الأخبار: نتنياهو إلى واشنطن اليوم: زيارة مثقلة بالمآزق!
كتبت الأخبار:
تأتي زيارة رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لواشنطن، والتي يعتزم خلالها إلقاء خطاب أمام الكونغرس، في الرابع والعشرين من الجاري، في خضمّ تصاعد الضغوط الخارجية والداخلية التي تحثّه على التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى، وهي تأخذ، في الحسبان، التطورات التي طرأت، في الأسابيع الأخيرة، على مسار الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستنعقد في تشرين الثاني القادم. وبعدما وجّه «تعنّت» نتنياهو إزاء إبرام صفقة سريعة، صفعة قوية إلى «الآمال» التي عبّر عنها العديد من المسؤولين الأميركيين، في وقت سابق من هذا الشهر، يرى مراقبون أنّ الرئيس الأميركي، جو بايدن، سيعبّر علناً، بعد لقائه نتنياهو، عن الحاجة إلى المضيّ قدماً في الصفقة، بشكلها الحالي، مع طمأنة تل أبيب، في الوقت عينه، إلى أن واشنطن والقاهرة يمكن أن تتوصلا إلى ترتيب ثلاثي قوي، في ما يتعلق بالجانب المصري من حدود غزة، بما يشمل استخدام تقنيّات استشعار خاصة، ومنح إسرائيل القدرة على الوصول إلى نتائجها.وعلى الرغم من أن رئيس وزراء الاحتلال سيكسر، في أعقاب خطابه، الرقم القياسي لأكبر عدد خطابات أمام الكونغرس يلقيها مسؤول أجنبي، متجاوزاً حتى ونستون تشرشل، فإنّ الفجوة الزمنية الطويلة بين هذه الزيارة وزيارته الأخيرة، تعكس، طبقاً لتقرير نشره «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى»، التوترات المستمرة بين حكومته وإدارة بايدن الديموقراطية، والتي بدأت مع سياسة الإصلاح القضائي، وسعّرتها، في ما بعد، الحرب في غزة، وغياب أيّ خطط إسرائيلية لـ«اليوم التالي» لتلك الحرب. وفي ما يتعلق بـ«اللهجة» التي قد يتبنّاها نتنياهو في خطابه، يتوقع بعض المسؤولين الأميركيين، في حديث إلى «معهد واشنطن»، «أن يعرب عن امتنانه لإدارة بايدن لمساعدتها الواسعة النطاق منذ 7 أكتوبر، ويلتزم بالمواضيع التي تظهر أن هناك إجماعاً ثنائياً»، ما يرجع على الأرجح إلى عدم رغبة نتنياهو في زيادة الشرخ مع الديموقراطيين، لعدم تكرار سيناريو مقاطعة العديد منهم خطابه الاستقطابي، عام 2015 أمام الكونغرس، في ذروة المناقشات حول الاتفاق النووي الإيراني، ولا سيما أنّ العديد من المسؤولين الديموقراطيين أعربوا، بالفعل، عن نيتهم مقاطعة خطابه القادم.
وإلى جانب استغلال الزيارة والخطاب للإيحاء، لمعارضيه في الداخل الإسرائيلي أقله، بأنّ علاقته مع واشنطن لا تزال «بخير»، فإنّ نتنياهو، يسعى، طبقاً لمراقبين، إلى الحصول على دعم عسكري وديبلوماسي من الولايات المتحدة، في حال اضطرّ، في وقت لاحق، إلى «تصعيد» المواجهة مع حزب الله. وفي هذا الإطار، نشر موقع «مجلس العلاقات الخارجية» تقريراً حول الزيارة، جاء فيه أنّ نتنياهو سيسعى إلى تحويل الأنظار بعيداً «عن الصراع في غزة، نحو التهديد الذي تشكله إيران ووكلاؤها ليس فقط على إسرائيل، ولكن أيضاً على الولايات المتحدة»، في وقت يعتزم فيه جيش الاحتلال «إنهاء العمليات الكبرى في غزة، وتحويل انتباهه إلى جنوب لبنان، موطن حزب الله».
وبخصوص ملف الأسرى الإسرائيليين، نظّم «منتدى عائلات الرهائن»، الذي يضمّ أقارب أولئك، عشية زيارة نتنياهو لواشنطن، مسيرات في 30 موقعاً في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، الأربعاء، حيث ناشد هؤلاء نتنياهو التوصل إلى صفقة. وكانت بعض وسائل الإعلام الأميركية قد أفادت، في وقت سابق هذا الشهر، بأنّ عائلات الرهائن الأميركيين المحتجزين في غزة، تطالب بمقابلة نتنياهو خلال رحلته القادمة إلى واشنطن، برفقة أعضاء الكونغرس الذين يمثلون مناطقهم، وذلك للضغط عليه أيضاً للمضيّ قدماً في اتفاق التبادل. وعلى الضفة نفسها، دعا، على سبيل المثال، زعيم المعارضة البرلمانية الإسرائيلية، يائير لابيد، نتنياهو إلى إلغاء خطابه أمام الكونغرس في الـ 24 من تموز، في حال لم يكن ينوي الإعلان فيه عن التوصل إلى اتفاق. وفيما ترافق بعض عائلات الرهائن رئيس وزراء الاحتلال إلى واشنطن، فإنّ عائلات أخرى رفضت هذا الخيار.
ومع ذلك، فقد «شدّد» نتنياهو شروطه في الأيام الأخيرة، في محاولة لانتزاع بعض «التنازلات» من «حماس». وكانت وسائل إعلام عبرية قد أفادت، في وقت سابق، بأنّ نتنياهو يأمل لقاء المرشح الجمهوري دونالد ترامب، الذي لم يتحدث إليه منذ أن هنّأ بايدن على فوزه بانتخابات 2020، ما يعود، على الأرجح، إلى «تقديرات» نتنياهو بأنّ حظوظ ترامب للفوز بانتخابات تشرين الثاني أصبحت أعلى من أيّ وقت مضى. وتعكس هذه الرغبة ما وصفتها مصادر مطّلعة، تحدثت إلى موقع «أكسيوس» الأميركي، بمساعي نتنياهو المستمرة، منذ سنوات، لتحسين العلاقات مع ترامب. ويتابع الموقع أنّ الجهود التي بذلها نتنياهو، على مدى السنوات الماضية، لإصلاح العلاقات مع الرئيس الجمهوري السابق بدأت تحرز «بعض التقدم»، في أعقاب محاولة اغتيال ترامب، والفيديو الذي أرسله الأول إلى فريق الثاني، ويندّد فيه بمحاولة الاغتيال، والذي أعاد ترامب نشره على منصّته «تروث سوشيل». كما أنّه، وفي محاولة لـ«استباق» أيّ تغييرات قد تطرأ على السباق الرئاسي، في خضمّ الدعوات الديموقراطية المتصاعدة إلى تنحّي بايدن عن المنافسة، يخطّط نتنياهو لعقد اجتماع مع نائبة الرئيس، كامالا هاريس، وهي خطوة غير مألوفة في مثل هذه الزيارات، وتعكس، على غرار السعي للقاء ترامب، رغبة نتنياهو في «استشراف» المستقبل السياسي لواشنطن، وضمان استمرار الحصول على دعم الأخيرة.