كتبت الأخبار:
منتصف حزيران الماضي، زار قائد الجيش العماد جوزيف عون العاصمة الأميركية، وعقد سلسلة من الاجتماعات، بينها لقاء في مبنى الكونغرس مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي النائب الجمهوري مايكل ماكول ورئيس مجموعة الديموقراطيين في اللجنة النائب غريفوري ميكس. وقد صارح رئيس اللجنة قائد الجيش بأن «لا أحد ينتبه إلى لبنان الآن، والكلّ يركّز اهتمامه على ما يجري في قطاع غزة»، طالباً من قائد الجيش رأيه بما يجري حالياً. فقال الأخير «إن الحرب في جنوب لبنان تتوسع جغرافياً يوماً بعد يوم، لكن الجيش يعمل بالقدر المُستطاع على ضبط الوضع، ونأمل أن تصل جهود الإدارة الأميركية إلى وقف إطلاق النار في غزة، ما سينعكس إيجاباً على الجبهة الجنوبية في لبنان».من جهته، أشار النائب ماكول الى أنّ «لدى حزب الله قدرات كبيرة وأقوى من «حماس»، لكن إسرائيل تُريد الانتهاء أولاً من «حماس» في رفح، قبل أن تدخل في مسار السلام والتسوية». وأضاف «هناك اعتقاد لدى حزب الله بأن الولايات المتحدة تضغط على إسرائيل لعدم القيام بحرب واسعة على لبنان وأن القوات الإسرائيلية ضعيفة، أو أن نتنياهو ضعيف جداً. لكن لا يُمكن الاستناد إلى هذا الاستنتاج»، مضيفاً أنه «على الرغم من أن الولايات المُتحدة لا تُريد اشتعال المنطقة، وأن الإدارة تضغط على نتنياهو للقبول بوقف إطلاق النار في غزة وعدم توسيع الحرب إلى لبنان، لكن هذا لا يعني أن بإمكان حزب الله أن يرتاح لعدم نشوب حرب».
أما النائب الديموقراطي ميكس، فتوجّه الى قائد الجيش قائلاً:
«إن نتنياهو لا يستمع إلينا مُعظم الوقت، وأيّ وقف لإطلاق النار في غزة سيكون بحسب شروط الرئيس بايدن، لكن حماس رفضت الاقتراح للأسف وتشترط بنوداً أُخرى. ويبدو بالتالي أن لا خيار لإسرائيل سوى القضاء على حماس في غزة، علماً أن اقتراح وقف إطلاق النار ينسحب على الوضع في جنوب لبنان أيضاً».
وفي رده على أسئلة النائبين ميكس وماكول، قال العماد عون «إن الجيش يقوم بواجبه على كل الأراضي اللبنانية، بما في ذلك الجنوب وفي الداخل وعلى الحدود البرية والبحرية أيضاً». وأضاف «إن الظروف صعبة جداً في ظل عدم انتخاب رئيس للجمهورية وغياب حكومة كاملة الصلاحيات. لكننا على الرغم من ذلك نقوم بما يمليه علينا واجبنا للحفاظ على استقرار البلاد، وما زلنا نقوم بدوريات مع قوات اليونيفيل في الجنوب، على الرغم من القصف الإسرائيلي اليومي. كما لا يزال الجيش يتمتع بعلاقات مُمتازة مع المكوّنات الطائفية والمذهبية والحزبية كافةً في لبنان، ويحافظ على وحدة البلاد. ومن المهم معرفة أن الجيش لا يزال موحّداً. وكل ما نريده هو تأمين الغذاء وقطع الغيار للآليات والمحروقات».
وفي اجتماع آخر، عقده قائد الجيش مع مستشارين في لجنة الشؤون الخارجية، قال العماد عون «إن الوضع في الجنوب صعب جداً، لكن هناك محاولات مستمرة لاحتواء الوضع والحفاظ على قواعد الاشتباك، ويتواصل التنسيق مع السيد عاموس هوكشتين الذي يسعى الى فصل جبهة الجنوب عن الوضع في غزة تجنّباً للمزيد من التصعيد، وهو يؤكد أن الخطر والتهديد الإسرائيلي حقيقي». وقال عون «إن لبنان لا يريد الحرب، لكن الوضع في الجنوب يرتبط بوقف إطلاق النار في غزة».
