“أم المعارك” في فنيدق.. وتوافق مسيحي في القبيات وحماوة انتخابية في عكار: الاعتبارات العائلية أولاً

كتبت نجلة حمود في الأخبار:
تعكس الجولة على خريطة محافظة عكار، التي تتحضر لمعركة انتخابية في 86 بلدية، بعد فوز 48 بلدية بالتزكية، صورة المنطقة ومزاج ناخبيها المُشوّش بين الأحزاب والتيارات السياسية والعائلات والمناطق والحسابات الشخصية.
وقد أخذت العائلات ومن خلفها الفاعليات السياسية والحزبية الوقت الكافي لنسج تحالفاتها، ورصدت للفوز مبالغ مالية هائلة. ورغم سعي القوى السياسية الفاعلة في المحافظة، تيار المستقبل والتيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية»، إلى التلطّي خلف العائلات، إلّا أنه سيتم فور إعلان النتائج غربلة البلديات وتحديد الأحجام سعياً إلى الفوز برئاسة الاتحادات (13 اتحاداً)، للإمساك بمفاصل السلطة المحلية، قبل عام واحد من الانتخابات النيابية المقبلة.
البعريني يُدير المعركة شخصياً
«أمّ المعارك» ستُخاض في بلدة فنيدق، حيث للمعركة طابع سياسي بامتياز، مع تولي النائب وليد البعريني شخصياً المعركة الانتخابية، في مواجهة لائحة «فنيدق تستحق»، المدعومة من المنسق العام لتيار المستقبل رئيس اتحاد بلديات جرد القيطع عبد الإله زكريا والمرشح السابق محمد عجاج إبراهيم والنائب السابق خالد زهرمان. وفنيدق، هي مسقط رأس مفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا الذي أعلن مراراً وقوفه على الحياد، إلّا أن الأجواء المحمومة في البلدة أعادت إلى الأذهان معركة الإفتاء التي خاضها البعريني ضد ابن بلدته.
وتحظى لائحة «فنيدق تستحق» بإجماع عائلي واحتضان واسع، لا سيما أنها تضم مجموعة من الأطباء والمهندسين، إضافةً إلى سيّدتين في سابقة على مستوى جرد القيطع.
أمّا بلدة مشمش، فستخضع لامتحان تثبيت التوافق الذي عملت عليه القوى والفاعليات السياسية والعائلية على مدار أشهر، ولا سيما مع استمرار رئيس البلدية السابق محمد بري في ترشحه، رغم عدم امتلاكه أي حظوظ للفوز، ما أفشل فرصة التزكية. ووسط توجيه اتهام لأحد النواب الحاليين بعرقلة التوافق، ستخوض البلدة التي تضم 12,500 ناخب معركة بين لائحتي «التوافق والإنقاذ» و«مشمش الحضارة والكرامة».
ونزولاً إلى ساحل القيطع، تتجه بلدة ببنين، كبرى بلدات عكار (21 عضواً)، إلى معركة شرسة ستكون للعائلات، ومن خلفها الأحزاب، الكلمة الفصل فيها. إذ تتنافس لائحتان، تضم الأولى تحالف المختار زاهر الكسار ورئيس البلدية الحالي محمود جوهر وآل الرفاعي، فيما تضم الثانية تحالف الجماعة الإسلامية برئاسة غسان السبسبي والمحامي خالد المصري وآل السبسبي.
ولا يمكن إغفال الدور السياسي في تحالف العائلات وتموضعها، خصوصاً أن بلدة ببنين من معاقل الجماعة الإسلامية، إضافة إلى وجود حيثيات سياسية فيها لكل من النائبين السابقين خالد الضاهر ومصطفى هاشم، والمفتي السابق أسامة الرفاعي، علماً أن الخشية من النتائج المبهمة أجبر السياسيين على التموضع خلف العائلات.
الانقسامات نفسها تنسحب على بلدة برقايل التي يلعب فيها النائب السابق طلال المرعبي دوراً مهماً.
وتتنافس في البلدة التي يبلغ عدد ناخبيها عشرة آلاف لائحتان: الأولى مناصفة بين المحامي وسام خالد والدكتور زاهر عبيد، والثانية برئاسة المحامي عبد الرحمن الحسن والمحامي عماد صباح.
كذلك تتحضّر بلدات قبعيت وبزال وجديدة القيطع وحرار وشان والحويش وعين الذهب لخوض معارك عائلية بامتياز.
الشفت: معركة في حلبا والعين على الجديدة
في منطقة الشفت، يعد التيار الوطني الحر الناخب الأول في البلدات المسيحية، حيث تسود تفاهمات وتحالفات غلب عليها حضور العائلات، وعجزت الأحزاب عن أداء دور وازن فيها. وأنتج ذلك لوائح من نسيج سياسي عائلي يصعب توصيفه، كما هي الحال في بلدات: كرم عصفور وبيت غطاس والزواريب ومشحا وحيزوق والشيخ محمد والنفيسة وعدبل.
وتتكثف الاستعدادات في حلبا، مركز المحافظة، لمعركة عائلية شرسة بين القطبين الأساسيين في عائلة الحلبي، سعيد الحلبي وعبد الحميد الحلبي. علماً أن التعصب العائلي يتحكم بكل مفاصل المدينة التي يتكون مجلسها البلدي من 18 عضواً. ولمدينة حلبا، خصوصية معينة، فهي تضم 3 آلاف صوت مسيحي قادرة على ترجيح الكفة.
وتنحصر المنافسة بين ثلاث لوائح: «بالتضامن حلبا أجمل» برئاسة رئيس البلدية السابق سعيد شريف الحلبي، و«وحدة حلبا» برئاسة ابن شقيقه عبد الحميد أحمد الحلبي، و«حلبا المدينة» غير المكتملة برئاسة سليمان خالد الحلبي. ويحتدم الصراع على «النّوَر» المُجنّسين كونهم يُشكّلون بيضة القبان، إضافة إلى وجود حيثية مهمة للدكتور سعود اليوسف الذي لم يقرر أي طرف سيدعم.
في مقابل ذلك، تتحضر البلدات المسيحية، وتحديداً الجديدة، لمعارك قاسية، عنوانها خصوصيات العائلات التي لا تهتم بالانتماء الحزبي أو السياسي، جراء غلبة العصب العائلي والمحلي الذي يفرض نفسه على التوازنات.
وتخوض بلدة الجديدة المعركة الانتخابية بين لائحتين، الأولى برئاسة الرئيس الحالي أيمن عبدالله والثانية برئاسة وليد عوض، وسط انقسام بين الأحزاب الأكثر حضوراً، وتحديداً التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية».
وفي عدبل، ترتفع نسبة الحماوة الانتخابية التي تشهد طفرة ترشيحات في البلدة المعروفة بوحدة توجهها السياسي. إذ إن جميع المرشحين للرئاسة من محازبي الحزب السوري القومي الاجتماعي. وتنحصر المواجهة بين لائحتين، الأولى للرئيس الحالي جابر ديب والثانية للمختار السابق أديب النبوت.
اتحاد الدريب الأوسط
وتستعد بلدة البيرة لمعركة انتخابية مختلفة شكلاً ومضموناً عن المعارك السابقة، مع توحد عائلة المرعبي، التي تشكل 50% من مكونات البلدة، بعكس السنوات الماضية. وتنحصر المنافسة بين لائحتين، الأولى لائحة العائلات برئاسة ابن رئيس البلدية الحالي أحمد وهبي وبدعم ومشاركة رئيس اتحاد بلديات الدريب الأوسط السابق عبود مرعب، والثانية يدعمها المراعبة.
ويُتوقع أن تشهد غالبية بلدات الدريب الأوسط، وتحديداً الكواشرة وكوشا وعمار البيكات وخربة شار والمجدل والسنديانة (ذات الغالبية السنية) معارك عائلية داخل التيار الواحد.
القبيات وعندقت تخطفان الأنظار
تخطف القبيات، كبرى البلديات المسيحية في عكار (12 ألف ناخب)، معظم أضواء الاستحقاق الانتخابي ضمن اتحاد بلديات عكار الشمالي، مع بروز تحالفات جديدة غير قابلة للمقارنة بمعارك انتخابية سابقة. إذ اجتمع التيار الوطني الحر الذي ترك حرية القرار للنائب جيمي جبور، مع «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب، في لائحة توافقية واحدة تضم أيضاً النائب السابق هادي حبيش وحيثية آل عبدو، تحت شعار «تحالف القبيات».
ولم تنجح محاولات إقناع اللائحة المنافسة غير المكتملة بالانسحاب، إذ إن المرشحين من خارج الوفاق يُعبرون عن امتعاضهم من طريقة فرض التحالف، ويُصرّون على تسجيل موقف.
الواقع يبدو أكثر سخونة في بلدة عندقت، مع ظهور انقسامات جديدة تتجاوز العائلات التقليدية. وعليه، تستعد ثاني أكبر بلدة مارونية في عكار لخوض معركة بين لائحة «كرمال عندقت» التي يرأسها طاني حنا، ولائحة «عندقت هوية» التي يرأسها كامل الدرزي.
وفي منطقة الجومة، تتحضر رحبة (كبرى البلدات الأرثوذكسية) لمعركة يسعى عبرها رئيس البلدية رئيس الاتحاد السابق فادي بربر إلى العودة عبر ترشحه ضمن لائحة «رحبة الوفية» المدعومة من التيار الوطني الحر والقوميين، مقابل لائحة «رحبة بالقلب» المدعومة من تحالف حزبَي الشيوعي و«القوات اللبنانية»، مع حيثية عبدالله حنا، في حين أعلن الدكتور وسام منصور وقوفه على الحياد.
وتنسحب الانقسامات المسيحية على بلدات: بزبينا وبينو وأيلات وممنع وبيت ملات. وتستسلم البلدات السنية للانقسامات العائلية الحادة. ولن تكون تكريت ووعيات وعكار العتيقة والبرج بمنأى عن معركة حامية الوطيس جراء خلط الأوراق بين عائلات وقوى البلدة، ما يرفع من حدة الانقسام العائلي.
وفي قرى وبلدات سهل عكار، يبدو التعصب العائلي على أشده حيث تتظلّل كل البلدات بالعائلية أولاً، في المقابل يرفض المرشحون التحدث عن لوائح حزبية، خصوصاً في البلدات العلوية، الحيصة وتلبيرة وضهر القمبر.
أما بلدة تلعباس الغربي، التي تضم 3 آلاف ناخب، فتستعد لمواجهة عونية – قواتية بين ثلاث لوائح: «ضيعتنا بالقلب» التي يترأسها رئيس البلدية الحالي وليد متري، ولائحة «القوات اللبنانية»، أما بلديات نهر الأسطوان، والبلدات الحدودية في منطقة جبل أكروم، فستشهد معارك انتخابية داخل البيت الواحد، في ظل غياب تام لتيار المستقبل.