لبنان

مصالح وأطماع تؤخّر رفع الركام في الجنوب!

كتب فؤاد بزي في الأخبار: 

رغم مرور شهر على إنهاء هيئة الشراء العام عملية تلزيم رفع الركام في محافظتي النبطية ولبنان الجنوبي، لا يزال الردم في مكانه في مدن الجنوب وقراه، ولا يُتوقع أن تتحرّك الجرافات والشاحنات قريباً. وفي حين تشير المعطيات إلى أن نسبة رفع الردم في الضاحية الجنوبية وصلت إلى 50%، تتحكّم الإجراءات الإدارية الحكومية البطيئة بحياة الجنوبيين، وتمنعهم من إطلاق ورشة إعادة الإعمار، وتصبح دراسة الأثر البيئي على سبيل المثال أكثر أهمية من تسريع عودة الناس إلى بيوتهم، وتتحوّل بدلات رفع الركام إلى أرقام مقدّسة غير قابلة للتعديل.

وتترك الحكومة بالتالي مواطنيها فريسةً للمتعهّدين وتجار الردم الذين يطالبون بزيادة بدلات رفع الأنقاض، فيعطّلون لأشهر المناقصات لتحقيق أرباح إضافية. فبدلاً من التلزيم في 13 كانون الثاني الماضي «لفوا على بعضهم»، وقرّروا أنّ السعر المطروح لا يناسبهم، وحاولوا فرض كلفة 6.6 دولارات مقابل رفع كلّ متر مكعب من الردم.

في 17 شباط الماضي، تمكّنت هيئة الشراء العام من تلزيم متعهّدين اثنيْن إزالة الركام من مدن وقرى محافظتي النبطية ولبنان الجنوبي، وهما «مؤسسة بيتا للهندسة والمقاولات» و«شركة المهندس إيلي نعيم معلوف EMC». وفي تفاصيل التلزيمات، فازت «بيتا» بـ4 مناقصات من أصل 5، وستتولى رفع الركام من قرى أقضية جزين، صيدا، النبطية، حاصبيا، والبقاع الغربي، وقرى قضاء صور، وقرى قضاء مرجعيون، ومدينتي صور والنبطية. وستتولى EMC رفع الركام من قرى قضاء بنت جبيل. وفي المقابل، سيتقاضى المتعهدون 5.01 دولارات عن رفع كلّ متر مكعب من الردم من مدينتي صور والنبطية، و3.65 دولارات عن كلّ متر مكعب من الركام في القرى.

هذا على الورق. أما على الأرض، وبدل المباشرة في أعمال رفع الركام، فإن الحكومة تتلهّى بأهالي الجنوب، وتلزم مجلس الجنوب بعدم إعطاء الموافقة على إطلاق الأعمال قبل نتائج دراسات الأثر البيئي التي يجب أن توافق عليها وزارتا الاقتصاد والبيئة، رغم تأمين المجلس 20 موقعاً لاستخدامها كمكبّات للردم. بالتالي، «لم نبدأ العمل في الجنوب حتى الآن»، يقول رئيس مجلس الجنوب هاشم حيدر. وما يؤخّر الانطلاقة هو «الملفات البيئية والدراسات التي يجب أن تُقدّم للحكومة».

خلال الوقت الضائع، تقوم البلديات الجنوبية بإكمال الملفات وإحصاء الأضرار، وإتمام الإجراءات الإدارية قبل انطلاق عملية رفع الردم. في صور مثلاً «سلكت الإجراءات طريقها، وتمّ إحصاء الأبنية ومساحاتها، ووقّع عدد كبير من أصحاب الأملاك على أوراق السماح لإزالة الركام»، بحسب رئيس بلدية صور حسن دبوق الذي توقّع انطلاق العمليات في آخر يوم إثنين في آذار الجاري. في المقابل «أنهت بلدية بنت جبيل الكشف على الأبنية المدمّرة تماماً، وباشرت أول أمس عملية إزالة الركام من مداخل المدينة باتجاه السوق»، بحسب رئيس البلدية عفيف بزي، مشيراً إلى تخصيص مكب للردم في خراج بنت جبيل قرب رميش. وأوضح أن هناك 230 مبنى مدمّراً كلّياً في المدينة، تحتوي على 300 وحدة سكنية. وفي حال عدم عرقلة العمل، توقّع بزي أن تحتاج عملية رفع الركام إلى شهرين من العمل.

وفي غياب أي تحرّك حقيقي على الأرض للمباشرة بعملية شاملة لرفع الردم، يقوم الأهالي في عدد من القرى مثل الخيام وشقرا وبرعشيت بالاتفاق مع متعهّدين محلّيين من أبناء القرى لرفع ركام بيوتهم، مقابل حصول المتعهد على نتاج ركام المنزل من معادن مثل الحديد والألمينيوم. وفي بعض الأحيان يدفع الأهالي مبالغ إضافية، وصلت في بعض الأحيان إلى ألف دولار، بحسب مصادر بلدية.

وما يزيد من بطء عملية رفع الركام عدم وجود معدّات كافية لدى المتعهّدين الفائزين، لذا «يلجأ هؤلاء للتعاقد مع مقاولين محلّيين في القرى في محاولة لتسريع وتيرة العمل، وعدم أخذ فرص العمل من طريق أهل القرى وفقاً لتوصية مجلس الجنوب»، بحسب رئيس اتحاد بلديات بنت جبيل رضا عاشور. وفي المقابل يدفع المتعهّد الفائر في مناقصة هيئة الشراء العام دولاراً واحداً للمقاول المحلّي بدل رفع كلّ متر مكعب من الركام، مع الحصول على ناتج الردم من معادن.

ولكن «لا يجد أهالي القرى الاتفاق مرضياً» يقول عاشور. ويعيدون السبب إلى «عدم وجود كميات وافية من المعادن في البيوت القروية»، ولحلّ المشكلة «يوكل المقاول المحلّي برفع ركام عدد أكبر من البيوت». ورغم الاتفاقات، لا أعمال رفع ردم حقيقية حتى الآن مع بعض الاستثناءات، مثل الخيام و12 قرية أخرى، حيث بوشرت عملية رفع الركام وفقاً للاتفاقات بين «بيتا» والمقاولين المحليّين.

وفي إشارة إلى غياب أجهزة الدولة المركزية ووزاراتها تماماً عن ساحة الجنوب، يلفت عاشور إلى أنّه «حتى أمور المكبات غير راكبة». ولحل المشكلة، «تحاول البلديات تأمين مكبات في نطاقها البلدي، وتستغل الفرصة لاستصلاح عدد من الأراضي، وبالتالي تخفّف كلفة النقل على المتعهّدين». إلا أنّ عدداً من البلديات اشترط تحسين الدفع للمقاولين المحليّين مقابل تأمين مكبّات قريبة.

البلديات ورفع الركام

تلعب البلديات دور صلة الوصل بين أصحاب المنازل المدمّرة أو المتضرّرة ومجلس الجنوب. فتقوم بتحصيل موافقة أصحاب المنزل أو المبنى المدمّر لرفع الركام، ومن ثمّ تتولى عملية احتساب الأمتار المكعّبة من الردم المرفوع من موقع معيّن. ويتوقّع المسؤولون في البلديات أن لا تتجاوز المدّة اللازمة لإزالة الركام من كامل الجنوب شهراً واحداً في حال كان العمل جدياً.

15.4

مليون دولار هي قيمة 5 مناقصات لرفع الركام من مناطق عمل مجلس الجنوب في محافظتي النبطية ولبنان الجنوبي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى