الحريري ممنوع من الانتخابات البلدية: المناصفة بقانون في بيروت

كتبت رلى ابراهيم في الأخبار:
مع الإعلان عن موعد إجراء الانتخابات البلدية وتأهّب تيار المستقبل للعودة إلى الحياة السياسية من بوابة انتخابات بيروت، تفاءلت الأحزاب المسيحية خيراً باحتمال إعادة عقارب الساعة إلى عام 2016، بما يحقّق المناصفة في المجلس البلدي للعاصمة ويمنع التشطيب العشوائي، ويحول دون انتخاب مجلس بلدي من دون المسيحيين.
غير أن تردّد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، قبل شهر من موعد الاستحقاق، استدعى استنفاراً مسيحياً لشدّ العصب وفرض المناصفة في بيروت بقوة الوحدة المسيحية.
وعلمت «الأخبار» أن لقاء عُقد أول أمس، في مركز حزب الطاشناق في برج حمود، ضمّ نواب العاصمة المنتمين إلى «القوات اللبنانية» والتيار الوطني الحر والكتائب والطاشناق، اتُّفق خلاله على السير بقرار واحد لتشكيل لائحة تحافظ على تمثيل المسيحيين بـ12 عضواً من أصل 24 يسمّونهم بأنفسهم.
وتحدّث النائب غسان حاصباني خلال الاجتماع عن احتمال قوي بعدم مشاركة الحريري في الانتخابات كما كان مقرّراً، بسبب معارضة سعودية لهذه المشاركة، وهو ما يعزّز المخاوف من تعمّد رئيس الحكومة السابق ترك الأمور تنفلت في بيروت بفتح الباب أمام تشطيب المرشحين المسيحيين لإيصال رسالة بأنه وحده ضمانة الوحدة الوطنية في العاصمة.
ولذلك، يكثّف القواتيون لقاءاتهم مع النائب فؤاد مخزومي من أجل تعاون محتمل بات في مراحل متقدّمة، علماً أن مخزومي لم يكن بعيداً عن أجواء التفاوض مع الحريري الذي يبدو أن ممثّليه يتناحرون في ما بينهم في غيابه، وكلّ يعطي ضمانات مختلفة عن الآخر.
وتقول مصادر مطّلعة في هذا الإطار إن الأمين العام للتيار أحمد الحريري يسعى إلى الحصول على موقف واضح من الحريري بحلول نهاية هذا الأسبوع، في وقت يبدو الأخير مكبّلاً بالفيتو السعودي الذي لا يزال سارياً، وتمّ تأكيده لـ«القوات» ورئيس الحكومة نواف سلام قبل أسبوع، وبالتالي، فإن الترجيحات لدى عدد كبير من المسؤولين أنه سيستمر في قرار تعليق عمله السياسي والبلدي، لأن الرياض تبدو حازمة في عدم منحه فرصة لـ«التسلل» إلى بيروت كما كان يطمح.
في المقابل، تواصلت النقاشات بين التيار الوطني الحر والنائب نبيل بدر لتأليف لائحة متماسكة تضمّ كل الأطراف بما يبدّد هاجس المناصفة التي أصبحت، إلى جانب إبقاء بلدية بيروت موحّدة، في صلب اهتمام بعض نواب بيروت، وكذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام.
وقد فوّض الأخير رئيس تحرير صحيفة «اللواء» صلاح سلام العمل على اقتراح قانون يضمن المناصفة، فاستعان الأخير بمحافظ بيروت السابق زياد شبيب لكتابته، على أن يُقدّم إلى المجلس النيابي. ونصّ القانون المُختصر بمادة واحدة على أن بلدية بيروت «تتألف من دائرة انتخابية واحدة ويتكوّن مجلسها البلدي من أربعة وعشرين عضواً يتوزّعون مناصفة بين المسيحيين والمسلمين.
