لبنان

زحلة: “القوات” تتقدّم مسيحياً على كل خصومها

كتبت رلى ابراهيم في الأخبار: 

ثبّتت الانتخابات البلدية في مدينة زحلة، تقدّم «القوات اللبنانية» مسيحياً، بعدما واجهت غالبية القوى المسيحية الأخرى، مدعومة من «الثنائي الشيعي» ومئات الأصوات السنية.

ومن دون انتظار انتهاء عملية الفرز، التي بقيت مستمرة حتى ساعة متأخرة من ليل الأحد – الإثنين، يمكن القول إن مدينة زحلة حصدت النتيجة الطبيعية لأداء خصوم «القوات» بالجملة.

فجميعهم بدون استثناء تصرّفوا في فترة التحضير للانتخابات البلدية بعنجهية تامة، وآثروا التذاكي وابتزاز بعضهم ونقل البارودة في ليلة وضحاها من كتف إلى كتف، من رئيس البلدية السابق أسعد زغيب إلى النائب ميشال ضاهر والنائب السابق سيزار معلوف ورئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف وحزبي الكتائب والوطنيين الأحرار وحزب الله وحركة أمل. ليخوض هذا الفريق الاستحقاق مُضعضعاً، من دون تشغيل ماكيناته الانتخابية، ويسكَر بتوقعات لم يجهد ليحقّقها. كما أقصى التيار الوطني الحر، عبر طلب أصواته من دون أي مقابل، ولو حتى بتمثيل لا يتخطى عضواً واحداً من أصل 21 عضواً، الأمر الذي دفع التيار إلى ترك الحرية لناخبيه، بالاقتراع لمن يريدون.

المشهد الأبلغ تعبيراً عن وضع لائحة «قرار ورؤيا» برئاسة أسعد زغيب، هو خلوُّ شوارع المدينة من المؤيدين، ولا سيما المسيحيين منهم، في مقابل ماكينة قواتية حاضرة بقوّة وحزب «أكل الأرض» منذ ساعات الصباح الأولى، لناحية التجهيزات والأعلام والمواكب السيّارة والأناشيد والمال والأعلام. لذلك أتت النتيجة مشابهة للواقع، عبر تقدّم «القوات» على خصومها في المدينة، وفق ما تبيّن للماكينة القواتية، من الفرز الأولي لصناديق الاقتراع.

وهو ما بدا واضحاً منذ الصباح، إذ قطعت «القوات» نصف الطريق باكراً بتسجيل حضور وازن في أقلام الاقتراع، مقابل نسبة تصويت منخفضة للائحة الأخرى مسيحياً، ونسبة اقتراع ضئيلة شيعياً قاربت 12%. إلّا أن ساعات ما بعد الظهر سجّلت إقبالاً شيعياً ملحوظاً على أقلام الاقتراع، فارتفعت نسبة التصويت إلى 26% في غضون ساعة ونصف ساعة، مقابل بطء في الاقتراع المسيحي.

هذا التغيُّر لم تستسغه «القوات»، فعمدت إلى دقّ «أجراس الخطر»، واستخدمت كلّ الوسائل التحريضية ضدّ الصوت الشيعي، الذي للمصادفة كان ممثّلوه يخوضون الانتخابات جنباً إلى جنب القواتيين في لائحة «بيروت بتجمعنا»، في مدينة بيروت. ادّعى النائب جورج عقيص أن ثمة سيارة توزّع الرشاوى قرب مركز الاقتراع في حوش الأمراء، فتجمّع القواتيون بقيادته والنائب إلياس إسطفان، وتوجّهوا إلى قلم الاقتراع الذي يُحاذي حسينية البلدة، حيث تجمّع مناصرو حزب الله.

على الأثر، حضر عناصر من الجيش اللبناني وشكّلوا جداراً عازلاً بين الطرفين، وعمد بعض العناصر إلى تفتيش السيارة، ليتبيّن أنها خالية ممّا ادّعى عقيص بما هو موجود فيها، لكن بعدما نجح في إثارة النعرات، التي كادت تتطور إلى اشتباكات مسلحة.

لائحة زغيب تجلد نفسها

في مقابل التماسك القواتي، كان الحلفاء بالإكراه في لائحة زغيب يتقاذفون كرة المسؤولية. فاتهم بعضُهم بعضاً بعدم العمل لجذب ناخبيهم عبر عدم صرف الأموال، أو تشغيل الماكينات أو تأمين وسائل نقل للناخبين الزحالنة القاطنين في بيروت، ولا سيما الكتلة الشعبية. وثمة من ذهب بعيداً في تبرير الخسارة بالإشارة إلى أن «التيار الوطني» انتخب لائحة «القوات»، وهو أمر مستبعد، نفته مصادر التيار، التي تحدّثت عن رغبة البعض في إلصاق «قلة الأخلاق» بالعونيين.

وأشارت إلى أن «النتيجة كانت متوقّعة بعد كل ما شهدته اللائحة من نزوح ونزوح مضاد ومن عنجهية زغيب الذي ظنّ نفسه قادراً على الفوز بمفرده ولا يحتاج إلى أحد، ونتيجة طبيعية لعدم التفاوض معنا والذهاب إلى بناء ثنائيات عازلة». وتضيف المصادر: «لو حسم التيار قراره لكانت أصواته حسمت النتيجة مسبقاً لصالح فريق، لذلك انكبوا في الساعات الأخيرة على استمالتنا في ظل رفضنا بيع أصواتنا مجاناً بدون مقابل بلدي وانتخابي وسياسي».

من جهة أخرى، خاب أمل فريق زغيب من ضعف التجاوب المسيحي معه، إذ بلغت نسبة الاقتراع المسيحي في المدينة 18490 مقترعاً من أصل نحو 53 ألف ناخب، معظمهم كما يقول صوّتوا لـ«القوات»، مقابل 7 آلاف ناخب كانت توقّعات الماكينات الانتخابية أنهم سيقترعون، إلا أنهم امتنعوا عن ذلك. غير أن المصادر العارفة بالأرض الزحلية، أكّدت أن هذا الانخفاض كان متوقّعاً في ظل انكفاء ماكينات فتوش و«الكتائب» والتيار والكتلة.

وأيضاً لأنه عادة ما تتنافس أكثر من ثلاث لوائح بين بعضها، ويصل عدد المرشحين إلى 400، غير أن اقتصار التنافس على لائحتين، قلّص عدد المرشحين، إضافة إلى عمل زغيب ومن خلفه ضاهر على اختصار اللائحة بهما، وإقفالهما باب النقاش والتعاون أمام الباقين. وهو ما أثّر بشكل أساسي على صوت الناخب المسيحي المعارض لـ«القوات» في ظل حشد قواتي كبير واستثنائي. فقد أكّد الناشطون القواتيون أن «ارتباك حلفائهم وتجمّعهم بكل تناقضاتهم ضد القوات يشكلان نقطة قوة للحزب الواثق من تجذّره في كل العائلات الزحلية، وأنه سيثبت مرة أخرى التزام الأهالي وتأييدهم لخط رئيس القوات سمير جعجع».

وقد بلغت نسبة الاقتراع في المدينة ككل 34%، بينهم 3147 مقترعاً شيعياً من أصل 7961 ناخباً شيعياً، وهو رقم اعتبرته الماكينات جيداً، في مقابل 1807 أصوات سنّة من أصل 4921 ناخباً سنياً.

في المحصّلة، أعلنت «القوات» فوزها بمعركة زحلة رغم كل ما قيل عن أن خوضها الانتخابات بمفردها وادّعاءها بأن «زحلة قوات» فقط سيكونان سبب سقوطها. ومن الآن إلى حين الانتخابات النيابية المقبلة، لن يتمكّن خصوم «القوات» من الادّعاء عكس ذلك. وليلاً حضر الأمين العام للحزب إميل مكرزل إلى المدينة، وتجمّع نواب «القوات» في الساحة، مُردِّدين أن الحزب «أثبت مرة أخرى وفاء الزحالنة لدم الشهداء، وأن زحلة ستبقى أرضاً عصيّة على من يحاول دخولها عنوة وتغيير نبضها وسقفها السياسي». ففي النهاية «ع زحلة ما فاتوا… والقوات قلب زحلة وقدن كلن».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى