لبنان

لبنان الرسمي مع تحرير بقية الأرض بالدبلوماسية.. وأهل الحدود يعودون: التحرير الثالث ينغّصه انسحاب غير مكتمل!

كتبت أمال خليل في الأخبار: 

للمرة الثالثة منذ إعلان وقف إطلاق النار في 26 تشرين الثاني الماضي، عاد الجنوبيون إلى بلداتهم الحدودية بعد تحريرها شبه الشامل. العودة الثالثة كانت ثابتة أمس مع انتهاء مهلة الانسحاب التي مدّدها العدو الإسرائيلي بعد انتهاء مهلة الستين يوماً في 26 كانون الثاني الماضي. انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي من البلدات الحدودية التي كانت لا تزال محتلة، مع احتفاظها بمساحات في بعضها. بلدات القطاع الشرقي كانت الأكثر احتفالاً. بخلاف العودتين السابقتين، استعادت الوزاني والعديسة وكفركلا أبناءها الذين دخلوا إليها فاتحين وأمضوا طوال اليوم آمنين فيها. فيما دخل بعضهم إليها سابقاً تسلّلاً وتعرضوا لإطلاق النار. أما أهل مركبا وحولا وميس الجبل وبليدا، فقد عادوا للمرة الثالثة على طريق دماء شهداء التحرير والعودة الذين استشهدوا لدى دخولهم إليها عند انتهاء مهلة الستين يوماً. عيترون التي خرجت من أسر الاحتلال قبل نحو أسبوعين بعد انتشار الجيش فيها، انهمكت أمس في تجهيز المقبرة الجماعية لـ 84 شهيداً من أبنائها سقطوا خلال أشهر العدوان الأخيرة ودُفنوا ودائع خارجها. فرحة عيترون بالتحرير نغّصها بقاء قوات الاحتلال في جبل الباط وجل الدير الواقع بينها وبين يارون ومارون الرأس. جيران عيترون، أهل مارون الرأس، عادوا إلى بلدة تغيّرت خريطتها بسبب أعمال الجرف والتفجير التي نفّذتها قوات الاحتلال في الأشهر الثلاثة الأخيرة بعد وقف إطلاق النار. سهل مارون الممتد حتى مستعمرة أفيفيم (بلدة صلحا المحتلة)، كان أشبه بمنطقة عازلة بسبب إجراءات أمنية منعت الأهالي من الاقتراب من السياج الشائك. والإجراءات نفسها فُرضت على سهل يارون ووادي قطمون في خراج رميش. أما في القطاع الغربي الذي استكملت بلداته تحريرها منذ نحو شهر، فلا تزال فيه تلال اللبونة في خراج الناقورة وجبل بلاط بين رامية ومروحين تحت الاحتلال.

دخلَ اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل أمس حيز التنفيذ، ومرحلة جديدة مجهولة المصير، بفعل إصرار العدو على تكريس احتلاله بالاحتفاظ بخمسة مرتفعات استراتيجية بين الناقورة وشبعا.

وفيما قرار المقاومة بكيفية التعاطي مع هذا الاحتلال مؤجّل إلى ما بعد تشييع الشهيدين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين الأحد المقبل، يتوسّل «لبنان الرسمي» الدبلوماسية لتحرير الأرض، و«التوجّه إلى مجلس الأمن الدوليّ الذي أقرّ القرار 1701، لمطالبته باتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الخروقات الإسرائيليّة وإلزام إسرائيل بالانسحاب الفوريّ حتّى الحدود الدولية، وفقاً لما يقتضيه القرار الأمميّ والإعلانات ذات الصلة»، وفق ما خَلص إليه الرؤساء الثلاثة، جوزيف عون ونبيه برّي ونواف سلام، بعد اجتماعٍ طارئ في قصر بعبدا على ضوء التطورات الأخيرة.

وشدّد بيان صدر بعد الاجتماع على «استكمال العمل والمطالبة، عبر اللجنة التقنية العسكرية للبنان والآلية الثلاثية اللتين نصّ عليهما إعلان 27 تشرين الثاني 2024، من أجل تطبيق الإعلان كاملاً».

كما دعا إلى «متابعة التفاوض مع لجنة المراقبة الدولية والصليب الأحمر الدولي لتحرير الأسرى اللبنانيين المحتجزين لدى إسرائيل»، علماً أن الوعود الأميركية كانت أكّدت في 37 كانون الثاني الماضي على إطلاق الأسرى مع انتهاء مهلة الانسحاب التي مُددت إلى يوم أمس. وأكّد بيان بعبدا على «تمسّك الدولة اللبنانية بحقوقها الوطنية كاملة، وسيادتها على كامل أراضيها، والتأكيد على حقّ لبنان في اعتماد كل الوسائل اللازمة لضمان انسحاب العدو الإسرائيليّ»، وهو ما شدّد عليه الرئيس بري، بعدما أفرغ رئيس الحكومة البيان الوزاري لحكومته من أي صيغة مقاومة في مواجهة الاحتلال.

ومنذ اليوم، سيبدأ رصد سلوك العدو الإسرائيلي ليس في جنوب الليطاني، وإنما في كل لبنان، بعدما أطبق بشكل كامل منذ وقف إطلاق النار على لبنان جواً وبراً ووضعه تحت حصار وصل إلى حد التحكم بحركة الطيران إلى مطار بيروت بحجة منع نقل أموال إلى حزب الله.

ميدانياً، باتت المسافة بين العديسة وكفركلا والتي لا تستغرق أكثر من دقيقتين بالسيارة، تحتاج إلى وقت أطول بكثير بعدما أصبح دخول كفركلا من جهتها الشمالية يحتاج إلى الالتفاف من الخردلي باتجاه دير ميماس أو تل النحاس. مع انتهاء المهلة الممددة لانسحاب جيش العدو أمس، فقدت كفركلا اثنين من مداخلها رغم تحرر أحيائها الداخلية، إذ قطعت قوات الاحتلال الإسرائيلي الطريق من العديسة بالحوائط الإسمنتية والردميات في محلة الثغرة المحاذية لموقع مسكاف عام، وحيث كان مركز للجيش اللبناني قبل العدوان. الطريق المقطوع يسير مع جدار كفركلا والشريط الشائك حتى تلة الحمامص عند تقاطع سهلَي الخيام والوزاني قبالة مستعمرة المطلة. في بعض المقاطع، فصلت الطريق عن أطراف العديسة وكفركلا بالردميات، وفي مقاطع أخرى بأسلاك شائكة وحوائط إسمنتية.

على طول الطريق، لم تكن هناك تحركات إسرائيلية أمس. كانت منطقة محتلة بالنسبة إلى أهالي العديسة وكفركلا ومنطقة عازلة بالنسبة إلى العدو ولجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار.

التحركات العسكرية رُصدت خلف الجدار داخل الأراضي المحتلة، إضافة إلى ورشة أشغال في الجدار عند محلة العبارة. وقال مصدر مطّلع لـ«الأخبار» إن «بولفار العديسة وجدار كفركلا وطريق المطلة حتى الحمامص منطقة مقطوعة على نحو مؤقت رضوخاً لطلب إسرائيل من اللجنة الخماسية بذريعة حاجتها إلى تنفيذ ترتيبات أمنية وضمان انتشار الجيش واليونيفل على التلال المشرفة على مستعمرات مسكاف عام وكريات شمونة والمطلة المكشوفة بشكل كامل للجانب اللبناني». داخل العديسة وكفركلا، لم يسمح الأهالي للعدو بالتشويش على فرحة العودة، فانتشروا في الأحياء المدمرة بحثاً عن جثامين الشهداء وآثارهم.

مظاهر الاحتلال في يوم الانسحاب ظهرت أيضاً على طريق الخيام – الوزاني عند تلة الحمامص التي احتفظ بها العدو من ضمن النقاط الخمس التي رفض الانسحاب منها. احتاج أهل الوزاني إلى الالتفاف من سوق الخان في حاصبيا نحو الماري وعين عرب للوصول إلى بلدتهم. فيما كانوا يسلكون سابقاً الطريق الأقصر من الحمامص عبر العمرة وسردا.

احتلال آخر برز على طريق مركبا – حولا عند محلة الدواوير في الأطراف الجنوبية لبلدة مركبا. رُكنت ملالة للجيش اللبناني وسط الطريق عند مدخل موقع الوحدة النيبالية في «اليونيفل». تحت الطريق، خلف الموقع باتجاه وادي هونين، ركن العدو دبابتي «نمير» موجّهاً رشاشاتهما نحو المارة. المكان كله يقع في سفح موقع العباد عند أطراف حولا الشمالية، وفي محيطه يوجد موقع لقوات حفظ السلام، وقد أقام العدو مركزاً عسكرياً داخل الأراضي المحررة بعمق كيلومتر واحد. الدبابات والآليات الإسرائيلية كانت تتحرك طوال يوم أمس بالتوازي مع الطريق حيث تنتشر قوة للجيش اللبناني.

وصباح أمس، أطلق قناصة العدو الرصاص باتجاه سيارة مدنية سلكت الطريق من حولا باتجاه مركبا، ما دفع بالجيش إلى اتخاذ إجراءات لمنع المارة من سلوك الطريق المقابل للموقع المعادي المُستحدث. وعصراً، حضر فريق من الوحدة الإسبانية في اليونيفل أرسلته لجنة الإشراف، وطلب من الضابط المسؤول عن القوة المرور لتفقد المركز الإسرائيلي بناءً على طلب اللجنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى