكن أن تقوم بدور الوسيط النزيه، فبنى كل منهجه السياسي على ذلك، لمن كان يقتات من فتات الليبرالية الرأسمالية فينتفخ بريش «ديموقراطيتها» ويحتقر شرقيتنا «المتخلّفة»، لمن كان يتقن التسول على أبواب المؤسسات الأوروبية طلباً لـ«دعم شعبنا» ونفخ جيوبه في الواقع، لكل هؤلاء جاءت حاملات الطائرات الأميركية والبريطانية، ومواقف أميركا وفرنسا وكندا وبريطانيا وألمانيا، لتُظهر حقيقة هذا الغرب الإمبريالي، لمن لم يلتقط سابقاً هذه الحقيقة، وليس كاتب المقالة منهم.

تكشّفت حقيقة ديموقراطيتهم لمن خفيت عليه في السابق. يتخذون موقف الداعم والمساند، والمشارك، في البربرية الصهيونية ضد قطاع غزة، حتى وصل الحدّ إلى منع أية مظاهر للتضامن مع أطفال غزة. يروّجون الأكاذيب الحقيرة عن سلوك المقاتلين الفلسطينيين من دون إثبات واحد، فيما كل صور مجازرهم ضد عائلات بأكملها، وضد الأطفال، بغضّ نظر إعلامهم عنها. يشيعون تشويهاً مقصوداً لحقيقة الصراع بأنه حملة من «حماس» ضد المدنيين، لا صراع بين شعب مستَعمَر واستعمار صهيوني إحلالي. مستوطنو مستعمرات الكيان، كتجمعات عسكرية منذ نشأتها مطلع القرن العشرين لليوم، هم «مدنيون»، رغم أن كلهم مسلحون من رؤوسهم إلى أخامص أقدامهم، فيفقدون صفة المدنيين، فيما مئات الأطفال شهداء وعشرات العائلات مُسحت بالكامل لا يحوزون حسب إعلامهم تصنيف «مدنيين».

لم يتوقفوا عند هذا الحد، بل سارعوا إلى نجدة كيانهم الاستعماري، أداتهم في المنطقة منذ نشأته، بإرسال حاملات الطائرات والمشاركة الفعلية، عبر التنسيق العسكري والاستخباري، في العدوان على شعبنا. لتسمّى الأمور بمسمّياتها دون رتوش، وعلى الأقل احتراماً للدم المسفوح: إنه عدوان متعدّد الأطراف، تشارك فيه الإمبرياليات الفرنسية والكندية والأميركية والبريطانية والألمانية، ويتّسع ليتجاوز تلك الدول، ليضمّ بين صفوفه أنظمة الرجعية العربية، أنظمة التتبيع التي سعت في اجتماع وزراء الخارجية العرب إلى إدانه مقاومة شعبنا متجنّدة للدفاع عن الصهاينة حين أعلنت رفض «المس بالمدنيين من الجانبين»! أية وقاحة هذه تساوي بين مستعمِر مسلح وطفل شهيد؟ لا عذر لمن تفاجأ.

الصراع الدموي بين شعبنا وحركة تحرّره من أجل التحرير والعودة، أعادت ذلك الصراع إلى حقيقته، وحدّدت أطرافه من جديد لمن كان يعاني من غباش الرؤية. الإمبريالية الأوروبية والأميركية، والرجعية العربية، هم معسكر الأعداء، وبعض من العرب الرجعيين. لا تتفاجأُوا في لحظة إن اكتشفتم مشاركتهم الفعلية في العدوان؛ ألم ينظّم هذا البعض مناورات عسكرية مشتركة مع جيش الصهاينة، وكذلك تعاوناً استخبارياً معلناً. وما فائدة كل هذا التعاون العسكري والاستخباري إن لم يكن للحظة السعي إلى الإجهاز على المقاومة، العدوّ المشترك، وحاضنتها الشعبية، كهذه اللحظة؟

إنّ العداء الإمبريالي الغربي لشعبنا كان ولا يزال ركناً رئيساً في تاريخ الصراع، وقد أعلنها بلينكن صراحة، الذي جاءهم كيهودي لا كوزير خارجية: ندعم إسرائيل أمس واليوم وإلى الأبد! إنه واثق من بقائها إلى الأبد، فيما الصهاينة أنفسهم غير واثقين بذلك.
ويستمر الصهاينة في حملة الأكاذيب، وماذا يملكون غير الأكاذيب وحمام الدم؟ ذلك تاريخهم منذ ما قبل عام 48 حتى آخر صاروخ سقط ويسقط على منزل عائلة في غزة، حتى إن رئيسهم استمر في كذبة قطع الرؤوس وحرق الأطفال، كانت كذبة وقحة وغبية معاً إلى درجة أن البيت الأبيض نفسه لم يستطع «جمطها»، فأعلن أننا لم نر صوراً لذلك، رغم أن بعض الصحافة الإمبريالية كررتها كـ«الواشنطن بوست». ومع ذلك، لا يهمّ البيت الأبيض وساكنه العجوز أن الصهاينة يكذبون بلا حياء، فهو يعلن صهيونيته، فتلك الأكاذيب تفصيلية صغيرة، فالمهم دعم شرطيّهم في المنطقة.

ومع أن الرهان والدور التاريخي هو أداء الكيان دور الشرطي في خدمة أسياده الإمبرياليين وضد شعوب المنطقة ونزوعها إلى التحرر الوطني من الاستعمار والهيمنة، والقيام بهذا الدور مراراً، إلا أنه أثبت عجزاً عسكرياً واستخبارياً مفضوحاً يوم 7 أكتوبر الماضي بحيث بات يحتاج إلى من يحميه باستدعاء البوارج البريطانية والأميركية، وتجنيد كل الصحافة الإمبريالية لنشر الأكاذيب والتشويهات. ولم يجد هذا الكيان المهزوم من وسيلة لرد اجتياح المقاومين العبقري سوى بنك أهداف عنوانه منازل العائلات والأطفال والمؤسسات على مختلف أنواعها. إنه يسعى إلى استعادة هيبته بقتل أكبر قدر ممكن وليرفع معنويات مستعمريه. ليس هذا بجيش مَنْ عمله العسكري ضمن هذا التوجه، فأيّ «عمل عسكري» هذا أن تجوّع 2 مليون وتقطع عنهم المياه والكهرباء والدواء، قبل وبعد مسح عائلات بأكملها. إنه سلوك الفاشيين العنصريين دون رتوش.
الإمبريالية الأوروبية والأميركية هي هي، فقط اليوم تظهر بكامل وقاحتها العنصرية المعادية، والرجعية العربية أيضاً هي هي، لا تخجل من عدائها للمقاومة. فقط على المراهنين على كل هؤلاء أن ينفضوا أيديهم، وعلى شعبنا أن يرفض التعاطي معهم وكأنّ شيئاً لم يكن، ورفض التعاطي يعني رفض التعامل مع مؤسساتهم و«تمويلهم» التخريبي، ومحاصرتهم وطردهم من وطننا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى