لبنان

90% من أهالي القضاء عادوا إلى بلداتهم وقراهم: الحياة طبيعية في صور!

كتبت ندى أيوب في الأخبار: 

في 27 الجاري، ينهي العائدون إلى الجنوب شهرهم الثاني من رحلة العودة، ولا سيّما في مدينة صور التي بدأت الحياة فيها تعود إلى «طبيعتها» في ظل تحدّيات كثيرة، ليس أقلّها نقص المياه بعد استهداف العدو محطة المياه في المدينة. إذ إن الخيارات البديلة التي اعتمدتها البلدية، بالتعاون مع الصليب الأحمر الدولي، لم تؤمّن كميات المياه المطلوبة، كما كانت الحال قبل العدوان. كما تعاني بلدات القضاء ومركزه من مشكلة الردميات، إذ باستثناء بعض الأشغال التي تولّتها آليات البلديات، لم تحصل فعلياً أي عملية لإزالة الركام.

وتشهد المدينة وبلدات القضاء ارتفاعاً صاروخياً في بدلات الإيجار، في وقت لا تزال تستقبل العدد الأكبر من أهالي البلدات الحدودية الذين لا يزالون نازحين. إذ يبلغ عددهم وفق خلية الأزمة في اتحاد بلديات صور 23 ألفاً (5880 عائلة)، أي ضعف ما تستقبله محافظة النبطية من نازحين (2480 عائلة). فيما وصل عدد العائدين للاستقرار في بلداتهم إلى نحو 179 ألفاً (41800 عائلة) يشّكلون حوالي 90 في المئة من المقيمين في القضاء.

حال المدينة في ما خصّ النزوح لم تتغيّر كثيراً عما كانت عليه قبل الحرب. ففي الفترة الممتدة بين الثامن من تشرين الأول 2023 ووقف إطلاق النار فجر 27 تشرين الثاني 2024، فتحت خلية الأزمة ستة مراكز إيواء في مدارس رسمية ومهنية، ضمّت 1100 نازح، لم يقفل منها سوى مركزٍ واحد، فيما تحتضن الخمسة المتبقية نحو 150 عائلة نازحة، ثلثها من بلدات بيت ليف وعيتا الشعب وعيترون وبليدا ورامية (في قضاءي بنت جبيل ومرجعيون ضمن محافظة النبطية). أما غالبية النازحين من البلدات الحدودية الـ 13 الواقعة ضمن نطاق قضاء صور (الناقورة، علما الشعب، مروحين، يارين، الضهيرة، البستان، الزلوطية، الجبين، طيرحرفا، شمع، البياضة، المنصوري ومجدل زون)، فقد نزحوا لدى أقارب أو استأجروا منازل في القضاء. وتجرى اتصالات بين خلية الأزمة في اتحاد بلديات صور، ومحافظ الجنوب منصور ضو، والمعنيين في محافظة النبطية، لفتح مركز ايواءٍ في المحافظة لاستقبالٍ عدد من النازحين المقيمين في مراكز صور تخفيفاً للأعباء.

إغاثياً، قدّمت المنظمات غير الحكومية، بالتعاون مع الجمعيات المحلية، وبإشراف لجنة الطوارئ الحكومية، حوالي 40 ألف حصّة غذائية وحصّة نظافة، وحوالي 10 آلاف فرشة وبطانية ووسادة للعائلات العائدة إلى قراها. أما النازحون داخل المراكز، فقد استحدثت لهم خلية الأزمة خلال الحرب مطبخاً جاهزاً، في وقتٍ امتنعت فيه الجمعيات والجهات الدولية عن الوصول إلى مدينة صور لتقديم المعونة، وساهمت UN Women و«برنامج الغذاء العالمي» في سدّ جزء من الكلفة التشغيلية للمطبخ. ومع وقف الحرب، استمر المطبخ في عمله، بما تبقى من مواد أولية، ودعمٍ من «برنامج الغذاء العالمي» و«منظمة العمل ضد الجوع»، إلا أنّ هذا الدعم يكفي حتى نهاية الشهر الجاري فقط، شأنه شأن الدعم بمادة المازوت لتشغيل المولدات. وفي حال سارت الأمور بعكس ما هو مرسوم لها على صعيد انسحاب جيش العدوّ الإسرائيلي من المناطق التي لا تزال تحت سيطرته جنوباً، سيكون استمرار وجود النازحين في مراكز الإيواء صعباً، ويتطلب برامج دعمٍ جديدة.

إعادة الإعمار وسندات الملكية

يتوقع أن يشهد ملف إعادة الإعمار في مدينة صور إشكاليةً مرتبطة بالمنطقة المعروفة باسم «المساكن الشعبية»، وهي منطقة بدأ العمران فيها، في سبعينيات القرن الماضي، بعدما استحصل الإمام السيد موسى الصدر على استثناءٍ رسمي من الدولة للسماح لأهالي ما كان يعرف بالشريط الحدودي، بالبناء والسكن في المنطقة، بعد تهجيرهم بفعل احتلال العدو الإسرائيلي للجنوب، لكن دون أن يكون لهؤلاء حق التملك، وتبقى الملكية للدولة اللبنانية كون الأرض مصنفة ملكاً عاماً. في ما بعد، توسّعت أعمال البناء عشوائياً، وباتت المنطقة تضم حوالي 15 ألف نسمة. وقد تعرّضت منازل هؤلاء في عدوان أيلول الماضي للقصف، ولحق بها دمار كبير، ما يحتّم على الجهات التي ستتولى إعادة الإعمار معالجة مسألة الملكية.

دعم العائدين والنازحين

لم تمنع قساوة الحرب من ابتكار أساليبٍ لدعم صمود من بقوا في صور خلال 66 يوماً من العدوان. ففي حين كان تأمين الخضر شبه مستحيلٍ في المدينة، أنتج اتحاد بلديات صور أول محصولٍ من الخضر (خسّ وبصل وفجل… الخ) من خلال مشروعٍ زراعي كان قد بدأ التحضير له قبل العدوان، بدعمٍ من «الحركة الزراعية» ومؤسسة «عامل» وجمعية «إنارة» وUn Women، في عقارٍ تابع لمديرية التعليم المهني، وملاصق لمبنى الاتحاد. وشاركت 20 سيدة من النازحات في تحضير الأرض المهملة للزراعة، واهتممنَ بالشتول مقابل 20 دولاراً يومياً. وبعد الحرب، تكفّلت منظمة «العمل ضد الجوع» باستكمال المشروع، وبدأ التحضير لزرع شتولٍ جديدة تحضيراً لشهر رمضان.
إلى ذلك، تحضر جمعية «وتعاونوا» في 34 بلدة في قضاء صور، لمدّ يد العون للأهالي العائدين والنازحين. وفي إحصاءٍ عن الشهرين المنصرمين، وزّعت الجمعية بالتعاون مع العمل الاجتماعي في حزب الله، 9 آلاف حصة غذائية (خضر ولحوم)، 16300 حصة تموينية، 2300 مدفأة، 350 قارورة غاز، 1150 مجمع حليب أطفال، 7400 بطانية، وأمّنت 117 منزلاً بالمجان، وتكفّلت بتجهيز 310 منازل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى