“وول ستريت جورنال”: في اليمن.. ترامب يهاجم جماعة صمدت أمام أعداء أقوياء

صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية تنشر مقالاً يناقش الضربات الأميركية على اليمن، ومدى فعّاليتها ضدّ اليمنيين الذين صمدوا أمام العدوان السعودي لسنوات.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرّف:
بإصداره أمراً بشنّ هجوم استباقي على الحوثيين في اليمن، يأمل الرئيس دونالد ترامب أن ينجح حيث فشل الآخرون، في مواجهة عدو صمد لسنوات أمام أعداء أقوياء.
صرّح مسؤولون أميركيون يوم الأحد أنّ الهجمات صُمّمت كاستعراض للقوة الساحقة، وهي أشد بكثير من أمر الضربة الذي صدر في عهد إدارة بايدن للقضاء على قدرة الحوثيين على مضايقة ممرات الشحن في البحر الأحمر. وأضاف المسؤولون أنّ الهجمات أصابت قيادة الحوثيين بشكل مباشر، وهو أمر قرّرت إدارة بايدن عدم القيام به.
وقال مسؤولون إنّ الهجمات كانت تهدف إلى توجيه رسالة إلى إيران، أكبر داعمي الحوثيين، بالإضافة إلى إظهار عزم الولايات المتحدة على التحرّك عسكرياً في الشرق الأوسط. ووصفوها بأنها بداية حملة مستمرة، يقول المحللون إنها قد تستمر لأسابيع.
وقال وزير الدفاع بيت هيجسيث لشبكة “فوكس نيوز” يوم الأحد، إنّ “حرية الملاحة أمر أساسي، إنها مصلحة وطنية جوهرية”، وأضاف أنّه “في اللحظة التي يقول فيها الحوثيون سنتوقّف عن قصف سفنكم، سنتوقّف عن قصف طائراتكم المسيّرة، ستنتهي هذه الحملة. ولكن حتى ذلك الحين، ستستمر بلا هوادة”.
صمد الحوثيون في وجه هجمات الأعداء الداخليين والخارجيين طوال عقد من حكمهم. تكبّدت الجماعة آلاف الغارات الجوية في حملة عسكرية بقيادة السعودية على مدى سبع سنوات بدعم أميركي. في المقابل، وسّع الحوثيون من قدرتهم على تهديد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بالطائرات المسيّرة والصواريخ.
بعد اندلاع حرب غزة أواخر عام 2023، حوّل الحوثيون أنظارهم إلى المدن والسفن الإسرائيلية المارة بالساحل اليمني إلى البحر الأحمر، مما أدّى إلى إعاقة التجارة عبر أحد أكثر الممرات المائية التجارية ازدحاماً في العالم. ردّت إدارة بايدن، إلى جانب المملكة المتحدة، بغارات جوية متقطّعة قلّلت من هجمات الحوثيين لكنها لم توقفها. كما شنّت “إسرائيل” غاراتها الخاصة في اليمن أربع مرات على الأقل، بما في ذلك غارة على مطار صنعاء في كانون الأول/ديسمبر.
السؤال الآن هو ما إذا كانت الضربات الأميركية ستكون قادرة على إرغام الحوثيين على التراجع، أو زيادة عزمهم.
بالنسبة للحوثيين، فإنّ هجماتهم وردّهم الحازم على الغارات الجوية الغربية مكّنهم من إظهار تضامنهم مع الفلسطينيين، واكتساب شعبية في العالم العربي، وإظهار أنفسهم كلاعب دولي، والتنافس المباشر مع بعض أقوى جيوش العالم.
قال محمد الباشا، مؤسس شركة “باشا ريبورت” الاستشارية الأمنية في الشرق الأوسط ومقرها الولايات المتحدة، إنّ “فكرة شنّ هذه الموجة الهائلة من الغارات الجوية، ثم استسلام الحوثيين لها، فكرة سخيفة”. وأضاف: “سيردّون بشدة. ستكون حلقة مفرغة”.
وأضاف أنّ “الغارات الجوية مثّلت مستوى جديداً من الشدة في الصراع؛ فإلى جانب استئناف الهجمات ضد “إسرائيل” والسفن، قد يحاول الحوثيون أيضاً ضرب القواعد الأميركية في جيبوتي، المقابلة لليمن، وفي الإمارات العربية المتحدة، على بُعد نحو 800 ميل”. وحذّر من أنه “إذا استمر الصراع، فمن المرجّح أن يستأنف الحوثيون هجماتهم على السعودية كشكل غير مباشر من الضغط على واشنطن”.
منذ عام 2023، استهدف الحوثيون أكثر من 100 سفينة تجارية بالصواريخ والطائرات المسيّرة، مما أدى إلى إغراق سفينتين ومقتل أربعة بحّارة. وزعموا مؤخّراً إسقاط طائرة استطلاع أميركية مسيّرة وإطلاق صاروخ على مقاتلة أميركية.
وأكد متحدّث باسم القوات المسلحة اليمنية، أنّ عملياتها البحرية تستهدف “إسرائيل” لانتهاكها وقف إطلاق النار في غزة، وأنّ الهجمات الأميركية على اليمن ستستدعي ردّاً.
خلال خطاب متلفز يوم الأحد، قال زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، إنّ القوات المسلحة بدأت بالرد على الهجوم الأميركي على اليمن. وأضاف: “سنردّ على العدو الأميركي بضربات صاروخية واستهداف سفنه الحربية والقطع البحرية”.
قال أسامة الروحاني، المدير التنفيذي للسياسات والشراكات في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية: “من المرجّح أن يُظهر الحوثيون مقاومة، مما يعني أن سياسة الردع الأميركية ستستغرق وقتاً لإظهار فعّاليتها”. وأضاف: “لقد أثبتت الجماعة باستمرار قدرتها على التكيّف والتعافي”.
جاء العمل العسكري الأميركي في أعقاب تهديد من الحوثيين الأسبوع الماضي باستئناف الهجمات على السفن المرتبطة بـ “إسرائيل” بعد أن قطعت الأخيرة شحنات المساعدات إلى غزة. بدأ الحوثيون مهاجمة السفن في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 رداً على القصف الإسرائيلي وحصار غزة، وتوقّفوا عندما دخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ قبل شهرين.
وقالت إليزابيث كيندال، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط ورئيسة كلية جيرتون بجامعة كامبريدج، إنه “حتى لو تمّ التوصّل إلى اتفاق مع إيران، فإن الحوثيين يعملون باستقلالية وقدرة كافية ليظلوا شوكة في خاصرة الولايات المتحدة وحلفائها”.
المصدر: الميادين