البترون: صراع بين “الحلف الثلاثي” وباسيل

كتبت رلى ابراهيم في الأخبار:
لا يختلف وضع انتخابات البترون البلدية عن انتخابات المتن الشمالي وكسروان وجبيل. ففي هذا القضاء أيضاً تتنافس العائلات بدعم واضح من الأحزاب حيناً ومن تحت الطاولة أحياناً، فيما المعركة الأهم تتركّز على الفوز باتحاد البلديات. ولأن «القوات اللبنانية» غير قادرة بمفردها على الظفر بأكثر من بلدية أو اثنتين، فإن طموحها إلى توجيه ضربة إلى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في معقله، حتّم عليها دخول «حلف ثلاثي» مع حزب الكتائب ومجد بطرس حرب، سعياً للفوز بأكثر من 14 بلدية في القضاء بما يجعل الاتحاد في جيب هذه القوى.
في جبيل والمتن الشمالي وبعبدا، عملت معراب على التراجع والانكفاء حيث لا قدرة لها على المواجهة. وضمن الاستراتيجية نفسها قرّرت تفادي خوض معركة في مدينة البترون، وفضّلت البقاء على الحياد خلف العائلات ضمن لائحة ائتلافية غالبيتها من التيار ويرأسها الرئيس الحالي للبلدية والاتحاد مرسيلينو الحرك المقرّب من باسيل، ضد لائحة غير مكتملة برئاسة ميشال الدغل.
أمّا في شكا، إحدى أبرز البلديات لناحية موازنتها المالية، والتي تعادل في أهميتها البترون وتنورين، مع العلم أنها ليست عضواً في الاتحاد، فيبدو الوضع معقّداً، إذ تتواجه لائحة برئاسة إسكندر الكفوري، ابن الرئيس الحالي، وتضم عائلات إلى جانب وجودٍ وازن للتيار، مع أخرى برئاسة غابي بطرس مداورة مع جورج عبود، وهي لائحة مدعومة من «القوات» والكتائب، وجزء من شباب التيار.
ومن شكا إلى حامات، حيث شكّل التيار لائحة من العائلات برئاسة رياض حليحل ودعمٍ من تيار المردة، في وجه لائحة شبابية بنفَسٍ قُوّاتي، تضم نجل أحد مسؤولي «القوات» وتحظى بدعمٍ من «الكتائب» وحرب. وفي دوما، فوّتت لائحة غير مكتملة على لائحة ائتلافية برئاسة زينة أيوب الفوز بالتزكية. أمّا في عبرين، فيترأس الموظف في قناة «أم تي في»، آلان ضرغام، بالمداورة مع عادل شاهين، لائحة مدعومة من ثلاثي «القوات» – «الكتائب» – حرب، في وجه لائحة يترأسها بالمداورة أيضاً جوزيف ساسين وساسين صليبا بدعم من التيار و«المردة». وفي بقسميا، تتواجه لائحتان؛ الأولى مدعومة من التيار والثانية من «القوات» و«الكتائب».
وفي تنورين، مسقط رأس بطرس حرب، تغيب أيضاً، كما البترون، المعركة السياسية، رغم أن بلديتها من أكبر بلديات القضاء (18 عضواً). وتتواجه فيها لائحة شكّلها حرب و«القوات» باسم «تنورين قبل الكل»، بتقاسمٍ واضح للأعضاء (10 لحرب و8 للقوات)، ضدّ لائحة «تجمّع تنمية تنورين» الشبابية، وغير المدعومة سياسياً، ولا سيما من التيار.
وقد بلغت حصيلة الترشيحات في البترون 627 مرشحاً للمجالس البلدية، و273 مرشحاً لمنصب مختار وعضو اختياري. وفازت بلدية بيت شلالا وبلدية راشكيدا المُستحدثة بالتزكية، فيما فاز 28 مختاراً بالتزكية، من أصل 85 مختاراً.
الكورة: «القوات» ضدّ عبد المسيح
على عكس البترون، حيث دخلت معراب في تحالف ضروري لمواجهة باسيل وكسره، فشلت «القوات» في الحفاظ على أيّ تحالف في قضاء الكورة، خصوصاً بعد غدرها بآل مكاري في أنفة، وانقلابها على الاتفاق معهم. لكنها وجدت لنفسها غريماً آخر ترغب بإقصائه، هو النائب أديب عبد المسيح الذي يأكل من صحنها، ومعركتها معه وجودية لضمان عدم خسارة أصوات انتخابية في القضاء لصالحه.
هكذا بات المشهد في الكورة واضحاً: في البلدات التي يحظى فيها عبد المسيح بحيثية، تخوض «القوات» معركتها ضدّه حتى لو اضطرها الأمر إلى التحالف مع خصميها النائب السابق سليم سعادة والحزب السوري القومي الاجتماعي. وفي المناطق التي يوجد فيها تمثيل لـ«المردة» والتيار، تدعم «القوات» أي لائحة في مواجهتهما. والعين كما في كل الأقضية هي على الفوز برئاسة الاتحاد الذي يضم 36 بلدية، علماً أن وضع الكورة لا يختلف عن غيرها لناحية تداخل الطابع العائلي والسياسي.
يشار إلى أن «القومي» يخوض الانتخابات البلدية مُوحّداً (حزبياً) باستثناء بلدتَيْ أميون وكفرحزير، حيث عصفت به الخلافات وأدّت إلى انقسامه في لائحتين. ففي أميون، نشب خلاف عائلي بين أولاد الخالات المُتصارعين على النفوذ، ليُشكّلوا لائحتين مُتواجهتين. ودعّم كل طرفٍ لائحته بالأحزاب والشخصيات السياسية. فنسج رئيس البلدية الحالي مالك فارس تفاهماً مع «القوات» بدعم من سعادة، ضدّ لائحة يرأسها بسام عبيد مدعومة من المهندس غسان رزق، و«القومي» بشكل رسمي، إضافةً إلى التيار والشيوعيين.
وفي كفرحزير، مسقط رأس عبد المسيح، اختار مدير مكتب سعادة، جورج ضاهر، تشكيل لائحة بالتحالف مع «القوات»، ضدّ لائحة مدعومة من الأول، إضافةً إلى التيار، و«القومي» بشكل رسمي. وإذا كان وضع أميون مفهوماً، فتحالفات كفرحزير مستغربة، إذ لا خلافات عائلية، وإنما مجرد سعي من ضاهر لإبقاء البلدة تحت نفوذه الشخصي. وفي البلدتين، يساهم سعادة في توسيع الشرخ وتقليب القاعدة ضدّ بعضها، الأمر الذي استغلّته «القوات» للتسلل إلى اللوائح.
ولأن الاعتبارات العائلية غالباً ما تفرض نفسها على الاعتبارات السياسية، تكرّرت تحالفات الأضداد في بلدة دده بين «القوات» و«المردة»، مقابل لائحة مدعومة من «القومي» و«الشيوعي» والتيار وعبد المسيح والجماعة الإسلامية. وفي بزيزا، تحالف «المردة» مع «القوات» عكس توجّهات «القومي»، ما سيؤدي في حال فوز اللائحة الأولى إلى وصول رئيس بلدية قوّاتي. وأوضحت المصادر أن هذه التوجّهات راعت «طبيعة التركيبة العائلية، إذ كان من الضروري التحالف مع القوات لتفادي كسر بعض الأشخاص، حتى لو أن الأمر سيؤثّر على رئاسة الاتحاد، فالأولوية للانتخابات النيابية والمحافظة على القاعدة وليس الفوز بالاتحاد».
وفي كُسبا أيضاً، جرى التوافق بين «القوات» وفادي غصن، شقيق النائب الراحل فايز غصن، المحسوب على «المردة»، الأمر الذي اعتبرته المصادر «لعبة مقصودة من غصن لتوفير جهوده ومعاركه إلى موعد الانتخابات النيابية».
