لبنان

السيّد فضل الله شدد على تعزيز الوحدة الداخلية في مواجهة العدو: على اللبنانيين أن يعتزوا أن هناك من يقدم التضحيات دفاعًا عن البلد وسيادته

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك،في بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

“عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي، بما دعانا إليه الله، فقال: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، حيث دعانا إلى أن نصبر عبد البلاء، الذي هو طابع الحياة التي نعيشها، وأن لا نجزع عندما يصيبنا، وأن نقول بأننا ملك له لا نتصرف إلا من وحي ما يريد، وإننا سنعود إليه وسيجيزنا إن صبرنا ما وعدنا به، عندما قال:: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.

وبذلك أيُّها الأحبّة، نستطيع أن نواجه صعوبات الحياة وآلامها ونكون أكثر قدرة على مواجهة التحديات.”

وقال: “البداية من الحدث الجلل الذي حصل لطائرة الرئيس الإيراني في خلال عودتها من تدشين مشروع تنموي مشترك بين إيران وجارتها أذربيجان، والذي أودى بحياة الرئيس الإيراني، ووزير خارجيته ومرافقيه، والذي كان له وقعه الأليم على الشعب الإيراني، وهم الذين حملوا همومه وقاموا بالعمل الدؤوب للنهوض به ومعالجة الأزمات التي يعاني منها، وفي اتباع سياسة الانفتاح على المحيط ودول العالم، وفي مساعدة الدول والشعوب المستضعفة والوقوف معها في مواجهة الظلم الذي تتعرض له.”

أضاف: “ونحن أمام ما جرى نتوجه بأحر التعازي لقائد الجمهورية الإسلامية ولحكومتها وللشعب الإيراني على هذا المصاب الأليم، ونحن على ثقة بأن الجمهورية الإسلامية في إيران ورغم فداحة هذا المصاب، قادرة على تجاوز تداعيات هذه الحادثة الأليمة، وهي التي تخطّت ما هو أقسى منها في السابق، وستتابع دورها الذي أخذته على نفسها في حمل قضايا شعبها والاستمرار في سياسة اليد الممدودة التي اتبعتها ونصرة الدول والشعوب المستضعفة ولا سيما القضية الفلسطينية التي وضعتها على رأس أولوياتها ولن تحيد عنها”.

وتابع: “ونعود إلى الجرح النازف في قطاع غزة، حيث يواصل العدو الصهيوني مجازره، والتي يستكملها في الضفة الغربية، حيث يواصل اقتحامه لمدنها ومخيماتها، وكان آخرها ما جرى في جنين والذي يواجه بمقاومة باسلة وعنيدة.

يأتي ذلك في ظل استمرار الدعم المطلق لهذا الكيان من الدول الغربية وعلى رأسها الإدارة الأميركية، والذي جاء التعبير عنه على لسان وزير خارجيتها أمام الكونغرس، والذي أشار فيه ومن دون مواربة إلى الدعم غير المحدود الذي يتلقاه هذا الكيان من الولايات المتحدة الأميركية على صعيد التسليح أو الأموال أو المعلومات أو التغطية على ارتكاباته، وهو وإن أشار إلى التباين معه حول الرؤية المستقبلية لما بعد انتهاء الكيان الصهيوني من حربه، لكن ذلك لن يمنع من استمرار هذا الدعم المطلق”.

واردف: “وإن كنا بدأنا نشهد تغيراً في المزاج الغربي، والذي نأمل أن تتوسع دائرته، والذي جاء التعبير عنه من داخل تلك الدول، في المسيرات والاعتصامات التي يشهدها ولا يزال الغرب، وما جرى أخيراً في اعتراف عدد من الدول الأوروبية بحق الشعب الفلسطيني والذي تحقق رغم التحذيرات التي أتت من الإدارة الأميركية والغضب الذي عبر عنه قادة الكيان الصهيوني. وهو ما برز على الصعيد العالمي عبر القرار الذي أصدره المدعي العام للجنائية الدولية، والذي يطالب فيه المحكمة الجنائية بمحاكمة رئيس الوزراء الصهيوني ووزير حربه لارتكابهما جرائم حرب…وأيضاً في القرار المتوقع صدوره من محكمة العدل الدولية بدعوة الكيان الصهيوني لإيقاف حربه على غزة”، معتبرا ان “الذي جرى يشكل إدانة للكيان الصهيوني الذي بات ولأول مرة يخضع للمساءلة القانونية الدولية، حيث لم يعد يمكن التغاضي عن جرائمه وارتكاباته”.

واضاف: “في هذا الوقت، يستمر الشعب الفلسطيني ومقاومته في تقديم أنموذجهم في البطولة والفداء، وفي الوقوف في وجه آلة العدو العسكرية، ومنعه من تثبيت مواقعه في الأماكن التي وصل إليها أو يتواجد فيها في غزة وهو يتكبد في ذلك خسائر فادحة من جنوده وآلياته كما يعترف بذلك قادته. إن كل ذلك عمق من المأزق الصهيوني وهو انعكس على الوضع داخل الكيان حيث تعمقت التناقضات بين المكونات الصهيونية وأطراف الحكومة مما أخذ يهدد بإسقاطها”.

وقال: “ونصل إلى لبنان، حيث يواصل العدو اعتداءاته التي باتت تطاول المدنيين وأدت إلى استهداف أحد المدرسين وهو في طريق إلى الثانوية التي يعلم فيها الأستاذ والمربي محمد علي ناصر الفران كما أصابت طلاب المدارس الأبرياء، وهو يستمر بتهديداته بعدوان واسع عليه، والتي كان آخرها ما جاء على لسان رئيس وزراء العدو، والذي لوح فيه بمفاجآت وخطط جديدة للبنان، وإن كنا لا نزال نراه من باب التهويل والابتزاز ويهدف لتحقيق مكاسب إضافية يريدها العدو من لبنان لحساب أمنه وأمن مستوطنيه، لكن ذلك يدعو إلى الحذر والجهوزية لمواجهة أي مغامرة يقدم عليها. ومن هنا، فإننا نجدد التأكيد على تحصين هذا البلد من الداخل وتعزيز الوحدة الداخلية في مواجهة هذا العدو، وعدم المس بما قد يحقق أهداف العدو وحتى لا يكون ذلك على حساب سيادة هذا البلد وأمنه واستقراره”.

وعن الذكرى الرابعة والعشرين لعيد المقاومة والتحرير، قال: “نستعيد فيه مشهد الانتصار الذي تحقق للبنانيين في الخامس والعشرين من شهر أيار عام 2000، ذلك اليوم الذي خرج فيه العدو الصهيوني صاغراً ذليلاً خائفاً يجر معه أذيال الخيبة والخذلان… ونحن عندما نستحضر هذه المناسبة العزيزة، فلنستعيد هذه البطولات والتضحيات الجسام التي قدمت ممن جاهدوا واستشهدوا وسجنوا وصبروا، لننعش ذاكرتنا بها حتى لا ننسى، ولنعبر عن اعتزازنا بكل هؤلاء الذين صنعوا لهذا الوطن مجده، هذا المجد الذي كتب ناصعاً على صفحات تاريخ هذا الوطن ورسخوا به من خلال مقاومتهم موقعاً أساسياً من مواقع القوة للبنان، والتي تنضم إلى قوة الجيش اللبناني والتي تمثل سنداً ودعامة له لا بديلاً عنه”.

وختم: “إن على اللبنانيين أن يعتزوا أن هناك في هذا البلد من لا يزال يعمل بالليل والنهار في كيفية مواجهة هذا العدو ويقدم التضحيات في هذا الطريق دفاعاً عن هذا البلد وسيادته وأن لا يكون مقراً لهذا العدو وممراً له”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى