لبنان

التعيينات الأمنية أمام الحكومة الخميس: توافق أم خلاف؟

كتبت النهار: 

في الوقت الذي أعطت فيه جلسة مجلس الوزراء الأولى بعد نيل الحكومة الثقة انطباعاً حيال وجود خلافات حول ملف التعيينات، بعدما كانت بعض الأوساط الإعلامية روّجت لإمكان إقرار حزمة منها في الجلسة، وأسهم في ذلك التباين حيال اعتماد مقرّ خاصّ لمجلس الوزراء، جاءت زيارة رئيس المجلس نبيه بري لقصر بعبدا لتزيد الغموض وتعزز ذلك الانطباع نظراً إلى أنها لم تستغرق أكثر من ٢٠ دقيقة، ما طرح التساؤلات حول دقة هذه الأجواء، وما إن كانت السلطة الجديدة أصيبت بلوثة الحكم اللبنانية.

كل المعلومات التي تقاطعت لـ”النهار” أكدت أن لا صحّة لهذا التسويق الذي يهدف إلى دق إسفين لضرب المناخ الإيجابي السائد منذ انتخاب العماد جوزف عون رئيساً والتناغم الذي ساد بين الرئاستين الأولى والثالثة. ولكن هذا لا يعني أن طبيعة رئيس الجمهورية التي تختلف عن طبيعة رئيس الحكومة، لا بد من أن تكون لها بصماتها على العمل بين الرجلين. فالأول يتمتع بدينامية كبيرة وصورة المرحلة المقبلة واضحة لديه، بينما سلام لا يزال يسعى إلى الجمع بين متطلبات تسريع عجلة العمل الحكومي من دون التخلي عن صلاحيات الرئاسة الثالثة، في ممارسة يريدها مختلفة عن ممارسة رؤساء الحكومات الذين سبقوه. وقد تجلى هذا الأمر في حرصه على إعلان تخصيص المقرّ الخاص لجلسات مجلس الوزراء رغم أن مجلس الوزراء لم يتخذ قراراً بذلك، وأن المداولات أفضت إلى التريّث بناءً على رغبة رئيس الجمهورية انطلاقاً من ضرورات أمنية نظراً إلى المخاطر الأمنية التي تحيط بالمقرّ، وتهدّد سلامة الرئيس وأركان الحكومة. وتعزو مصادر سياسية تمسّك سلام بهذا الأمر، لا إلى رغبته في التعبير عن حرصه على تطبيق دستور الطائف فحسب، بل من خلفية بناء قاعدة سنّية داعمة، تؤهله لدخول نادي زعماء الطائفة، على قاعدة المحافظة على صلاحيات الطائفة وعدم التفريط بها.

تنفي مصادر سياسية على جانبي بعبدا وعين التينة وجود أي خلاف بين الرئيسين عون وبري، بل تؤكد العكس تماماً في إشارة إلى الاحترام الذي يكنّه رئيس المجلس لرئيس الجمهورية. وتقول مصادر عين التينة إن الدقائق العشرين التي أمضاها رئيس المجلس في بعبدا لا تعني أن الاجتماع كان قصيراً بسبب عدم التفاهم بين الرئيسين أو صاخباً كما تردّد في بعض وسائل الإعلام، بل على العكس تماماً كان استكمالاً للمشاورات الجارية سابقاً بينهما، وضرورياً لاستماع كل منهما إلى ما لديه من تحفظات أو إيجابيات حيال بعض أسماء القادة الأمنيين المطروحة، علماً بأن الاجتماع لم يفضِ إلى معالجة التباينات حيال خيارات كل من الرجلين التي لا تزال على حالها، وتتطلب وفق المصادر مزيداً من التشاور ومحاولات الإقناع.

لا تستبعد المصادر أن تُحسم التعيينات الأمنية والعسكرية في الجلسة المرتقبة لمجلس الوزراء الخميس، ولكن على قاعدة التوافق بين الرؤساء قبل الجلسة، منعاً لتظهير أي خلافات على طاولة المجلس. لا تزال المشكلة تدور حول اسم المرشح لتولي مديرية الأمن العام، حيث يتمسك رئيس المجلس بمرشحه العميد مرشد سليمان فيما يفضّل رئيس الجمهورية مدير المخابرات في البقاع العميد محمد الأمين. وتكشف المصادر أن التباين حول الاسمين لن يؤدّي إلى مشكلة بل سيصار إلى تفاهم حول أحدهما قبل جلسة الخميس، علماً بأن الاتفاق حول قيادة الجيش ومديرية قوى الأمن الداخلي لم يُحسم بعد كذلك، رغم تقدّم اسم العميد رودولف هيكل المدعوم من عون على أيّ اسم آخر.

يصرّ رئيس الجمهورية على إتمام التعيينات الأمنية في الجلسة المقبلة للحكومة نظراً إلى أولويتها، على أن تتبعها في جلسة لاحقة التعيينات المالية المتصلة بالحاكمية، لتنطلق بعدها التعيينات الإدارية وفق الآلية المرتقبة، بالتوازي مع التشكيلات القضائية والديبلوماسية، انطلاقاً من التفاهم بين الرؤساء، على أنه لن يكون ممكناً إنجاز سلة متكاملة للتعيينات، بل على مراحل، تقرر أن تكون وفق الآلية التي سيقرّها مجلس الوزراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى