لبنان

قيامة الدولة..

كتب جو رحال في نداء الوطن: 

جاءت الزيارات المتتالية لفخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون لبعض المرافق العامة كإنذار لكل فاسد ولكل سمسار بأن الهيكل لن يهدّ، بل سيتم تطهير كل مرفق من مرافق الدولة وطرد اللصوص ومحاسبتهم، وذلك ضمن خطط واضحة وآليات مدروسة لمكافحة الفساد، وكترجمة فعلية للإصلاحات التي فرضتها الجهات الدولية المانحة، بالإضافة إلى رغبة الدولة والعهد الجديد، كما رغبة المواطنين، في محاسبة من أهدر وسرق المال العام.

تراكمت الأزمات في السنين الماضية وألقى الفساد بثقله على المرافق العامة وباتت المحسوبيات اللغة المعتمدة، وذلك بسبب غياب الإدارة السليمة، مما أدى لتراجع مستوى الخدمات الأساسية واهتزاز ثقة المواطنين بالدولة.

ما زال لبنان حتى يومنا هذا يعاني من تدهور قطاعات حيوية مثل الكهرباء، المياه، النقل العام، الصحة والاتصالات. وعبارات “إجت الدولة” و”راحت الدولة” تعني الكثير للبنانيين، والحقيقة أن الانقطاع المزمن للكهرباء، سوء إدارة الموارد المائية وتدهور المستشفيات الحكومية، كلها خير دليل على واقع المرافق العامة المأسوي، رغم الإنفاق الهائل ولكن دون تخطيط واضح للإصلاح. كما أن غياب الشفافية، ضعف القضاء، غياب المساءلة، الزبائنية السياسية وعدم تطبيق القوانين، هو حال كل القطاع العام والمثال الأكبر هيئة إدارة السير والآليات والمركبات، فهي “وكر” للسمسرة والفاسدين وهي إحدى أبرز المحطات التي استوقفت رئاسة الجمهورية، بحيث أن “صيتا سابقها”، فكان لا بد من التوجه برسالة واضحة من الرئيس عون تؤكد على أن محاربة الفساد ومراقبة حسن سير عمل المرافق العامة، يحتاج لمن يتمتع بالأصالة والوطنية، والمتستر على الفاسدين هو أيضاً فاسد.

لذلك، لا بد من تفعيل دور القضاء والهيئات الرقابية كديوان المحاسبة والتفتيش المركزي، كما لا بد من التحول الرقمي الذي من شأنه رقمنة الخدمات العامة، واعتماد منصات إلكترونية لتقليص فرص الفساد والسمسرة لضمان خدمة أفضل للمواطنين، والأهم إعادة بناء الثقة بينهم وبين الدولة. كما أن إشراك المجتمع المدني، النقابات والهيئات المهنية، يجعل من التعاون وسيلة أسرع لوضع المرافق العامة على السكة الصحيحة، “هيك هيك عم ندفع لموظفين مصلحة سكة الحديد ونحنا ما عنا قطارات”.

لن تقوم دولة لبنان القوية والعادلة إلا بإصلاح جذري يضع حداً للفساد ويؤسسس لحوكمة تحول المرافق العامة من هياكل للصوص إلى مؤسسات فاعلة وناجحة، والبداية بإنذار، أما النهاية فقد تكون سجوناً مكتظة و”كم علبة راحة وبسكوت”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى