تشييع “السيّدَين”: اختبار ورسائل..
كتب عماد مرمل في الجمهورية:
مع تحديد الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم 23 شباط موعداً لتشييع السيّدَين الشهيدَين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين بعد انتظار طويل، يترقب كثيرون من الآن مجريات ذلك اليوم بكل ما سيحمله من دلالات، وسط موج التحوّلات الذي ارتفع على شواطئ المنطقة أخيراً.
إذا كان اندفاع الجنوبيّين نحو بلداتهم المحتلة لاستعادتها باللحم الحَي قد سمح لهم بأن يرسموا الصورة الأخيرة في الحرب، بعدما افترض الجانب الإسرائيلي أنّه هو الذي استطاع أن يتحكّم بسيناريو وإخراج «اللقطة» الأخيرة خلال مهلة الـ60 يوماً التي تلت اتفاق وقف إطلاق النار، فإنّ مناسبة تشييع الأمينَين العامَين لـ«حزب الله» السيد الشهيد حسن نصرالله و«خليفته» السيد هاشم صفي الدين، ستُشكّل بالنسبة إلى «الحزب» لحظةً تاريخية لإعادة رسم معالم كل مشهدية ما بعد الحرب وموقعه فيها، بعدما كثرت التأويلات حول حاضره ومستقبله على وقع استشهاد قائده التاريخي وما تركه من مفاعيل وانفعالات.
بهذا المعنى سينطوي التشييع المُهيب في مدينة كميل شمعون الرياضية، على مجموعة رسائل، يُعدّدها قريبون من «الحزب» كالآتي:
– تأكيد «حزب الله» تعافيه واستعادة فعالية قدراته التنظيمية التي ستكون أمام اختبار هائل وغير مسبوق في يوم التشييع، في اعتبار أنّ هذه المناسبة الاستثنائية تتطلّب إدارة دقيقة وجهوزية كاملة على كل المستويات، للإحاطة بكل متطلّباتها وتفاصيلها، وضمان إتمامها بأفضل صورة ممكنة.
– إبراز نوع من الاستفتاء الشعبي حول خَيار المقاومة وتأكيد استمرار البيئة الحاضنة بالالتفاف حوله والتمسك به على رغم من الكلفة العالية للعدوان الإسرائيلي الأخير وما رافقها من استنتاجات في شأن انخفاض منسوب الدعم الشعبي للمقاومة. وبناءً عليه، سيكون التشييع من منظار «الحزب» فرصةً لنفي مثل تلك الفرضيات ولتجديد مشروعية مبدأ المقاومة استناداً إلى إرادة ناسها المقتنعين به، بمعزل عن الشكل الذي يمكن أن يتخذه في هذه المرحلة أو تلك تكيّفاً مع المتغيّرات.
– إعادة تصحيح التوازنات الداخلية رداً على محاولات الإخلال بها عبر السعي إلى استضعاف «الحزب» في المعادلة السياسية بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة، والتشديد على أنّ حصانة حضوره في الدولة تستند إلى ما يمثله وليس إلى وهج السلاح كما هو شائع لدى بعض القوى السياسية.
– إفهام كل مَن يهمّه الأمر أنّ القوة الحقيقية لـ«حزب الله» هي في قاعدته الشعبية قبل أن تكون في ترسانته العسكرية، وأنّ أي حسابات في شأن مصيره ومساره يجب أن تُبنى على هذه القاعدة الثابتة، في حين أنّ عناصر القوة المادية هي متحرّكة.
– حصول ما يشبه «بروفة» أولية للانتخابات النيابية المقبلة التي ينتظرها «الحزب» بفارغ الصبر حتى يُجدّد تكريس نفسه رقماً صعباً في جدول الحساب الداخلي، ويثبت أنّ حجمه الحقيقي يُترجم بالدرجة الأولى في صناديق الاقتراع وليس في صناديق الذخيرة.
– إبلاغ الكيان الإسرائيلي أنّ أهدافه الاستراتيجية من العدوان لم تتحقق، وأنّ فكرة المقاومة لم تُهزَم ولو تلقت بُنيَتها خلال المواجهة العسكرية ضربات قوية، وبأنّ السيد نصرالله انتقل بعد اغتياله من كونه أميناً عاماً لـ«حزب الله» إلى أن يصبح رمزاً ملهِماً، بالتالي فإنّ تأثيره لم ينتهِ مع استشهاده بل ربما تضاعف بعد ذلك.
– بدء رحلة خروج «البيئة» من صدمة الاغتيال مع تفريغ شحنات الحزن المؤجّل، وانتقال غير المصدّقين من مرحلة إنكار الواقع إلى تقبّله.
– دخول العلاقة بين جمهور المقاومة وقيادة الأمين العام لـ«الحزب» الشيخ نعيم قاسم في مرحلة أكثر تطوّراً وتفاعلاً.
– تظهير الامتداد الواسع لشخصية السيد نصرالله وخيارات «الحزب» إلى خارج لبنان من خلال توقع مشاركة كثيفة لشخصيات عربية وإسلامية في مناسبة التشييع.