مطالبات دولية في مجلس الأمن: لإدخال المساعدات وإنجاز التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة
أعربت وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية بالإنابة ومنسقة الإغاثة في حالات الطوارئ، جويس مسويا، الخميس، عن “قلق الأمين العام العميق إزاء التدهور الأخير في الضفة الغربية المحتلة”، داعيةً إلى الوقف الفوري لهذه العمليات.
وعن الوضع في قطاع غزة، قالت ماسويا، خلال جلسة لمجلس الأمن، إنّ “الوضع في القطاع يبعث على اليأس”، إذ يتعرض المدنيون من النساء والرجال والأطفال لمعاناة غير معقولة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر”.
وأضافت أنّه “قُتل أكثر من 40,000 شخص وجُرح أكثر من 93,000 آخرين في غزة – العديد منهم من النساء والأطفال، وأكثر من 17,000 طفل فلسطيني غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عن أقاربهم وأولياء أمورهم”، فيما “تتزايد التقارير حول سوء معاملة المعتقلين الفلسطينيين في إسرائيل”.
وأشارت ماسويا إلى أنّ “الاستجابة الإنسانية تواجه تحديات بالفعل، وصعوبة لا مثيل لها”، إذ “تم تهجير فرق الأمم المتحدة وإطلاق النار عليها، في الأسبوع الماضي وحده، حيث فقدنا مكاتب ومستودعات، فيما استمرت الإمدادات المحدودة في التضاءل”.
ولفتت إلى إصدار الاحتلال أوامر بالإخلاء في “أكثر من 88% من أراضي غزة في مرحلة ما”، في وقتٍ “تعيش المجتمعات في حالة من النسيان، ولا تعرف أبداً متى سيأتي أمر الإخلاء التالي”، موضحةً أنّ “المدنيين يضطرون إلى العيش في منطقة أصغر من أي وقت مضى، تعادل الآن 11% فقط من أراضي غزة”.
كما أكّدت ماسويا تأثر “تأثر مستشفى الأقصى – أحد آخر المستشفيات الكبرى العاملة في غزة – وكذلك العيادات الصحية وآبار المياه ومحطة تحلية المياه وخزان المياه، بأوامر الإخلاء، فيما انخفض إنتاج المياه في دير البلح بنحو 85%”.
في هذا السياق، شدّدت ماسويا على أنّ “المدنيين في غزة يعانون من الجوع والعطش والمرض، وفقدان المأوى”، حيث “يتم دفعهم إلى ما هو أبعد مما ينبغي لأي إنسان أن يتحمله”.
وبشأن شلل الأطفال، فإنّ “المجتمع الإنساني يعمل بلا هوادة لوقف انتشاره، وهو المرض الذي اعتقد العالم أنه تحت السيطرة”، وفق ماسويا، التي حذّرت من مدى الكارثة التي قد تواجه العالم “إذا انتشر هذا المرض الذي يمكن الوقاية منه”.
واختتمت بالقول إنّ “ما شهدناه على مدى الأشهر الأحد عشر الماضية – وما زلنا نشهده – يدعو إلى التشكيك في التزام العالم بالنظام القانوني الدولي الذي تم تصميمه لمنع هذه المآسي”.
وفي مواجهة هذه المعاناة الإنسانية غير المعقولة، “نحتاج إلى أن يتحرك مجلس الأمن، وجميع الدول الأعضاء، إذ يصبح هذا الأمر أكثر إلحاحاً مع تصاعد التوترات بشكل خطير في أجزاء أخرى من الأراضي الفلسطينية المحتلة والمنطقة”، بحسب ماسويا.
بدوره، حذّر نائب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، مايكل رايان، من أنّ “خطر تفشي مرض شلل الأطفال ماثل بقوة في قطاع غزة بعد زواله منذ عقود”.
وأشار رايان إلى أنّ الأطفال الذين ولدو على مدى 11 شهراً “لم يتلقوا لقاحات حتى الآن”، مضيفاً أنّ “الأمم المتحدة تسعى لحماية كل طفل، حيث قدّمت حتى الآن مليون و260 ألف جرعة لقاح وصلت إلى غزة، فيما ستتبعها نصف مليون جرعة قريباً”.
وبيّن أنّ “تدمير الماء والمرافق الصحية والخدمات العامة وراء تفشي الأمراض مثل إلتهابات الكبد والإسهال والأمراض الجلدية”، لافتاً إلى أنّ “هناك 9 مستشفيات وعيادات عاملة في القطاع بعد تحطيم معظم القطاع الصحي”، في حين “يعرقل القصف وعمليات الإجلاء كل عمل إنساني”.
كما أوضح أنّ “نقل المرضى إلى خارج غزة عبر مصر والأردن محدود بشكل فادح”، مشدداً على ضرورة “إدخال المعونات على نطاق أوسع بكثير من أجل إنقاذ الأطفال والمدنيين”.
من جانبها، قالت مندوبة سويسرا، باسكال كريستين باريسويل، إنّه “من غير المقبول أن يعجز المسعفون والمغيثون عن إيصال المساعدات والأدوية إلى غزة”، مؤكّدةً أنّ “الوضع زاد سوءاً عما كان عليه قبل صدور قرار مجلس الأمن الذي ساهمت سويسرا في إعداده، بدلاً من أن يتحسن”.
كما لفتت باريسويل إلى أنّ “تهجير السكان غير مقبول”، داعيةً الجميع إلى حماية المدنيين والموظفين الأممين، وإلى إيصال كل المساعدات اللازمة”، مؤكّدةً “وجوب احترام القانون الإنساني الدولي في كل الأوقات”.
وفي الإطار، طالبت منظمة الصحة العالمية في فلسطين بـ”تعليق أوامر الإخلاء الإسرائيلية لننفذ التطعيم ضد شلل الأطفال بغزة”، مضيفةً: “لدينا التزام أولي بهدن إنسانية محددة بمناطق معينة خلال حملة التلقيح”.
بدوره، قال مدير برنامج الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية إنّ “أكثر من مليون و500 ألف جرعة ضد شلل الأطفال وصلت إلى غزة”، مطالباً بضمان أمن القائمين على حملة التطعيم.
وكان مفوض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، فيليب لازاريني، دعا إلى هدنة إنسانية في غزة لمدة 7 أيام، تسمح القيام بحملات تطعيم ضد شلل الأطفال، وتطعيم نحو 640 ألف طفل ضد مرض شلل الأطفال.
وسبق أن حذّرت منظمة الصحة العالمية من أنّ تدمير النظام الصحي في غزّة، وانعدام الأمن، وإعاقة الوصول، والنزوح المستمر للسكان، ونقص الإمدادات الطبية، وسوء نوعية المياه، وضعف الصرف الصحي، تؤدي جميعها إلى انخفاض معدلات التطعيم الروتيني وزيادة خطر الإصابة بالأمراض، بما في ذلك شلل الأطفال.
وفي نهاية شهر تموز/يوليو الفائت، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، القطاع منطقة انتشار لوباء شلل الأطفال، بعد اكتشاف وجود الفيروس المسبب لشلل الأطفال من نوع “CVPV2” في مياه الصرف في محافظتي خان يونس والوسطى.
وأكدت الصحة الفلسطينية أن الاحتلال الإسرائيلي متورط في انتشار فيروس شلل الأطفال في ظل منعه إدخال التطعيمات اللازمة والمعدات المطلوبة لحل أزمة سريان مياه الصرف الصحي بين خيم النازحين، خاصةً وأنّ الاحتلال يتعمد عدم إدخال مياه صالحة للشرب وأطعمة صحية ونظيفة، مما يخلق بيئة خصبة لانتشار هذا الفيروس، بالإضافة إلى حرمانه أطفال القطاع من 4 تطعيمات دورية.