وفي كفرعقا، تواجه العائلات المدعومة من «القومي» و«المردة» والتيار «محاولات استئثار القوات بالبلدية». أمّا في كفرحاتا، فعصفت التضاربات الداخلية بتحالف «المردة» و«القوات»، ما أدّى إلى انسحاب جميع الأعضاء من اللائحة التي كانت على وشك إبصار النور، ليبقى فيها 3 أفراد فقط، مقابل لائحة برئاسة أنيس فرح مدعومة من القيادي القومي حسان صقر، لتصبح بحكم الرابحة.
مع العلم أن كفرحاتا هي عاصمة قرى القويطع، المؤلّفة من 7 بلدات: كفرحاتا وكفريا وبدنايل وبتعبورة (فازت بالتزكية) وكفتون واجدعبرين والمجدل. وإلى جانب بتعبرين، فازت 9 بلديات أخرى بالتزكية، هي: بكفتين وبشمزين وبصرما وبتعبورة ودارشمزين وعفصديق وبترومين وكوسبا وكفرصارون ورشدبين. وأشارت المصادر إلى أن 8 من 10 بلديات فائزة بالتزكية محسوبة على تحالف التيار – «المردة» – «القومي» – «الشيوعي» في مواجهة «القوات».
وبذلك، يتقدّم التحالف في معركة الاتحاد، مع توقّعه الفوز بـ 23 أو 24 بلدية من أصل 36 بلدية. يشار إلى أن العرف الذي أرساه النائبان الراحلان فريد مكاري وفايز غصن والنائب السابق سليم سعادة، هو أن يرأس الاتحاد ماروني، حتى لا يأتي أرثوذكسي، وينافسهم على المقاعد النيابية، الأمر الذي يقول القوميون إنهم غير ملتزمين به.
مكاري لـ«القوات»: «أنتم الغدر والخيانة»
لأنفة وضعها الخاص، كونها أكبر البلدات انتخابياً في الكورة، وتُصوّت أكثر من أميون، وهي بلدة النائب الراحل فريد مكاري. منذ البداية، عقدت «القوات» مع آل مكاري اتفاقاً لترشيح شخصية وسطية هي ميشال نخول، واستمر الوضع على ما هو عليه إلى حين موعد إقفال باب الترشيحات، حينما انقلبت معراب على الاتفاق، وسط عدم قدرة آل مكاري على تبنّي مرشحين جدد. وعليه، نشر نبيل مكاري، نجل شقيق النائب الراحل فريد مكاري، بياناً تحت عنوان: «قوات الغدر والخيانة»، قال فيه إنه بتاريخ 30 نيسان «وقعت الخيانة في آخر ساعتين، وحصل ما لن يُنسى لسنوات طويلة قادمة»، من قبل «الحزب ذاته الذي كان ذات يوم بحاجة ماسّة إلى الدعم، ليبقى قائماً في قضاء الكورة».
واتّهم مكاري «القوات» بنقض الاتفاق معها على تبنّي نخول لرئاسة بلدية أنفة، والاصطفاف وراء مرشح آخر وتشكيلة جديدة بـ«تخطيط على الأرض من رشاد نقولا، وبسكوت متواطئ من النائب فادي كرم». واعتبر مكاري أن «الخيانة لم تكن ضد اسم، بل ضد ذكرى إرث سياسي عريق ووفاء يجب أن لا يُمس»، لينهي البيان بتأكيد أن المسألة اليوم «ليست اختلافاً في وجهات النظر، بل كانت خطة مدروسة لإقصاء آل مكاري عن الخارطة البلدية. ولم تكن مصادفة أن تتم في آخر لحظة، بل كانت مقصودة وموجّهة ومُهينة».
وفي ظلّ عدم استعداد آل مكاري للمعركة الانتخابية، بعد انسحاب «القوات» من تحالفها معهم، فضّل مكاري الابتعاد عن البلدة والتوجه إلى بيروت. أمّا ابن عمه وجودي مكاري، ابن رئيس البلدية السابق مكارم مكاري، اللذين يحظيان بنفوذ في أنفة، فبقيا ليخوضا المعركة ضدّ «القوات»، عبر دعم لائحة جورج دعبول المدعومة أساساً من التيار و«القومي» و«المردة».