لبنان

انتخابات الشمال: المسلمون يتنافسون على المواقع والمسيحيون يواصلون الفرز السياسي

كتبت الأخبار:  

الانتخابات البلدية في مرحلتها الثانية، لا تبدو مختلفة كثيراً عن المرحلة الأولى. ذلك أن المختلط بين السياسي والعائلي في المعارك المتوقّعة، يخلو أيضاً من أي بعد إنمائي أو متّصل برفع شأن المدن والبلدات والقرى، في محافظة تشهد غياباً تاماً لعمل الدولة ولعمل القطاع الخاص. وتُترك رهينة بعض الفُتات الذي يأتي على شكل مال سياسي أو ناجم عن حراك محدود، ما يجعل أبناء الشمال عموماً، عرضة لعملية تهجير دائمة، داخلياً أو خارجياً، بحثاً عن العلم والعمل والاستقرار.

وفي بلد تنخره الجوانب الطائفية والمذهبية، فإن الانتخابات المتوقّعة، لن تضيف شيئاً نوعياً على المشهد اللبناني، لا بل إن المتنافسين، لا يقودون معارك خارج الإطار الذي وُضع فيه لبنان منذ العدوان الإسرائيلي الواسع عليه.

ولذلك، فإن المشهد المعقّد سياسياً وعائلياً ومحلياً، يقود إلى تقديرات أساسية منها:

أولاً: لا توجد حماسة جدّية عند الجمهور للمشاركة في الانتخابات البلدية، ويتوقّع أن لا ترتفع نسب التصويت عمّا كانت عليه في جبل لبنان، مع تقديرات بأن تكون أقل. وهو أمر ناتج أساساً من غياب الثقة لدى الجمهور بإمكانية التغيير الفعلي، وبفعل قرار القوى الكبيرة عدم تحريك الماكينات الانتخابية، وما يعني ذلك من إنفاق مالي.

ثانياً: يعاني الشمال مثله مثل بقية المناطق من مرض المنافسة على تولّي مراكز سلطوية. وهو أمر يجعل الترشيح للانتخابات البلدية يأخذ بعداً شخصياً، ينعكس مشكلة في تركيب اللوائح والتحالفات. وقد يهدّد بعض التنوع في بلديات كبيرة مثل طرابلس.

ثالثاً: لا يبدو أن المسلمين في كل الشمال، يقتربون من مواجهة تهدف إلى تحقيق فرز سياسي. وبين عزوف تيار «المستقبل» وحياد المرجعيات النافذة، لم يظهر أن الطرف الخارجي، والمقصود به السعودي، في وارد رعاية معركة كونه لا يجد بين المتنافسين من هو في موقع الخصومة مع الرياض. وهذا يعني أن المنافسة القائمة الآن تأخذ في غالبية المناطق بعداً عائلياً ومحلياً ضيقاً.

رابعاً: كما في جبل لبنان، فإن البعد السياسي يمكن تلمّسه في المعارك داخل البلديات حيث الغالبية من الناخبين هي من المسيحيين. وهذا ما سيظهر في أقضية البترون والكورة وزغرتا وبشري إلى جانب بعض بلديات عكار. وفي هذا السياق، توجد معركة تثبيت الحضور، بين قوى ترى أن الظرف مناسب لتعزيز سطوتها السياسية، كحال «القوات اللبنانية» والشخصيات أو المجموعة الحليفة لها، وهؤلاء سيواصلون تحريض الناس على خلفية أن خصومهم، من التيار الوطني الحر إلى تيار المردة إلى الحزب القومي هم من «أنصار الممانعة التي هُزمت». وهو شعار يفترض هؤلاء أنه سيحرّض الناس على المشاركة.

عملياً، يغيب عن انتخابات الغد، أي نقاش جدّي ونوعي حول واقع البلديات في كل الشمال. وحيث لا يسمع الناخبون ولا الرأي العام، أي تصور جدّي، لبناء واقع تنموي مختلف، وهو ما يظهِر هذه المنطقة في صورة الكسل المستمر منذ عقود، حتى ولو كانت الدولة هي أول من مارسه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى