رئيس رابطة التعليم الأساسي في لبنان لـ”إرتكاز نيوز”: “قد نقاطع الامتحانات الرسمية والانتخابات البلدية وصولًا إلى الإضراب المفتوح”!

إرتكاز نيوز- ليديا حدرج:
أساتذة لبنان بين التصعيد والانتظار: هل تنجح وعود الوزيرة في إنهاء الإضراب؟
لم تمضِ أسابيع قليلة على تعيين وزيرة التربية الجديدة ريما كرامي حتى اشتعلت أزمة في قطاع التعليم الرسمي بعدما أصدرت قراراً بإلغاء بدلات الإنتاجية الشهرية بالدولار (375 دولارًا) واستبدالها بـ بدلات المثابرة بالليرة اللبنانية. هذا القرار انعكس بشكل مباشر على الأوضاع المعيشية للأساتذة لاسيما أن أساتذة الملاك قد خسروا جزءًا من مكتسباتهم المالية بينما فقد الأساتذة المتعاقدون البدلات التي كانت تؤمّن لهم دخلًا خلال فصل الصيف.
تفاصيل القرار وتأثيره على الأساتذة
في السابق، وتحديدًا خلال ولاية الوزير السابق عباس الحلبي، تمَّ تعديل بدلات الإنتاجية بحيث يحصل الأساتذة على 375 دولارًا شهريًا، تُدفع على مدار العام، بما في ذلك فصل الصيف للأساتذة المتعاقدين، وذلك بناءً على عدد الساعات المطلوبة شهريًا لكل أستاذ مع الاخذ في الاعتبار أيام العطل والأعياد بحيث كانت هذه البدلات ثابتة ومستقرة.
أما اليوم، فقد ألغت الوزارة هذه البدلات، واستبدلتها بـ بدل مثابرة يُحتسب على أساس كل ساعة تدريس حيث يضاف إلى أجر الساعة المحدد بـ 366 ألف ليرة لبنانية، ليصل مجموع ما يتقاضاه الأستاذ المتعاقد إلى ما يقارب 8.5 تقريباً دولار للساعة الواحدة أي أن بدل الإنتاجية قد اختفى ليصبح الدخل الجديد مرتبطًا بعدد الساعات الفعلية التي يدرّسها الأستاذ، وما يزيد الأمر سوءاً بالنسبة للأساتذة المتعاقدين هو أن الأشهر المقبلة ستشهد انخفاضًا كبيرًا في عدد ساعات التدريس بسبب عطلة الربيع والأعياد ومن ثم انتهاء العام الدراسي في حزيران ما يعني أن دخل الأساتذة المتعاقدين سيتراجع بشكل حاد.
أما بالنسبة إلى أساتذة الملاك، فقد تم منحهم بدل مثابرة بالليرة اللبنانية يعادل نحو 357 دولارًا، لكن هذا التعويض لا يعوّض الخسائر الناتجة عن إلغاء بدلات الإنتاجية، خصوصًا مع اقتطاع الضرائب والرسوم.
وفي عهد الوزير السابق عباس الحلبي، تم إصدار مرسوم استثنائي للأساتذة المتعاقدين، سمح لهم بتلقي بدلات الإنتاجية خلال العطلة الصيفية من خلال سلفة خزينة. أما اليوم، ومع عدم وجود هذه السلفة في الموازنة الجديدة، فإن الأساتذة المتعاقدين فقدوا بشكل كامل أي تعويض مالي عن فترة الصيف، ما زاد من حدة الأزمة. وأرجعت وزيرة التربية الجديدة ريما كرامي السبب في بيانٍ رسمي لها نُشر على الموقع الالكتروني لوزارة التربية “أن عدم موافقة وزارة المال والحكومة على إقرار مراسيم سلف الخزينة التي حملتها إلى مجلس الوزراء فور نيل الحكومة الثقة يعود إلى مخالفتها لقانون الموازنة العامة لعام 2024، لا سيما المادة العاشرة منه، كما أن إقرار موازنة عام 2025 بمرسوم أدى إلى تغيير آلية الدفع بالكامل واستنفاذ السلف التي تم إقرارها سابقًا، مما جعل الاستمرار في دفع ما كان يُعرف بـ بدل الإنتاجية وفق الآليات السابقة أمرًا مستحيلًا”.
تصعيد مستمر
وفي مواجهة هذا الواقع، لجأ الأساتذة إلى التصعيد والإضراب المفتوح بعد أن وجدوا أن أصواتهم لم تلقَ آذانًا صاغية، وقام الأساتذة في بداية الأمر بإضراب تحذيري يومي الأربعاء والخميس 19 و20 آذار، نفذه الأساتذة المتعاقدون بالساعة، دون أي تجاوب من الوزارة. وانتقلت المواجهة بعد ذلك إلى مرحلة جديدة من الضغط حيث نظّمت اليوم رابطة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي اعتصامًا احتجاجيًا أمام وزارة التربية، فيما يستعد أساتذة الملاك لتحرك مماثل يوم الأربعاء المقبل وذلك في خطوة تصعيدية تعكس حجم الغضب داخل الجسم التربوي.
تصريح رئيسة رابطة المتعاقدين بعد لقاء الوزيرة كرامي
بعد انتهاء الاعتصام أمام وزارة التربية اليوم، أوضحت رئيسة رابطة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي الدكتورة نسرين شاهين في حديثٍ خاص لموقع “ارتكاز نيوز” أنه عقب إلقاء كلمتها في الاعتصام، توجه وفد من الرابطة للقاء وزيرة التربية ريما كرامي، وخلال الاجتماع أكدت الوزيرة أنها بحاجة إلى بعض الوقت لرفع كتاب إلى الحكومة ووزارة المالية لإيجاد آلية بديلة لتعويض الأساتذة مشيرة إلى أنها لا تستطيع إعادة العمل ببدل الإنتاجية القديمة الذي تم إلغاؤه. وأضافت شاهين أن الوزيرة تدرس حلولًا بديلة، مثل تقديم مساعدة اجتماعية، أو حوافز إضافية أو زيادة على أجر الساعة، وذلك ضمن إطار قانوني، سواء عبر قانون جديد أو مرسوم حكومي أو قرار وزاري.
كما أكدت شاهين أن الرابطة ستعقد اجتماعًا للهيئة العمومية حيث سيتم التصويت على استبيان لمعرفة موقف الأساتذة من العودة إلى المدارس وإمهال الوزيرة فترة معينة لمعرفة ما ستصدره من قرارات، وأشارت إلى أن هناك احتمالًا لاستكمال الخطوات التصعيدية وذلك بناءً على قرار الأساتذة والذي سيتم الإعلان عنه في بيان رسمي خلال الساعات المقبلة.
وقالت شاهين ردًا على سؤال حول إيجابية اللقاء مع الوزيرة “الجلسة كانت نوعًا ما إيجابية”، موضحة أنه “في السابق قيل لنا إنه لا بديل عن بدل الإنتاجية وإن الأمر مستحيل، أما اليوم، فقد طُرحت إمكانية التعويض بآلية أخرى، وهذا تطور إيجابي بحد ذاته، حيث بدأ البحث عن سبل لرفع الأجور”.
وأضافت شاهين أن الوزيرة أبدت اهتمامها بالحوار والتفاوض، مؤكدة على ضرورة إخراج القضية من الشارع وإعادة التلاميذ إلى المدارس، على أن يتم استكمال البحث والنقاش بدلاً من اللجوء إلى الاعتصامات، أما بشأن الخطوات المقبلة، فقد شددت شاهين على أنه “في حال انتهاء المهلة التي منحناها للوزيرة (إذا كان هذا الخيار بعد التشاور مع الأساتذة) وإذا تبيّن أنه لن يكون هناك أي تعويض فسنتجه نحو التصعيد والاستمرار في الاعتصام”.
تصحيح الرواتب والتصعيد المستمر
وفيما يخص الأساتذة الملاك واعتصامهم يوم الأربعاء، أكد رئيس رابطة التعليم الأساسي في لبنان حسين جواد في حديثٍ خاص لموقع “ارتكاز نيوز” أن مطالب الأساتذة الملاك واضحة إذ كانوا يتقاضون بدل إنتاجية بقيمة 375 دولارًا في العشرين من كل شهر، لكن الوزارة اتخذت قرارًا مفاجئًا دون أي تشاور مسبق مع الأساتذة أو ممثليهم، بتعديل هذا البدل. ونتيجةً لذلك، خسر الأساتذة نحو 20 دولارًا مباشرةً، بالإضافة إلى فرض ضرائب جديدة لم يكونوا يدفعونها سابقًا والتي ستكلفهم حوالي 15 دولارًا إضافيًا، وبذلك ستصل الخسارة الإجمالية إلى 35 دولارًا شهريًا.
وتابع جواد: “قد يتساءل البعض: هل يستحق الأمر الإضراب من أجل 20 دولارًا؟ نعم، لأن هذه حقوقنا! وإذا كانت هذه المبالغ غير مهمة برأي الحكومة، فلتدفعها لنا إذن… لماذا على الأستاذ دائمًا أن يتحمل تبعات الأزمات في هذا البلد؟”
وبالنسبة لمديري المدارس، أشار جواد إلى أنهم كانوا يحصلون على 60 دولارًا كبدل نقل ضمن المناطق التربوية لكن بعد التعديلات الأخيرة أصبحوا يتقاضون1,700,000 ألف ليرة لبنانية فقط ما يعادل 19 دولارًا فقط. وأكد جواد أن المطلب الأساسي اليوم هو تصحيح الرواتب من خلال إقرار سلسلة الرتب والرواتب، مشددًا على أن الأساتذة لن يتنازلوا عن هذا الحق، قائلًا: “كل ما نحصل عليه اليوم لا يساوي شيئًا أمام تصحيح الرواتب ويجب أن تعود كما كانت عليه قبل الأزمة الاقتصادية”.
وشدد جواد على أن الأساتذة يفضلون الحوار، لكنهم لم يلمسوا أي إشارات إيجابية من الوزارة توحي بأنها تسعى إلى إيجاد حل منصف لهم. وأضاف: “لن يتحقق مطلب سلسلة الرتب والرواتب إلا عبر الإضرابات والتظاهر والضغط المستمر على المعنيين”.
وعن خطواتهم التصعيدية، أوضح جواد أن الإضراب المفتوح ليس خيارهم الأول، بل سيلجأون إليه تدريجيًا في حال استمرت مماطلة الحكومة، وأكد أن التحركات ستتصاعد اعتبارًا من اعتصام يوم الأربعاء لأساتذة الملاك، مشبهًا الأمر بـكرة الثلج التي ستكبر يومًا بعد يوم بسبب هذا الملف.
وختم جواد بالقول: “إذا لم نجد استجابة، سنتجه إلى مزيد من التصعيد بدءًا من الإضرابات مرورًا بمقاطعة الامتحانات الرسمية والانتخابات البلدية وصولًا إلى الإضراب المفتوح كخطوة أخيرة لأننا حريصون على إنقاذ العام الدراسي وفي نفس الوقت لا يمكننا الاستمرار في العمل دون تحقيق العدالة للأساتذة”.