البساط في جلسة نقاشية عن الإصلاح المالي والاقتصادي: مضاعفة الاقتصاد ليست أمرًا مستحيلًا وإذا نفذنا الإصلاحات يمكننا أن نحقق نموًا مزدوج الرقم

نظم مركز مالكوم كير–كارنيغي للشرق الأوسط في مكاتب المركز في وسط بيروت – العازارية، جلسة نقاشية بعنوان “الطريق الشاق نحو الإصلاح المالي والاقتصادي في لبنان”.
تحدث في الجلسة كل من وزير الاقتصاد والتجارة عامر بساط، والخبير الاقتصادي والمحلل في السياسات العامة ألبير كوستانيان. وأدارت مديرة المركز مها يحيا الجلسة التي حضرها سواء بالحضور شخصيا او عبر تقنية الانترنت- حشد من المهتمين والخبراء وأصحاب الاختصاص وفاعليات اقتصادية ومالية.
تركز النقاش على التحديات التي تعترض مسار لبنان نحو الحصول على الدعم الدولي، وتحقيق التعافي الاقتصادي، والمضي قدمًا في جهود إعادة الإعمار بعد النزاع، لا سيما في ما يتعلق بإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعزيز الشفافية المالية، بخاصة في مع ما يشهده لبنان من هشاشة اقتصادية شديدة، في أعقاب الحرب مع إسرائيل وفي ظل التوترات الإقليمية المستمرة. يأتي كل ذلك في سياق إقليمي سريع التحول، يتميز بتوسع الشراكات الاقتصادية التي تقودها دول الخليج والولايات المتحدة، ما يثير تساؤلات حول موقع لبنان في هذا النظام الإقليمي الناشئ، وما إذا كان سيتمكن من الاستفادة فعليا من هذه الأطر الجديدة.
استهلت يحيا الجلسة بالترحيب بالضيفين، مشيرة الى ان “العالم يمر بلحظة تحول، بدأت قبل سنوات عديدة، وزيارة الرئيس دونالد ترامب الأخيرة الى الشرق الاوسط رمزية لتجسيد هذه اللحظة. لذا فإن السؤال الذي يمكن طرحه اليوم هو: ما هي تداعيات ذلك على الشرق الأوسط، وكيف يمكن للبنان أن الاستفادة من ذلك؟” وقالت: “يقف لبنان اليوم امام لحظة مفصلية من تاريخه، بعدما ان خاض حربا مدمرة مع إسرائيل، ويعاني من هشاشة اقتصادية عميقة، وركود سياسي مستمر، على الرغم من بعض التطورات الأخيرة. لكن على الرغم من صعوبات السنوات القليلة الماضية، يملك لبنان فرصة من اجل إعادة رسم مستقبله في ظل التغيرات الإقليمية والعالمية”.
وشددت على ان “رفع العقوبات عن سوريا، وكذلك احتماليات التوصل الى اتفاق نووي بين ايران والولايات المتحدة، سيؤثر على الأرجح على مسار التعافي الخاص بلبنان”.
البساط
من جهته، رأى البساط ان “فكرة العولمة التجارية متعددة الطراف فقدت تأثيرها وبدلاً منها أصبحت الديناميات الثنائية، والتبادلية والسياسية هي التي تهيمن على العلاقات الدولية اليوم”.
وأوضح ان “العلاقات غير الاقتصادية صارت في الغالب تهيمن على صناعة القرار الاقتصادي”، وتطرق الى مشاركته مع وزير المالية ياسين جابر على رأس وفد لبنان في “اجتماعات الربيع” في واشنطن الشهر الماضي، وأشار الى انه “كان المجتمع الدولي داعمًا للبنان بشكل منصف خلال اجتماعات الربيع مع كل من “البنك الدولي” و”صندوق النقد الدولي”، وأعتقد أن أحد الأسباب لذلك هو أن الحكومة قدّمت موقفًا موحدا”.
وردا على سؤال بشأن تصريح الموفدة الاميركية موغان اورتاغوس بأن لبنان ربما لا يحتاج في النهاية الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، يمكنه التعافي بنفسه. أجاب: “أتحدث عن نفسي لكنني اعتقد أن زملائي في الحكومة سيوافقون. لم أر أي تناقض في ما قالته السيدة أورتاغوس. الحجة التي كانت تقدمها هي نفس الحجة التي كنا نقدمها جميعا، وهي أنه إذا نظمنا أمورنا وقمنا بالإصلاحات الاقتصادية فقد لا نحتاج إلى التمويل الدولي أو القرض الدولي، في نهاية المطاف الاقتراض من أجل الاقتراض ليس ما نريده، ما نريده هو القيام بالأمور التي ستولد رأس المال والنمو والازدهار الذي يستحقه لبنان”.
أضاف: “اذا قمنا بما يجب القيام به، بما نحتاج لفعله وليس بما يقول لنا صندوق النقد الدولي أن نفعله، عندها في مرحلة ما، هيكلية الدولة، هيكلية القطاع الخاص، حجم المدخرات المتاحة لدينا خصوصًا لدى الدياسبورا، الفرص في المنطقة التي تحدثنا عنها للتو، كل هذا وحده سيولد الاستثمارات الحقيقية ورأس المال الحقيقي الذي يفوق بكثير أي شيء يمكننا الحصول عليه من خلال الاقتراض. أعتقد أن هذا هو جوهر ما كانت تقوله: يجب ألا ينظر إلى لبنان كبلد يقترض وينتقل من مجموعة تمويل مانحة إلى أخرى، نحن لسنا كذلك. نحن بلد لديه القدرة على النمو”.
وختم: “نحن في لحظة الآن حيث من المقبول أن نكون متفائلين بحذر. إذا تخيلت أين يجب أن نكون، يجب أن نكون ضعف ما نحن عليه الآن. مضاعفة هذا الاقتصاد ليست أمرًا مستحيلا. مرة أخرى إذا قمنا بما يجب القيام به وأضع خطين تحت كلمة “اذا”، إذا نفذنا الإصلاحات يمكننا أن نحقق نموا مزدوج الرقم لمدة عامين، يمكننا أن ننمو بنسبة 10% أو 15% لبضع سنوات. وقراءتي هي أن النمو المحتمل للبنان أقرب إلى 5%، حسابيا يمكننا مضاعفة هذا الاقتصاد خلال 6 إلى 7 سنوات”.
من جهته دعا كوستانيان الى ضرورة وضع “رؤية ٢٠٣٠”، مشددا على ان “الإصلاحات الاقتصادية يجب ان تترافق مع نزع سلاح حزب الله من دون استخدام القوة، وكذلك عبر اصلاح النظام السياسي الطائفي”. وقال: “السؤال الأساسي هو هل ما زلنا (لبنان) ذات أهمية؟ لدينا الكثير لنقوم به كي نضمن مقعدا لنا على متن قطار الاقتصاد الإقليمي الذي بدأ بالانطلاق. أنا مقتنع بشدة أن صندوق النقد الدولي هو أفضل طريق لدفع لبنان قدما فهو يشكّل في الوقت ذاته العصا والجزرة لدفع الحكومة نحو تنفيذ المطلوب”.
ورأى أن “الشرط الأول لذلك هو نزع سلاح حزب الله، أما الثاني فهو تنفيذ إصلاحات سياسية داخل الحكومة”.