الأخبار: أهالي برجا وشحيم استضافوا أكثر من 6 آلاف جنوبي.. 15 ألف نازح في إقليم الخروب: الأحزاب والأهالي يعوّضون غياب الدولة
كتبت لينا فخر الدين في الأخبار:
يتكرّر المشهد في معظم المدارس والمهنيّات والقاعات التي تحوّلت إلى مراكز لإيواء آلاف النازحين في منطقة إقليم الخروب. في أقل من 24 ساعة، امتلأت هذه المراكز بالعائلات الجنوبيّة، بأكثر من قدرتها على الاستيعاب، كمدارس شحيم التي استقبلت نحو 1500 شخص ومثلها في برجا، فيما استقبلت مدرسة البرجين وقاعاتها الرسميّة نحو 700 شخص، واستقبلت مدارس كترمايا ودلهون وداريا أعداداً أقل بقليل.إلى زحمة النّازحين، زحمة أكبر على الأبواب الرئيسيّة وفي الممرات بين الغرف، إضافة إلى أبناء البلدات ومسؤوليها الذين تحوّلوا إلى خلايا أزمة لتأمين اللوازم الأساسيّة. يقول محمّد دمج، من برجا، «إن الجميع تكاتفوا لتلبية هذه اللوازم، بما فيها المواد الغذائية ومواد التنظيف، حتّى لا يحتاج أهلنا إلى شيء في الإقليم». وهو ما يؤكده أيضاً أحد أبناء شحيم الذي كان يحمل مع رفاقه وجبات الساخنة إلى «مجمع المدارس»، بعدما تمّ تأمين المناقيش صباحاً. فيما كان آخرون ينقلون فرشاً وبطانيّات ومخدّات إلى إحدى المدارس.
مع ذلك، يؤكّد رئيس إحدى الجمعيّات أنّ «ما تمكنّا من تأمينه قليل بالنسبة إلى ما هو مطلوب، خصوصاً أنّ عدداً من التجّار رفعوا الأسعار، ما جعلنا غير قادرين على توفير المطالب بالشكل المطلوب». لكنّه شدّد على أنّ «المبادرات الفرديّة والحزبيّة تفوق الوصف. كثيرون من أهالي المنطقة يحملون ما يجدونه في منازلهم إلى مراكز الإيواء، وبعضهم يحضّرون السندويشات في بيوتهم، فيما نتلقّى اتصالات كثيرة للتبرّع مادياً بعدما نشرنا لائحة بالنواقص على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالبلدات».
تنوّه «أم سامر» بالتّكاتف التي تراه حولها، متحدّثة عن المشقّة التي تكبّدتها قبل أن تصل إلى بلدة الوردانيّة. هي المرة الأولى التي تترك فيها السيّدة الستينيّة بيتها في الجنوب بعدما سقط صاروخ في البستان المحاذي لمنزلها. عندما وصلت إلى الإقليم «غمروني بلطفهم، ولا أريد أكثر من ذلك». فيما يشير حسين الحاج إلى «أننا نمكث مع أهلنا وناسنا الذين يلبّون حاجاتنا قبل أن نطلب».
صعوبة الإحصاءات الرسميّة
يؤكد المتابعون صعوبة إعطاء أرقام دقيقة حول أعداد الوافدين، خصوصاً أنّ بعض العائلات باتت ليلتها الأولى في هذه المراكز كمحطّة قبل الانتقال إلى منازل استضافتها في المنطقة، أو عمدت إلى استئجار منازل خارجها، لتأتي عائلات جديدة مكانها. لكنّ الازدحام يشير إليه قرار فتح كل مدارس الإقليم ومهنياته معاً، عكس ما كان مخطّطاً بفتح المدارس على دفعات.
ففي برجا مثلاً، حيث كان يفترض فتح مدرسة واحدة، فُتحت جميع المدارس إضافةً إلى الجمعيات ومعهد المفتي محمّد علي الجوزو ومركز المطران مارون العمّار، لاستقبال أكثر من 1500 نازح. مع ذلك، كان التقدير الذي وصل إليه اجتماع لخليّة الأزمة المركزيّة في الإقليم، حضره النائبان حليمة قعقور وبلال عبدالله وقائمقام الشوف مارلين قهوجي وأكثر من 60 من رؤساء بلديات ومسؤولي أحزاب وجمعيات أنّ المسح الأوّلي يشير إلى وجود أكثر من 5 آلاف شخص في مراكز الإيواء، علماً أن بعض العائلات دخلت من دون تعبئة الاستمارات اللازمة. فيما قدّر المسح عدد العائلات التي بقيت في ضيافة أبناء المنطقة بنحو 10 آلاف: نحو 1600 في منازل شحيم وبرجا ومثلهم في مراكز الإيواء، ونحو 1600 في منازل البرجين ومراكزها و1400 توزّعوا على منازل داريا ومراكزها. ولأنّ الرقم فاق التوقّعات للمرحلة الأولى، تقرّر البحث عن مراكز جديدة وأوّلها «مركز سبلين المهني» الذي فُتح بعد ظهر أمس لاستقبال نحو 4 آلاف شخص، إضافةً إلى فتح العديد من المساجد ومقرّات البلديّات والجمعيّات.
أزمة فرش
التجهيزات اللوجستيّة كانت التحدي الأبرز في كل المراكز، خصوصاً أن النواقص كانت نفسها بين جميع المراكز (البطانيات والفرش والشراشف والمواد الغذائيّة)، بعدما كانت هذه التجهيزات مؤمّنة لأقل من 1200 شخص، فيما زاد هذا الرقم أكثر من 3 مرات خلال يومٍ واحد. لذلك، ركّز المعنيون خلال السّاعات الماضية على تأمين هذه التجهيزات، على أن يتم الانتقال في المرحلة الثانية إلى تأمين اللوازم للنازحين في بيوت المضيفين، باعتبار أنّ «بإمكان الأهالي المضيفين مساعدتنا في تأمين هذه اللوازم حتّى نكون قد أخذنا نفساً وقمنا بالإحصاء اللازم»، على حد تعبير أحد رؤساء البلديّات. وشكا بعض الحاضرين في اجتماع خليّة الأزمة من أن الأجهزة الرسمية لم تفِ بالوعود بتسليم كميّة من الفرش أمس، متخوّفين من أن يتكرّر السيناريو اليوم أيضاً، إذ تمّ تأمين نحو 2800 فرشة فيما المطلوب أكثر من 5 آلاف. كما ناقش الحاضرون توفير الكهرباء لمراكز الإيواء عبر تأمين كميّات من المازوت، على أن تتم متابعتها من قبل رؤساء البلديات وخلايا الأزمة المصغّرة في البلدات.