وتُعتمد في الانتخابات البلدية اللوائح المقفلة المؤلّفة من العدد المكتمل ويتم تحديد الشخصين المرشّحين في كل لائحة إلى منصبَي رئيس المجلس البلدي ونائبه. على أن تفوز في الانتخابات البلدية، برئيسها ونائب رئيسها وكامل أعضائها، اللائحة الحاصلة على أكبر عدد من الأصوات مع مراعاة الأحكام الواردة في متن القانون. وتبقى الانتخابات البلدية في بيروت خاضعة للنصوص القانونية النافذة التي لا تتعارض مع أحكام هذا القانون»، بمعنى أن التنافس يحصل بين لوائح مكتملة تراعي المناصفة ويُمنع فيها التشطيب.
كذلك يفتح اقتراح القانون المجال أمام «تطبيق قاعدة اللوائح المقفلة المؤلّفة من عدد مكتمل من المرشحين يوازي عدد الأعضاء الذين تتألّف منهم المجالس البلدية، والتي تتضمن تحديد الأشخاص المرشّحين لمنصبَي الرئيس ونائب الرئيس، في سائر البلديات في المدن والقرى ولا سيما في بلديات مراكز المحافظات والبلديات الخاضعة لقانون المحاسبة العمومية ولرقابة ديوان المحاسبة، وذلك بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء».
وفي محاولة لإرضاء الأطراف السنّية، يتطرّق الاقتراح إلى صلاحيات المحافظ (الارثوذكسي) الوصي على مجلس بلدي تنتجه الطائفة السنية. فتطرّق القانون إلى إشكالية صلاحية المحافظ بتعليق القرارات البلدية، وتضمّن فقرة تحدّد مهلة تنفيذ قرارات المجلس البلدي من قبل المحافظ خلال شهر واحد من تاريخ إبلاغها إليه، وأن تخطّي هذه المهلة سيُعدّ «تمنّعاً عن القيام بعمل من الأعمال المتوجّبة قانوناً وتطبيق المادة 135 من قانون البلديات»، فيُحال القرار تلقائياً إلى وزير الداخلية والبلديات الذي يمارس بالقانون صلاحية الحلول في ما يتعلّق ببلدية بيروت، ويكون ضمن أعماله البتّ في تلك القضايا.
وعلمت «الأخبار» أن نص اقتراح القانون عُرض على كل من النواب نديم الجميل ونقولا الصحناوي وفؤاد مخزومي الذين وقّعوه، على أن يوقّعه النائب غسان حاصباني اليوم. بينما طلب النائب عماد الحوت مهلة لدرسه، والأمر نفسه بالنسبة إلى النائب فيصل الصايغ، مع وعد من الرئيس بري بتمريره في الجلسة التشريعية الأسبوع المقبل. ويُرجّح أن ينال الاقتراح إجماعاً من القوى المسيحية وغالبية نواب بيروت بخلاف القانون الذي قدّمه النائبان وضاح الصادق ومارك ضو ورفض زملاؤهما التغييريون التوقيع عليه، ويتضمّن فرض اللوائح المقفلة مع تأجيل الانتخابات البلدية إلى تشرين الأول المقبل.
إلى ذلك، لم تصل قوى «التغيير» بعد إلى لائحة واضحة المعالم ولا تزال تتابع اتصالاتها. وبحسب المصادر، فإن هذه القوى تعمل على تشكيل لائحة من المستقلّين للانطلاق بعدها إلى تسويقها لدى القوى المسيحية تحت عنوان «سحب البساط من تحت الحريري ومنعه من العودة ساعة يشاء أو متى أحسّ بالتهديد أي مع تسلّم نواف سلام رئاسة الحكومة».
إلا أن هذه القوى تتصرف وكأنها ما زالت طريّة العود في السياسة، إذ تريد من القوى المسيحية دعم لائحتها من دون منحها أي حصة في المجلس البلدي، منطلقة من مبدأ إبعاد السياسة عن العمل البلدي.
وثمّة من يسأل هنا: ألَا يدرك «التغييريون» أنهم باتوا يشكّلون حزباً سياسياً كما باقي الأحزاب، ولماذا ستعمد الأحزاب السياسية إلى منحهم هدية مجانية فيما هم أبرز خصومها في المعركة النيابية المقبلة؟ وفي حين لا تزال قوى التغيير تحلم بمدينتها المفّصلة على قياسها، باتت اللائحة المناوئة على وشك الولادة.