لبنان

بوابات إلكترونية في مطار بيروت على حساب المسافرين..

كتب فؤاد بزي في الأخبار: 

في نهاية الشهر الماضي، أعلنت وزارة الأشغال العامة والنقل أنها ستلزّم تركيب 35 بوابة إلكترونية لعبور المسافرين في مطار بيروت وتمويل كلفتها المقدرة بنحو 18.4 مليون دولار عبر فرض رسم على مبيع تذكرة السفر لمدة سبع سنوات بمعدل 70 سنتاً.

وقد سبق للوزارة أن فرضت رسماً مماثلاً لتمويل مشروع «iborder» مع شركة «سيتا» بقيمة 77 سنتاً على كل تذكرة سفر. في محصلة هذين المشروعين، ستذهب 1.5 دولار من مبيع كل تذكرة سفر في لبنان إلى شركة خاصة (سيتا والشركة الثانية التي ستفوز بالمشروع الجديد). مطار بيروت، بهذا المعنى، تحوّل إلى بئر نفط تموّل شركة أو اثنتين بملايين الدولارات من جيوب المسافرين.

يبدو أن مطار بيروت لم يعد دوره يقتصر على تأمين خدمات النقل الجوي للمسافرين من لبنان وإليه، بل تحوّل إلى مرتع للصفقات ذات الطابع المالي والأمني. ففي السنوات الماضية، تعاقدت إدارة المطار مع شركة «سيتا» لتقديم خدمة الـ«iborder» وجرى تحميل كلفة هذه الخدمة للمسافرين بقيمة 40 سنتاً على كل تذكرة سفر اعتباراً من عام 2016، علماً بأن هذه الكلفة كانت أقلّ في السنوات السابقة.

ورغم أن الشركة كانت مسؤولة عن فضيحة كبيرة في مطار بيروت في عام 2018 حين توقف العمل بأنظمة المطار لساعات وكان هناك شبه إجماع من الجهات المعنية بالرقابة عليه بأن الشركة هي من يتحمل المسؤولية، إلا أنه في المدة التي تلت، قرّر مجلس الوزراء تجديد العقد مع شركة «سيتا» ورفع نسبة الاقتطاع من كل تذكرة سفر إلى 77 سنتاً لتمويل هذه الخدمات.

بموجب هذه الصفقة، فإن المسافرين سدّدوا لهذه الشركة ما لا يقلّ عن 200 ألف دولار شهرياً لمدة تزيد على 9 سنوات، وقبلها ولأكثر من عشر سنوات أيضاً كانت الشركة تحصل على مبلغ يساوي النصف تقريباً. وفقاً لتقديرات متحفّظة فإن المسافرين سددوا أكثر من 40 مليون دولار لهذه الشركة.

والآن، أطلقت المديرية العامة للطيران المدني مناقصة جديدة لشراء وتركيب وصيانة ما يسمّى «البوابات الإلكترونية» عدد 35، مع مستلزماتها، وستكون مخصصة لمناطق عبور المغادرين والقادمين والخط السريع ومراكز المراقبة الأمنية.

ستستوفي الشركة وفقاً لتقديرات المديرية العامة للطيران المدني ما قيمته 220 ألف دولار شهرياً من تذاكر السفر بمعدل 70 سنتاً على كل تذكرة سفر لتمويل هذا المشروع.

مبررات المشروع، كما جاءت من وزارة الأشغال أيام الوزير علي حمية، مرتبطة بتحسين جودة إدارة الحدود والمراقبة في لبنان. لكن اللافت أن دفتر الشروط لا يتضمن أي بند يتعلق بالحفاظ على سرية المعلومات التي تجمعها البوابات والتي يكون للمتعهد حق الولوج إليها أو الاطلاع عليها والامتناع عن مشاركتها لأهداف تجارية أو أمنية تخص جهة ثالثة من دون موافقة السلطات في لبنان.

ويتيح المشروع للشركة الملتزمة، أن تحصل على أشغال إضافية غير مذكورة في العقد بنسبة 20% من قيمته الأساسية من دون أن يرد إذا كان مصدر التمويل هو نفسه، أي إنه يمكن أن ترتفع نسبة الاقتطاع من تذاكر السفر بنسبة 20%. ومدة العقد محدّدة وفقاً لدفتر الشروط بنحو 84 شهراً، وشروط الصفقة ليست صعبة جداً؛ فمن المسموح أن تتقدم الشركات اللبنانية التي تثبت أن لديها شريكاً أجنبياً ذا خبرة في تنفيذ وتحقيق مشاريع وأنظمة وبرامج متقدمة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وإدارة البيانات ونفّذ 300 بوابة عبور إلكترونية في السنوات الثلاث الأخيرة في خمسة مطارات دولية على الأقل في ثلاث دول على الأقل. أما إذا كانت الشركة لبنانية، فإن المطلوب منها خبرة في تركيب ثلاثة مشاريع في ذات مجال الخبرة في السنوات الثلاث الأخيرة بقيمة مليون دولار. والمطلوب للشركات اللبنانية حجم أعمال مالياً في آخر ثلاث سنوات بقيمة مليون دولار وللشركات الأجنبية بقيمة 20 مليون دولار.

