الأخبار: “إسرائيل” تفاوض أميركا: تسريبات متناقضة حول وقف الحرب
كتبت الأخبار:
توالت التسريبات داخل كيان الاحتلال حول مسوّدة وقف الحرب التي نُشرت خطوطها العريضة وتحدّثت عن مواعيد مفترضة لهدنة محتملة تبدأ في 20 الجاري لمدة تراوح بين 6 أسابيع و60 يوماً، يجري خلالها تنفيذ الاتفاق. لكنها بقيَت مجرد رسائل مصدرها الوحيد إسرائيل نفسها، وبعض الأصوات الحليفة لها في الولايات المتحدة. إذ لم يتلقّ أيّ مسؤول لبناني رسمي أو سياسي أو حتى أمني إشارة عملانية تدلّ على وجود مفاوضات حقيقية، وهو ما تأكدت منه الجهات العليا في لبنان. إذ إن ما يحصل هو مفاوضات بين إسرائيل والإدارة الأميركية، في محاولة لصياغة ما يراه الطرفان «الشروط المفترض بلبنان أن يقبل بها لوقف الحرب».
عملياً ليس في لبنان من يعوّل على هذه المعلومات، بل إن أوساطاً رسمية، ومعها أوساط قريبة من حزب الله، تتصرّف على أساس أن العدوّ سيواصل عدوانه، وأن ما يجري لا يتجاوز كونه تكراراً لمناورات المفاوضات في غزة، فضلاً عن أن ما يجري التفاهم عليه بين واشنطن وتل أبيب هدفه الوصول الى ورقة تتضمن «ما يمكن الأخذ به»، على أن يتم لاحقاً عرضه على لبنان باعتباره «الفرصة الوحيدة». ومع توقع رفض لبنان ما سيرد فيها من شروط إسرائيلية، سيخرج الأميركيون ومعهم إسرائيل لتحميله مسؤولية الرفض، ما يفتح الباب أمام مستويات جديدة من التصعيد وتوسيع العمليات العسكرية.
وبناءً عليه، واصلت الجهات السياسية والإعلامية في إسرائيل تسريباتها عن «فرصة لتوقف الحرب»، في إطار شراء رئيس حكومة العدوّ بنيامين نتنياهو للوقت قبل دخول دونالد ترامب الى البيت الأبيض، علماً أن تركيزه الفعلي هو إقناع الأخير بضرورة شنّ حرب على إيران.
وقد ورد هذا الجو في الإعلام الإسرائيلي حيث أكد مسؤولون إسرائيليون استمرار الحرب على لبنان حتى تحقيق عدة أهداف؛ أهمها انسحاب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، فيما رفضت بيروت ما تسرّب من شروط قالت إنها تنتهك سيادة البلاد». وقد قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنه «لن يكون هناك وقف لإطلاق النار أو أي تهدئة في لبنان حتى تتحقق أهداف الحرب»، وإن «تل أبيب لن توافق على أي ترتيب لا يشمل نزع سلاح حزب الله وانسحابه إلى ما وراء الليطاني وإعادة سكان الشمال، وضمان حقها في منع الإرهاب». وذكرت القناة 14 الإسرائيلية أن «قرار استمرار القتال في لبنان أصبح الآن مطروحاً على المستوى السياسي والعسكري»، وأن «أطرافاً إسرائيلية ترى الفرصة مناسبة لتوجيه ضربة قوية لحزب الله، رغم الضغط المحلي والدولي». غير أن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قال إن «هناك تقدماً في محادثات وقف إطلاق النار على جبهة لبنان». وأضاف في مؤتمر صحافي أن «إسرائيل ستكون جاهزة للتسوية إذا تراجع حزب الله إلى ما وراء الليطاني». وذكرت «القناة 13» أن «إسرائيل وجّهت رسالة إلى الأميركيين في الأيام الأخيرة مفادها أن العملية في جنوب لبنان وصلت إلى نهايتها، وأنها مهتمّة بالتوصّل إلى تسوية في غضون أسابيع». ونقلت عن «مصادر مطّلعة» على الحوار مع الإدارة الأميركية، أنه «يمكن التوصّل إلى مسوّدة متّفق عليها خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع». وأفادت القناة نفسها بأن وزير الشؤون الاستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية، رون ديرمر، الموجود في الولايات المتحدة سيبلغ الإدارة الأميركية أن «العملية العسكرية في جنوب لبنان تقترب من نهايتها». من جهتها، نقلت صحيفة «فايننشال تايمز» عن مصدر مطّلع أن المسؤولين الإسرائيليين «قلقون من انتقادات واشنطن المتزايدة بخصوص الوضع الإنساني في غزة»، و«قد يحاولون استخدام اتفاق في لبنان لتخفيف بعض الضغوط الدولية». بينما قال مسؤول إسرائيلي كبير لصحيفة «يسرائيل هيوم» إنه «إذا لم يقبل حزب الله شروط وقف إطلاق النار، فسنستعدّ لخطط عملياتية قوية لمواصلة المعركة في لبنان».
وعليه، بقيَ المشهد على الحدود متقدّماً على ما عداه، حتى على قمة الرياض وإدانتها «العميقة» للعمليات العسكرية الإسرائيلية التي استهدفت الأراضي اللبنانية ورفضها «تهديد أمن لبنان وانتهاك سلامته الإقليمية واستقراره وتهجير مواطنيه»، ومطالبتها بوقف العدوان على لبنان وغزة «الآن وليس غداً»، علماً أن السقف العربي في هذه القمة أتى مرتفعاً عن الاجتماعات السابقة منذ «طوفان الأقصى» لجهة إدانة إسرائيل، والتشديد على ضرورة وقف الحرب. ففي الشقّ المتعلق بلبنان، حمّلت مسوّدة مشروع قرار القمة العربية «إسرائيل مسؤولية فشل مفاوضات وقف النار»، ودعت إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة استناداً إلى الدستور وتنفيذ اتفاق الطائف». كما أكدت على «دعم الجيش اللبناني باعتباره الضامن لوحدة البلاد، وتقديم المساعدات الإنسانية للحكومة اللبنانية وتطبيق إصلاحات تسمح للدول الصديقة للبنان بدعم اقتصاده».
وأكد رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، في كلمته أن لبنان «يمرّ بأزمة تاريخية مصيرية غير مسبوقة تهدد حاضره ومستقبله، ولا يجوز ولا يمكن أن تستمرّ إسرائيل في عدوانها المتمادي على لبنان وشعبه، وانتهاك سيادته وتهديد علّة وجوده من دون حسيب أو رقيب».