الأخبار: أميركا تبيع العالم كذبة اسمها هدنة… وحماس تنفي الاتفاق: تهجير أبناء شمال غزة تحت النار
كتبت الأخبار:
تتعامل حركة حماس بحذر شديد مع الطروحات الأميركية – الإسرائيلية في شأن ما يُصطلح على تسميته بالهدنة الإنسانية. وحتى مساء أمس، لم يكن الوسطاء قد توصّلوا إلى اتفاق يقبل به جميع الأطراف. واتّضحت الصورة مع إعلان البيت الأبيض عن هدنة يومية لأربع ساعات، سرعان ما أوضحت إسرائيل أنها لا تعني وقفاً للعمليات العسكرية.
وكشفت مصادر متابعة أن الطرح الأميركي للهدنة المؤقتة لأربع ساعات يومياً جاء تلبية لرغبة حكومة العدو التي لا تريد هدنة يمكن أن تمثل إنجازاً للمقاومة، أو تنعكس سلباً على الموقف السياسي داخل إسرائيل وفي العالم، وعلى مستوى الواقع الميداني للجيش. وأكّدت المصادر أن جوهر ما أعلنت عنه واشنطن يهدف إلى تحقيق هدف واحد، وهو دفع أبناء شمال غزة إلى مغادرته نحو الجنوب، في سياق المخطط الأساسي لتهجير جميع سكّان القطاع.
وقالت المصادر إن المقاومة في القطاع لن تفرض على أحد البقاء أو الانتقال من الشمال إلى الجنوب، وتتعامل مع هذا الطرح على أنه دعم أميركي إضافي للعدو، كونه لا يوفّر وقفاً شاملاً للعمليات العسكرية وإفساحاً في المجال أمام توفير دعم إنساني حقيقي لسكان القطاع. وأوضحت أن حكومة العدو تطلب مزيداً من الوقت لتحقيق إنجازات ميدانية تمنح إسرائيل صورة انتصار. وشدّدت على أن فكرة تهجير سكان القطاع إلى الجنوب تعني، عملياً، إفساح المجال للعدو لشنّ عملية تدميرية أكثر شدّة لكل الشمال، وإعفاء العدو من أي مساءلة عن الجنون بحجة عدم وجود مدنيين.
وبحسب المصادر، فإن موقف العدو الرافض للهدنة لا يتعلق فقط بالوضع الميداني، بل أيضاً بالضغط على قوى المقاومة لإطلاق عدد من المحتجزين الإسرائيليين من دون مقابل. وأكّدت أن ما أُعلن عنه من «هدن مؤقتة» لا يتوافق مع جوهر المحادثات الجارية على أكثر من صعيد، ومن بينها ما دار في محادثات وفد قيادة حركة حماس في القاهرة، وكذلك في الاجتماعات التي تُعقد في الدوحة بين مدير الـ«سي آي إيه» وليام بيرنز، ورئيس «الموساد»، ديفيد بارنياع ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. ونقلت وكالة «رويترز» عن «مسؤول مطّلع على المفاوضات» أن «المحادثات الثلاثية تهدف إلى العمل على تفاصيل وقف إنساني محتمل (للقتال)، من شأنه أن يؤدي إلى إطلاق رهائن وإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة»، مضيفاً أن «المحادثات كانت تتقدّم بشكل جيد في الأيام القليلة الماضية نحو التوصل إلى اتفاق».
ومن دون ربط الأمر بمفاوضات الدوحة، أعلن الناطق باسم البيت الأبيض، جون كيربي، أن «إسرائيل ستبدأ بتنفيذ هدن لمدة أربع ساعات في مناطق شمال غزة كل يوم، مع الإعلان عنها مسبقاً قبل ثلاث ساعات. وقد أبلَغنا الإسرائيليون بأنه لن تكون هناك عمليات عسكرية في تلك المناطق خلال فترة الهدن (وأن) هذه العملية تبدأ اليوم (أمس)». وأوضحت الخارجية الأميركية أنه سيكون هناك «ممران إنسانيان» لتمكين السكان من الانتقال من شمال غزة إلى جنوب القطاع، مع زيادة الإمدادات والمساعدات الإغاثية في المناطق التي ينتقلون إليها، وأن معبر رفح فُتح أمس لدخول شاحنات المساعدات إلى غزة ولخروج الرعايا الأجانب، وأن الولايات المتحدة تريد أن ترى المزيد.
ما لم يقله الأميركيون تصريحاً هو أن الهدن وما يمكن أن يليها من اتفاقات تأتي بضغط أميركي ناجم أساساً عن فشل الجيش الإسرائيلي في تقديم أي إنجاز ميداني يمكن استخدامه في المفاوضات. وذلك ما يفسّر استمرار المواقف الإسرائيلية العلنية عند سقف عدم وقف النار حتى تحرير كل الأسرى، والذي عبّر عنه نتنياهو ووزير دفاعه، يوآف غالنت، على رغم أن مشاركة برنياع في مفاوضات الدوحة، تفيد بأن الحكومة الإسرائيلية قد تضطر قريباً لإعادة النظر في الأهداف، لتتناسب مع نتيجة المعارك على الأرض. ومع ذلك، لا يزال نتنياهو وأركان حكومته غير مستعدّين لوقف النار قبل تحقيق «إنجاز» يخفّف عنهم المحاسبة التي يتوقع أن يتعرّضوا لها في نهاية الحرب نتيجة عملية «طوفان الأقصى» وفشل العملية البرّية في غزة.
لكنّ الحسابات بالنسبة إلى الإدارة الأميركية تختلف، فهي ليست مستعدّة لتحمّل تبعات فشل العملية البرية الإسرائيلية في غزة. ولذلك، لم يعد المسؤولون الأميركيون يجهدون كثيراً لإخفاء الخلافات مع القيادة الإسرائيلية، ولا الضغط الذي يمارسونه عليها. وتبدّى ذلك من خلال قول بايدن، رداً على سؤال عما إذا كان يشعر بالاستياء من نتنياهو لرفضه تطبيق وقف لإطلاق النار لمدة تصل إلى ثلاثة أيام، إن «الأمر استغرق من الوقت أكثر مما كنت آمل به».
وفي إطار المعركة الإعلامية الناجحة التي تخوضها المقاومة، إلى جانب المعركة العسكرية، بثّت «حركة الجهاد الإسلامي» شريط فيديو للأسيرة الإسرائيلية حنة كتسير البالغة من العمر 70 عاماً والفتى ياغيل يعقوب البالغ 13 عاماً، مؤكّدة استعدادها للإفراج عنهما في حال توافرت «الشروط الملائمة ميدانياً وأمنياً». وقالت الحركة إنها «لم تعد تستطيع تقديم الرعاية الصحية لهما في ظل انعدام الدواء والوقود والكهرباء وكل مقوّمات الحياة». وأبدت المرأة والفتى رغبتهما بالإفراج عنهما سريعاً، وانتقدا إدارة نتنياهو للأزمة. واعتبر المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي ريتشارد هيشت الفيديو «إرهاباً نفسياً».
كذلك، أعلنت «كتائب القسام» مقتل المجنّدة الإسرائيلية الأسيرة، فاؤول أزاي مارك أسياني، وعمرها 19 عاماً، وإصابة جندي أسير آخر في غارة جوية إسرائيلية على قطاع غزة.