إذاً، شركة أجنبية لديها فرع محلي أو تحالف شركة لبنانية مع شركة محلية، أو شركة محلية لديها علاقة مع شركة أجنبية لديها الخبرة؟ هذه الخيارات، قد تقود نحو فرض وكيل لبناني، كما يحصل في غالبية الصفقات المماثلة، على أن يكون ذا نفوذ، ويحصل على حصّة نسبية من الأرباح، وأن يكون قادراً على تجاوز أي فضائح يمكن أن تسببها الشركة مثل تلك التي نتجت من التعاقد مع «سيتا» في 2018.

على أي حال، فإن هذا الاستثمار سيموّل مباشرة من رسوم على الاستهلاك يدفعها المسافرون. في السنوات الماضية أضيفت مبالغ تصل إلى 40 مليون دولار على تذاكر السفر من أجل تمويل عقد «سيتا» والآن سيتم إضافة مبلغ 18 مليون دولار لتمويل العقد الجديد. ويشمل المبلغ الجديد ثمن البوابات الإلكترونية، وأكلاف التشغيل والصيانة والتكامل مع أنظمة المطار، والبرمجة والتحديث، فضلاً عن أكلاف التدريب وأرباح المتعهد الفائز بالمناقصة. ولكن ستدفع تكاليف المشروع بالتقسيط على 7 سنوات، أي طوال مدة العمر الافتراضي للبوابات.

ثمة سؤال أساسي يجب أن يثار هنا: ما هي الحاجة إلى بوابات عبور إلكترونية؟ هل هي حاجة ملحة فعلاً ضمن أولويات المطار والسلامة العامة فيه، علماً أن شبكة البنية التحتية والفوقية في المطار تحتاج إلى كثير من الاستثمارات والتحسين؟ لماذا يتم الترويج بأن هذا المشروع لن يكبّد الخزينة العامة أي مبالغ إضافية لأنه مموّل من رسم استهلاكي على تذكرة السفر؟ أليس من الواضح أن ما تحصل عليه الشركة هو إيراد فائت على الخزينة العامة؟ هل يجب أن يدفع المسافر مقابل تحسينات المطار؟ هل ستكون هذه البوابات ذات قيمة بعد نهاية العقد بعد 84 شهراً؟

قد يكون المغزى من وراء هذا الترويج لصفقة من هذا النوع، بأن المسألة «بسيطة» لأن الزيادة هي عبارة عن 1.5 دولار على كل تذكرة سفر، ولكن الواقع أن المبلغ المفروض ليس بسيطاً قياساً على صفقة من هذا النوع.

 

● تقضي آلية جمع «الرسوم الأمنية» مثل رسم «iborder» ورسم «الـ«E-Gate» من قبل شركات الطيران التي تحوّلها إلى اتحاد النقل الجوي الدولي «IATA» قبل أن تعيد إرسالها إلى المديرية العامة للطيران المدني.
● يهدف مشروع البوابات الإلكترونية إلى «تعزيز مستوى الأمن في المطار، وتسهيل إجراءات السفر، وتسهيل إجراءات السفر»، وفقاً لوزارة الأشغال العامة والنقل. كما تشير إلى أنه يفيد في «أتمتة عمليات فحص جوازات السفر، وتسجيل عبور المسافرين، ما يسرع عملية التفتيش ويقلل من وقت الانتظار». وستكون هذه البوابات جزءاً من نظام أمني أوسع نطاقاً يرتبط بـ«iborder» ويخصّص لإدارة الحدود، إنما من دون تقديم إيضاحات أكثر حول تقنية الربط الأمني أو مراقبة الحدود. وعبر قراءة البيانات البيومترية على جوازات السفر، تستطيع البوابات تخطي الحاجة إلى العنصر البشري في المطار. ثمّ، تقوم بتسجيل عبور المسافرين في النظام الخاص بالأمن العام لتتبع الحركة في المطار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى