السيّد فضل الله حذّر من نية العدو البقاء في الجنوب بعد انتهاء الـ60 يومًا: للإسراع في تأليف الحكومة واختيار أصحاب الكفاءة والنزاهة
ألقى العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين ومما جاء في خطبته السياسية: “عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي، بما أوصى به الإمام الكاظم(ع) أحد أصحابه، وهو صفوان الجمال، عندما قال له: “يا صفوان، كلُّ شيء منك حَسَنٌ جميل ما خلا شيئاً واحداً، فقال له: جُعلت فداك أيّ شيء؟ قال: إكراؤك جمَالَك من هذا الرجل (أي تأجيرك لها لهارون الشيد الخليفة العباسي وحاشيته) فقال له: والله ما أكريته أشراً ولا بطراً ولا للهو، ولكني أكريته لهذا الطريق (أي طريق مكّة أي للحج) ولا أتولاه ولكنْ أبعثُ معه غلماني، فقال(ع): أتحبُّ بقاءَهم حتى يخرج كراؤك؟ قلت: نعم، قال: فمن أحبَّ بقاءهم فهو منهم، ومَن كان منهم ورد النّار، ألم تسمع قول الله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}“.
وقال:”أيُها الأحبة: لقد أراد الإمام من خلال ذلك أن يعلم صاحبه صفوان، ومن خلاله أن لا نعين ظالماً أو فاسداً حتى لو كان بمستوى تمني استمرار حياته وطول عمره، حتى لا يجد الظالمون من يساندهم ويؤمن لهم حضورهم، فهم عندما يقوون لا يقوون فقط بقدراتهم بل بمن يقفون معهم ويؤيدونهم ويبررون لهم أفعالهم ويقاتلون لحسابهم، وبذلك نجعل ساحتنا أكثر عدلاً واستقامة وقدرة على مواجهة التحديات”.
أضاف:”البداية من الحكومة التي ينتظر اللبنانيون أن يتم تشكيلها بأسرع وقت ممكن لتؤدي دورها في هذه المرحلة الصعبة التي يمرون فيها، لمعالجة تداعيات العدوان الصهيوني وإعمار ما تهدم أو مما يعانونه على الصعيدين المعيشي والحياتي، أو ما قد يتهددهم مما يجري في المنطقة والعالم، التي تشهد تحولات كبيرة على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، التي قد لا يكونون بمنأى عن تداعياتها، وهم يأملون في ذلك أن تكون الحكومة التي ستشكل على مستوى آمالهم وطموحاتهم، وتعبيراً عن الوعود التي أشار إليها خطاب القسم بالعمل على انتظام مؤسسات الدولة وإصلاح ما فسد فيها، وبأن تأخذ في الاعتبار التوازنات التي لا تزال تحكم البلد على الصعد الطائفية والمذهبية والسياسية، مع الأخذ في الاعتبار أن يأتي الاختيار لمن يملك الكفاءة والشفافية والنزاهة والتاريخ النظيف، وأن يكون في خدمة اللبنانيين جميعاً، لا الإطار الذي ينتمي إليه أو أن يحقق مصالح من أوصله إلى موقعه. فقد عانى اللبنانيون ولا يزالون الذين أوصلوا البلد إلى المنحدر الذي بلغه، وهم اليوم يتوقون إلى من ينتشلهم منه بما يجعلهم يثقون بهذا الوطن ويستعيدون الأمل بالبقاء فيه، وهذا لن يحصل إلا عندما تقرر القوى السياسية التي تملك القرار في هذا البلد، أن تخرج مما اعتادت عليه من حساباتها الخاصة ومصالحها الفئوية إلى حساب الوطن وخدمة إنسانه كل إنسانه”.
تابع: “في هذا الوقت، يستكمل الجيش اللبناني انتشاره في المناطق التي كان العدو الصهيوني قد احتلها أو وصل إليها، حيث ظهر مدى الدمار الهائل الذي خلفه هذا العدو في المباني والبنى التحتية لهذه البلدات، فيما هو يستمر بعمليات النسف والتفجير الهمجية في القرى والبلدات التي لا يزال يحتلها، والتي يهدف من ورائها أن يجعل المنطقة الحدودية منطقة خالية من الحياة وهذا ما لن يحققه في ظل تمسك أهالي هذا الشريط بأرضهم وإصرارهم على البقاء فيها. هنا لا بد أن نحذر مما يبديه العدو عن نيته بالبقاء لما بعد الستين يوماً المقررة بعدم انسحابه في بعض المواقع بهدف تحقيق مكتسبات أمنية وسياسية، ما يدعو إلى العمل الجاد من قبل الدولة اللبنانية للضغط على الدول الراعية لهذا الاتفاق، لمواجهة أي تجاوز لبنوده للقيام بمسؤوليتها وما التزمته من التنفيذ الكامل للاتفاق، وإن كنا ما زلنا على أمل أن العدو سينسحب رغم ما يقوم به من مناورات إن على الصعيد الأمني أو السياسي، وليبدو أنه صاحب القرار الأول في الانسحاب”.
وقال:”في مجال آخر، ننوه بالجهود التي تقوم بها الأجهزة الأمنية اللبنانية لمواجهة سعي العدو لاختراق الساحة اللبنانية من خلال تجنيد عملاء له، التي أدت إلى إيقاف عدد منهم، وندعو إلى اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة التي تمنع العدو من تحقيق أهدافه على هذا الصعيد وردع من تسول لهم أنفسهم أن يكونوا أداة رخيصة للعدو وعلى حساب وطنهم وأمنه، وندعو هنا إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية في ذلك، وأن نكون العين الساهرة لحفظ هذا البلد من الاختراق، وهنا تبرز أهمية مسارعة أهالي العملاء لاتخاذ مواقف حاسمة بالتبرؤ منهم ومن أفعالهم. في الوقت نفسه، نرى خطورة عملية الاغتيال الجبانة التي جرت في البقاع الغربي لأحد العلماء فيها ومن رموز المقاومة فيها، وهو سماحة الشيخ محمد حمادي والتي قد تقف وراءها استخبارات العدو وأدواته، ما يدعو إلى اليقظة وردع كل محاولات الذين يريدون إذكاء الفتنة في هذه المنطقة”.
ختم: ” نصل إلى فلسطين، التي ما ان توقفت فيها آلة الحرب الصهيونية في غزة، حتى تابع هذا العدو عدوانه في جنين وفي الضفة الغربية في مشهد يريد من خلاله استكمال مشروعه الذي بدأه في غزة والهادف إلى اجتثاث الشعب الفلسطيني وإنهاء قضيته. هنا ننوه بمقاومة هذا الشعب الذي يصر على مواجهة غطرسة هذا العدو وآلته العسكرية، والذي سيحبط بصموده وثباته أهدافه، رغم التدمير والقتل الذي يحصل، كما نجدد دعوتنا للدول العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى عدم ترك الشعب الفلسطيني وحيداً في معركته هذه وإسناده والوقوف معه. فيما نجدد دعوة السلطة الفلسطينية أن يكون دورها وحضورها فاعلاً في الدفاع عن شعبها، ومنع هذا العدو من الاستفادة من أي خلاف داخل الساحة الفلسطينية بعد أن أصبح واضحاً أن هذا العدو لا يفرق بين فصائل المقاومة وبين السلطة، بل يهدف إلى إحكام سيطرته على كل فلسطين وأن تكون يده العليا فيها”.