الأخبار: مستوطنو الشمال: لم تكن إسرائيل أبداً بمثل هذا الضعف
كتبت بيروت حمود في الأخبار:
غمامة سوداء خيّمت على هضبة الجولان بسبب الحرائق التي اندلعت في اليومين الماضيين، بعد صليات صواريخ أطلقها حزب الله ضد مواقع عسكرية حساسة. وشهدت المنطقة «تراجيديا» انتهت بمقتل الإسرائيليين نوعا ونير برنس، بعد إصابة سيارتهما بصاروخ، اثناء مرورها بالقرب من معسكر «نيفاح» في طريقهما إلى حيث يقيمان في مستوطنة «أوطال». مرّ الزوجان بشارع 91، وهو الطريق الرئيسي الذي على كل مسافر إلى شمال الجولان المرور عبره. ورغم أن حزب الله، وفقاً لـ«القناة 12»، يتعمّد استهداف المقارّ العسكرية في المنطقة، لا المناطق السكنية، إلا أن مرور الزوجين الذي لم يكن منه مهرب، تسبب بمقتلهما.ومعلوم أن حزب الله وضع الجولان في مركز أهدافه المباشرة خلال عملية طوفان الأقصى، وهو تدرّج في قصف المواقع العسكرية فيها، وهي بالأغلب مواقع موجودة في نقاط جغرافية خاصة. لكن المناخ العام لمستوطني الجولان تأثر، بعدما تحولت الهضبة الى ساحة حرب، إضافة الى تسبب القصف بحرائق كبيرة في المنطقة.
وعلى هذا الأساس، أعادت القناة نفسها طرح السؤال نفسه منذ تسعة أشهر: «ما هي الاستراتيجية التي تتبعها إسرائيل؟ تهاجم حزب الله، لكن السكان في الشمال لا يشعرون بأي تغيّر في الوضع منذ فترة طويلة، بل بفقدان للأمن لم يعرفوه من قبل». ونقلت عن رئيس المجلس الإقليمي للجولان أوري كلينر قوله إن «ما يحصل لا يُطاق، ينبغي التوجه إلى الحكومة والجيش وسؤالهما كيف حصل أن سمحوا بوضع الجولان في مرمى حزب الله في اللحظة التي يقوم فيها الجيش بعملية اغتيال ناجحة، أو يستهدف مناطق في عمق لبنان؟». وأضاف كلينر «حزب الله يريد أن ننزح ونُهمل، ونحن نريد البقاء في بلداتنا، ونتوقّع من حكومتنا أن تتولى مسؤوليتها وتنقل القتال إلى داخل الحدود اللبنانية لتحمي المواطنين الإسرائيليين».
على المقلب الآخر، ذكر موقع «واللا» الإلكتروني أن سقوط قتلى «خلّف صدمة وغضباً» في صفوف مستوطني الجليل والجولان، الذين قتل منهم منذ بدء الحرب 12 مستوطناً. وقابل مندوب الموقع مستوطِنةَ تدعى ميلي روزنباوم، تقيم في كيبوتس «كفار سالد»، الذي يبعد خمسة كيلومترات عن الحدود مع لبنان، ولم يطلب من سكانه الإخلاء بعد. وقالت إنه «منذ تسعة أشهر ونحن نصرخ في كل مكان حول انعدام الأمن لمواطني إسرائيل في الشمال. المواطنون أُهملوا وتم التخلي عنهم. ولسوء الحظ بالنسبة إلينا، فإن الافتقار إلى الحَوْكَمة وانعدام الأمن على الحدود الشمالية كلّفا أرواح اثنين من المدنيين اللذين قتلا بسبب هذا التخلي».
وتحدثت روزنباوم باسم هيئة «منتدى درع غلاف لبنان» الذي يمثّل سكان الكيبوتسات التي لم تخلَ في الشمال الحكومة الاسرائيلية، وطالبت «بالعمل عبر كل الوسائل الممكنة لوضع حد للتخلي عن الشمال ولحماية سكان المنطقة الشمالية». وأضافت: «يبدو أن علينا تذكير الحكومة دوماً بأنه من دون شمال قوي لا يوجد إسرائيل قوية».
أمّا نيسان زئيفي، وهو عضو كيبوتس «كفار جلعادي» والناشط في «لوبي 1701»، فقال إن «تسعة أشهر مرت ونحن نحذّر من أن فقدان المبادرة في الحدود الشمالية من شأنه أن يكلّف حياة المزيد من المواطنين. ومقتل المستوطنَين دليل إضافي على سلوك التخلي الذي تنتهجه دولة إسرائيل تجاه الشمال… وتكون النتيجة أن يدفع المواطنون البسطاء حياتهم بسبب فقدان الثقة وعدم اتخاذ القرارات». وهدد زئيفي بأن سكان الشمال «لن يسمحوا باستمرار هذا الوضع»، مطالباً «كل صنّاع القرار بالاجتماع وأخذ القرار، وأن يدركوا بأن مواطني الشمال في خطر وحان الوقت لأخذ زمام المبادرة».
وهاجم الأمين العام لحركة الكيبوتسات ليؤور سيمحا السياسة الأمنية التي تنتهجها الحكومة في الشمال. وقال إن «المفهوم الأمني لدولة إسرائيل، الذي في إطاره قمنا منذ سنوات بالتطبع مع فكرة إطلاق الصواريخ دون قيود على غلاف غزة، هو مفهوم يُطبّق بالطريقة نفسها تماماً الآن في الشمال». وأضاف: «نذكر جميعاً كيف انتهى ذلك في الجنوب. جميعنا نتشارك القلق من مواجهة مصير مماثل في الشمال». والسبب أن «الدولة تخلت عن مستوطنات غلاف غزة، وأهملت مواطني الحدود الشمالية، وتخلّت عن الجولان. وبالنتيجة أننا منذ تسعة أشهر نطوي علم إسرائيل والاستيطان الصهيوني معاً».
ولفت سيمحا في مقابلة مع «واللا» إلى «أننا نعيش في عار وتخلّ أمنيين لم نعرفهما من قبل. لم تبدُ إسرائيل قط بهذا الضعف في مواجهة أعدائها. قُتل إسرائيليان على الطريق في هضبة الجولان بنيران حزب الله، ونحن عاجزون، ونفتقر إلى خطة عمل والشرعية العامة. لقد حان الوقت لإظهار القيادة والمبادرة، سواء بعملية عسكرية أو سياسية، لوضع حد لهذا الوضع الذي لا يطاق. لا يمكن أن يستمر الأمر على هذا النحو».