وفي ردّه على سؤال لمساعد زعيم الأغلبية الجمهورية عمّا سيفعله الجيش اللبناني إذا هاجم الإسرائيليون لبنان، أجاب العماد عون أن الجيش «خسر حتى اليوم عنصراً وخمسة عشر جريحاً، ولم يحصل منذ 8 تشرين الأول 2023 أيّ احتكاك عسكري مباشر بين الجيش اللبناني والعدوّ الإسرائيلي، إلا أنه في حال قرّرت إسرائيل القيام بعدوان برّي، سيقوم الجيش بواجبه المتمثّل بالدفاع عن وطنه ومواجهة العدوان».
وقد تحدّث العماد عون عن خطة ترسم دور الجيش في حال التوصل الى اتفاق لتطبيق القرار 1701 وانسحاب حزب الله الى شمال نهر الليطاني. وقال «إن الجيش سينشر وحدات إضافية تساعد على الحفاظ على استقرار الوضع في الجنوب، كما في كل لبنان. ويجب أن يكون الانتشار بعد وقف إطلاق النار والتوصل الى حل ديبلوماسي لحل النقاط الخلافية على الحدود البرية».
وبشأن كيفية تعزيز وجود الجيش في الجنوب، قال العماد عون «إن هناك ثلاثة خيارات متاحة:
الخيار الأول: إعادة نشر وحدات عسكرية موجودة في شمال لبنان وفي البقاع والجنوب، لكن ذلك سيخلق فراغاً في عمليات مكافحة الإرهاب والمخدرات وتهريب الأشخاص.
الخيار الثاني: أن تطلب الحكومة من قوى الأمن الداخلي الحلول مكان الجيش اللبناني في بيروت ومناطق في جبل لبنان بحوالي 6 آلاف عنصر من أجل إعادة نشرهم في الجنوب. وهو أمر غير وارد حالياً نظراً إلى قلّة الإمكانات والعديد لدى قوى الأمن الداخلي.
الخيار الثالث: فتح باب التطويع في الجيش، وفق الخطة التي وضعتها قيادة الجيش، والتي تمتد على خمس مراحل، يمكن تنفيذ كل مرحلة منها على حدة، لكنها خطة تحتاج الى تمويل، وتبلغ كلفتها حوالي مليار دولار، يتوزع حوالي السبعين بالمئة منها على كلفة آليات النقل الجديدة الضرورية لتنفيذ القرار 1701 والذي تعتبر الدورات العسكرية في صلبه بين الجيش واليونيفيل».
وفي أحد الاجتماعات، سمع قائد الجيش من مستشار جمهوري عضو في لجنة القوات المسلحة (إيريك تاغر) طلباً بأن «يقوم الجيش بضبط حزب الله، كون الجيش اللبناني مسؤولاً عما يحصل في لبنان». فردّ عليه عون بأن الأهم أولاً وقف الحرب في غزة. لكنه أشار إلى «أن الجيش اللبناني قام منذ 8 تشرين الأول بتوقيف مجموعات مسلحة من «حماس» والجماعة الإسلامية في لبنان كانت تقوم بالتحضير لهجمات صاروخية ضد إسرائيل»، قبل أن يتوجه الى مضيفيه بالقول: «تعلمون أنه ممنوع على الجيش دخول المخيمات الفلسطينية في لبنان».
وفي لقاء آخر، قال السيناتور الديموقراطي جاك ريد لقائد الجيش: «بعد هجوم السابع من تشرين الأول، أصبح من الصعب على الإسرائيليين الحفاظ على الهدوء أو العقلانية، وخاصة أن حماس كانت تتصرف بشكل جنوني».
أما وكيل وزير الخارجية للشؤون السياسية، السفير جون باس، فقال لقائد الجيش إن واشنطن «أرسلت بصورة غير مباشرة الى حزب الله أن مستوى التصعيد بات محفوفاً بالمخاطر». وختم باس حديثه بالقول: «ليس بإمكان الولايات المتحدة أن تحدّد ما إذا كانت إسرائيل ستتحرّك ضدّ لبنان».