الأخبار: خبراء العدوّ: التصعيد فيه عيوب وأميركا قلقة
كتبت الأخبار:
بعد وصول صواريخ المقاومة الثقيلة إلى منطقة حيفا، انشغل المحلّلون والخبراء الإسرائيليون في قراءة أحوال «جبهة الشمال». وأجمعوا على أن إسرائيل لم تتجه بعد إلى الحرب الشاملة مع لبنان. لكنهم أجمعوا أيضاً على اعتبار أن سياسة توجيه الضربات والتصعيد الكبير محفوفة بالمخاطر وتحتوي على ثغرات. وإلى جانب التعليقات التي أشارت إلى قدرة حزب الله على التكيّف مع الضربات وإيجاد البدائل للقادة الذين تغتالهم إسرائيل، قال المحلل العسكري في «يسرائيل هيوم»، يوآف ليمور إن إسرائيل وجّهت «ضربات شديدة إلى حزب الله في الأيام الأخيرة، لكنها لم تؤدِّ حتى الآن إلى الانعطاف الإستراتيجي المرجوّ». ورأى أن «إسرائيل توسّع بشكل متعمّد الرهان مقابل حزب الله، وتسعى إلى حشره في الزاوية للتوصل إلى اتفاق يسمح بإبعاد عناصره عن الحدود وإعادة سكان الشمال إلى بيوتهم»، مشيراً إلى أن «هذا خط متشدّد ومختلف جوهرياً عن الطريق المدروسة والحذرة التي اتّبعتها إسرائيل حتى الآن»، مضيفاً أنه «ينطوي على مزايا وعيوب». ورأى ليمور أن مزايا هذا الخط هي إعادة «المبادرة» إلى أيدي إسرائيل والتخلّي عن «سياسة المعادلات» في الشمال، فيما عيوبه تتمثّل «بفقدان أوراق مساومة كان يفترض أن تستخدمها إسرائيل في الحرب». ورأى أن العيب الأبرز هو «إمكانية أن يُحشر حزب الله في الزاوية، ويفتح حرباً شاملة ستكون أثمانها كبيرة في الجانب الإسرائيلي أيضاً». واعتبر ليمور أن «عدم الردّ الفوري من جانب حزب الله لا يشير إلى ضعفه»، بل إنه «فيما تبحث إسرائيل عن نتائج فورية كي تغيّر الواقع في الشمال، يبدو مريحاً لحزب الله إبقاء الواقع الحالي على حاله، أي امتصاص الاستهداف (…) شريطة أن يحافظ على الإنجاز الإستراتيجي المتمثّل باحتلال الجليل الذي هو أمر لا يُحتمل بالنسبة إلى إسرائيل».
بدوره، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن «الكثيرين في القيادة الإسرائيلية لا يعارضون بالضرورة سيناريو الحرب الشاملة، بعد سنة محبِطة ومن دون حسم في الشمال». ورأى أن «أسلوب المعادلات الذي يمارسه نصرالله أفلس، ويُرجَّح أنه رأى بأنه ملزم بالرد بقوة ضد أهداف في وسط البلاد أو في منطقة حيفا، ورغم ذلك فإن حزب الله لم يتجاوز بعد خطاً أحمر باستهداف مدنيين». وأشار هرئيل إلى أن «التعليمات التي وجّهها الكابينت السياسي – الأمني للجيش، قبل عدة أيام، لم تتحدث عن تصعيد آخر، وإنما حصرت الأمر بعمليات هجومية محدودة، بانتظار إدراك كيفية تأثيرها على نصرالله»، مشيراً إلى أنه «هذه المرة، الجيش الإسرائيلي هو الذي قاد الخط الهجومي». ولفت هرئيل إلى «وجود خلافات حول أي مدى يمكن استغلال حالة الضعف التي وصل إليها حزب الله، وهل بالإمكان المخاطرة بحرب إقليمية من أجل زيادة استهداف قدرات حزب الله الهجومية التي من شأنها أن تستهدف إسرائيل في المستقبل». وأضاف أن «الخلافات موجودة أيضاً داخل هيئة الأركان العامة، حيث يطالب قائد سلاح الجو، تومير بار، وقائد القيادة الشمالية، أوري غوردين، بشن عمليات حازمة أكثر»، في موازاة «تقليص نتنياهو حرية عمل وزير الأمن، يوآف غالانت، عندما سرّب ضدّه، متّهماً إياه بأنه يضع مصاعب أمام عمليات هجومية في لبنان».
أما رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق عاموس يدلين، فقد رأى أن «على المؤسسة الأمنية أن تثبت لحماس أنه لا فرصة لتصعيد إقليمي»، مشيراً إلى أن «حزب الله يحاول الحفاظ على معادلة مواقع عسكرية مع تقليل خطر الانزلاق إلى تصعيد غير منضبط». واعتبر يدلين أن «الحرب في الشمال سيناريو غير مرغوب فيه حتى بالنسبة إلى إيران»، في حين أن «إسرائيل لم تبلغ واشنطن بشأن خطتها في لبنان، وواشنطن مستاءة خشية اندلاع حرب تضرّ بفرص انتخاب المرشّحة الديمقراطية كامالا هاريس».
وعلى صعيد متصل، قال مسؤولون أميركيون كبار لموقع «واللا» العبري إن واشنطن تأمل في «استخدام الضغط العسكري الإسرائيلي المتزايد على حزب الله للتوصل إلى حل دبلوماسي يسمح بعودة المواطنين إلى منازلهم على جانبي الحدود». ووفقاً للتقرير، يدّعي مسؤولون إسرائيليون أن «الضربات المتصاعدة ضد حزب الله في الأيام الأخيرة ليست بهدف إشعال حرب واسعة، بل هي محاولة لاحتواء التصعيد عبر التصعيد نفسه». وأضاف المسؤولون الإسرائيليون أن تل أبيب «تعتقد بأن ممارسة مزيد من الضغط على حزب الله قد تدفعه إلى الموافقة على اتفاق دبلوماسي». وبحسب التقرير، أجرى مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، ووزير الدفاع، لويد أوستن، ومستشارا الرئيس بريت ماكغورك وعاموس هوكشتين محادثات مع نظرائهم الإسرائيليين يومي الجمعة والسبت الماضيين. وعبّر المسؤولون الأميركيون عن «تفهّمهم وموافقتهم على السياسة الإسرائيلية»، لكنهم شدّدوا على أن «هذا يتطلب توازناً حساساً ودقيقاً للغاية، حيث يمكن أن تخرج الأمور عن السيطرة بسهولة، ما يؤدّي إلى حرب شاملة». ووفقاً لمسؤولين أميركيين، تحدّثوا لـ«واللا»، فإن «الولايات المتحدة أوضحت لإسرائيل أن مثل هذه الحرب لن تساعدها في تحقيق هدفها بإعادة النازحين»، في حين يزعم المسؤولون الأميركيون أن «تأثير الولايات المتحدة على القرارات العسكرية الإسرائيلية محدود، ولذلك يركّزون على التوصّل إلى تفاهمات مع القيادة الإسرائيلية بشأن درجات التصعيد».