للمرّة الأولى منذ 5 سنوات.. قمة صينية يابانية كورية جنوبية مرتقبة في سول
وصل رئيسا وزراء الصين واليابان إلى سول، الأحد، لعقد قمة ثلاثية هي الأولى منذ 5 سنوات، وسط توقعات بأن تركز على القضايا الاقتصادية بدلاً من المسائل الجيوسياسية الحساسة.
وبعد وصولهما إلى العاصمة الكورية الجنوبية، من المقرر أن يلتقي رئيسا الوزراء الصيني لي تشيانج والياباني فوميو كيشيدا مع الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول بشكل منفصل.
كما من المقرر أن يعقد الزعماء الثلاثة، الاثنين، اجتماعاً ثلاثياً هو الأول من نوعه منذ 5 سنوات، بحسب وكالة “يونهاب” الكورية الجنوبية التي أشارت إلى أن آخر قمة عقدت بين الدول الثلاث عام 2019، لافتةً إلى أنها توقفت بسبب “جائحة كوفيد-19، وتوتر العلاقات بين سول وطوكيو على خلفية الخلافات التاريخية”.
وتوقعت الوكالة الكورية الجنوبية، أن يبحث الزعماء الثلاثة مسألة “التعاون في القطاعات الاقتصادية والتجارية والصحية”، مشيرةً إلى أنهم يهدفون من خلال القمة إلى “تجنب التوتر”، حيث تتحالف سول وطوكيو بشكل وثيق مع واشنطن التي تتنافس مع بكين.
من جهتها، رجحت هيئة الإذاعة اليابانية NHK، أن يؤكد الزعماء الثلاثة على “زيادة تسهيل التبادلات البشرية من خلال التفاعلات الأكاديمية والسياحة، كما “من المحتمل أيضاً أن يحددوا عامي 2025 و2026 كعامين للتبادلات الثقافية”.
أزمة كوريا الشمالية
وبينما استبعدت “يونهاب”، أن تحل الدول الثلاث خلال الاجتماع، خلافاتها في قضايا كوريا الشمالية، والأمن الإقليمي، وصف نائب مستشار الرئيس الكوري الجنوبي لشؤون الأمن القومي كيم تاي هيو، القمة المرتقبة بـ”نقطة تحول”، مشدداً على أنها “ستوفر فرصة لاستعادة التعاون العملي ذا التوجه المستقبلي بين الدول الثلاث”.
ورغم إجراء كوريا الشمالية تجارب أسلحة أكثر تقدماً من أي وقت مضى، وإجراء الصين تدريبات عسكرية حول تايوان، يتوقع خبراء كذلك أن تتجاهل القمة القضايا الأمنية، وتسعى إلى إيجاد أرضية مشتركة لتحقيق مكاسب دبلوماسية سهلة، بحسب وكالة “فرانس برس”.
وقال مسؤول في المكتب الرئاسي بكوريا الجنوبية، إن القضايا المتعلقة بكوريا الشمالية “يصعب حلها بشكل واضح وسريع في وقت قصير”، لذا ستركز القمة بشكل أكبر على التعاون الاقتصادي.
وأضاف: “تجري حالياً مناقشة إعلان مشترك”، مشيراً إلى أن سول ستحاول أن تُدرج فيه القضايا الأمنية “إلى حد ما”.
وتعدّ الصين أكبر شريك تجاري لكورياً الشمالية وحليفاً دبلوماسياً رئيسياً لها، وقد قاومت في السابق إدانة بيونج يانج بسبب اختباراتها العسكرية، وانتقدت بدلاً من ذلك التدريبات المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
واعتبرت وكالة “شينخوا” الصينية، أن استئناف الاجتماع الثلاثي بحد ذاته “أمراً مهماً”، مشيراً إلى أنه “يبشر باستعداد الدول الثلاث لإعادة التركيز على الحوار والتعاون”.
وشددت الوكالة الصينية، على وجود “حاجة ماسة إلى التعاون والتضامن بين البلدان الثلاث من أجل معالجة التحديات الرئيسية التي تواجه المنطقة والعالم، بما في ذلك الاتجاهات الحمائية، والصراعات المسلحة، وإعادة هيكلة سلسلة التوريد، وتغير المناخ”.
وستعتمد القمة الثلاثية، وهي التاسعة من نوعها، بياناً مشتركاً، بحسب “يونهاب” التي نقلت عن المصادر قولها إن “البلدان الـ3 تناقش تضمين بند يدعو إلى حل قضايا المختطفين والمعتقلين وأسرى الحرب الكوريين الجنوبيين المحتجزين في كوريا الشمالية”.
وقال مصدر حكومي في كوريا الجنوبية طلب عدم الكشف عن هويته للوكالة: “في البيانين المشتركين الصادرين عن القمتين الثلاثيتين السابعة والثامنة في عامي 2018 و2019 على التوالي، تم تضمين حل قضية المختطفين اليابانيين”، مضيفاً، أن “هناك احتمالاً كبيراً لإدراج قضية المختطفين اليابانيين، وكذلك المواطنين الكوريين الجنوبيين”.
ويوجد حالياً 6 كوريين جنوبيين محتجزين في كوريا الشمالية، ولا يُعرف مكانهم أو مصيرهم، بحسب الوكالة التي أشارت إلى أنه “لا يزال 516 كورياً جنوبياً لم يعودوا إلى ديارهم بعد، من بين ما يقدر بـ3 آلاف و835 شخصاً اختطفتهم كوريا الشمالية بعد الحرب الكورية (1950-1953)”، على حد تعبيرهم.
لقاءات ثنائية
وخلال اللقاء الثنائي مع رئيس الوزراء الصيني الذي يزور كوريا الجنوبية لأول مرة منذ توليه المنصب في مارس 2023، توقعت “يونهاب” أن يناقش الرئيس الكوري يون سوك “سبل تعزيز التواصل الاستراتيجي، وتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري، وتبادل الآراء بشأن القضايا الأمنية”.
ورجحت “يونهاب”، أن يناقش الرئيس الكوري الجنوبي مع رئيس الوزراء الياباني، “سبل تعميق التعاون في مختلف المجالات، وتعزيز التعاون الثلاثي مع الولايات المتحدة لردع تهديدات كوريا الشمالية”.
وعن المباحثات الصينية اليابانية، ذكرت هيئة الإذاعة اليابانية، أن “كيشيدا حريص على إعادة تأكيد عزمه على تعزيز علاقة متبادلة المنفعة مبنية على المصالح الاستراتيجية المشتركة”، مرجحةً كذلك أن “يسعى كيشيدا إلى دفع الصين لإلغاء تعليق وارداتها من المأكولات البحرية اليابانية على الفور، وتوضيح مواقف حكومته بشأن القضايا الثنائية الأخرى المعلقة”.
ومن المتوقع أيضاً أن يدعو كيشيدا الصين إلى “حل القضايا المتعلقة بتايوان سلمياً من خلال الحوار”، بحسب هيئة الإذاعة اليابانية.
وانتهج رئيس كوريا الجنوبية منذ مايو 2022، سياسة التقارب مع اليابان، القوة الاستعمارية السابقة رغم الخلافات التاريخية معها، وعزز البلدان علاقاتهما مع واشنطن في مواجهة التهديد الكوري الشمالي.
وترفض الصين، الشريك التجاري والحليف الدبلوماسي الرئيسي لكوريا الشمالية، باستمرار إدانة التجارب النووية التي تجريها بيونج يانج، وتفضل توجيه أصابع الاتهام إلى التدريبات المشتركة التي تجريها سول وواشنطن.