لبنان

مكبّ دير عمار: مجزرة بيئية مفتوحة!

كتبت رجانا حمية في الأخبار: 

لا تكاد نيران مكب دير عمار تهمد حتى تندلع من جديد. وفيما يشكو جيران المكب من سحابة الدخان التي تحمل روائح وانبعاثات تهدّد صحتهم، تحمّل البلدية المسؤولية لـ «النكّيشة» الذين يحرقون النفايات لاستخراج التنك والحديد والأسلاك. إلا أن المشكلة الأساسية التي تتغاضى عنها البلدية منذ سنوات تكمن في غياب الحراسة عن المكبّ ما يجعله سائباً أمام هؤلاء. ومع إقرار رئيس بلدية دير عمار خالد الدهيبي بذلك، إلا أنه يعتبر أن المشكلة ليست كارثية إلى هذا الحدّ، وأن «الناس تضخّم الأمور على السوشيل ميديا»، مشيراً إلى أن «المكبّ كل عمره بيولع، ولكن ليس بوتيرة متكرّرة كما يقولون»!
وبغضّ النظر عمّا يقوله الدهيبي، إلا أن ما يشهده المكب، من وجهة نظر المتضررين والجمعيات البيئية، يدفع السكان فاتورته أمراضاً تنفسية مزمنة ومستعصية. وتصف «جمعية الأرض» الأمر بأنه «مجزرة بيئية مع تحوّل المكب إلى موقع معتمد للحرق»، داعية «السلطات القضائية والإدارية والأمنية الحريصة على صحة المواطن وسلامة البيئة وتطبيق القوانين إلى وقف هذه الكارثة البيئية والصحية». فيما أحالت قائمقامية المنية – الضنية كتاباً إلى سرية زغرتا في قوى الأمن الداخلي لـ «إجراء التحقيقات لمعرفة هوية مرتكبي هذه المخالفات واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم على ضوء إشارة النيابة العامة البيئية»، وطلبت بشكل فوري من بلدية دير عمار «تكليف من يلزم لتأمين حراسة للمكب منعاً لتكرار اندلاع الحرائق».

وكتاب القائمقام ليس الأول من نوعه، إذ ثمّة إحالة سابقة في هذا الشأن لم تلتزم بها البلدية. ويبرر الدهيبي هذه «المخالفة» بانعدام الإمكانات المالية ووجود المكب في منطقة جبلية نائية. «إذ لا يمكنني أن أضع حارساً في الجبل لوحده… بيموت بأرضه وما حدا بيعرف فيه».
بدلاً من ذلك، يقترح الدهيبي «حلاً جذرياً لقضية المكب بإنشاء هنغار مع خط فرز»، مؤكداً وجود مموّل لهذه العملية، إلا أن التأخير في إنشاء الهنغار يعود لكون الأرض التي يقوم عليها المكبّ مملوكة للجيش، «وقد أرسلنا كتاباً رسمياً إلى قيادة الجيش للموافقة على طلبنا بتخصيص قطعة أرض إلى جانب المكب لإقامة الهنغار، وقبل أيام أتتنا موافقة مبدئية بانتظار الموافقة الخطية كي يبدأ العمل». ويمكن أن يحدث هذا الأمر فارقاً، خصوصاً في ظل «كمية النفايات اليومية التي تلمّها البلدية على حسابها من مراكز الجيش التي تقع ضمن نطاق البلدة كثكنة عرمان والكتيبة 23 ونادي الرتباء وغيرها، إذ نقوم بلمّ نفايات هذه المؤسسات وإرسالها إلى المكبات».
بغض النظر عن المشكلة والحل والتي تكاد مشتركة بين كل المكبات التي قامت بعشوائية ومن دون تخطيط، إلا أن هذه الحوادث التي تتكرّر في المكبات تعيد فتح سيرة المطامر الصحية وإستراتيجية النفايات التي عملت عليها وزارة البيئة لسنوات، ولم تنفذ حتى اللحظة. وفي هذا السياق، تشير مصادر وزارة البيئة إلى أن مجلس الوزراء وافق على الإستراتيجية التي تقوم في جزء منها على تخصيص مطامر صحية في عدد من المناطق، ومن بين تلك المناطق منطقة المنية – طرابلس. وتقضي هذه الصيغة باستبدال المكبات العشوائية بمطامر صحية قائمة على أساس شروط صحية وبيئية. وعقب إقرار الإستراتيجية، اتخذ مجلس الوزراء في 23 أيار الماضي قراراً طلب بموجبه من وزارة البيئة اقتراح مواقع محتملة لإقامة هذه المطامر، وكان من ضمن القائمة إقامة مطمر صحي في دير عمار ضمن منطقة الشمال، وكان يفترض إجراء نقاش مع البلديات واتحاد البلديات للاتفاق وتحصيل موافقة الموافقة، «إلا أن هذا الأمر جوبه بالرفض ولم نعطِ اقتراحاً بديلاً». إذ إن «الناس لا يتقبلون فكرة إقامة مطمر صحي، انطلاقاً مما يرسمونه في أذهانهم عن فكرة المطامر، ولكنهم يتقبلون فكرة وجود مكب يحترق في كل لحظة ليبث سمومه في الهواء، وفي جوف الأرض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى