لبنان

ألو “ستارلينك” لبنان؟!

كتب جو رحال في نداء الوطن: 

وسط أزمة بنى تحتية خانقة وانهيار شبه كامل في خدمات الاتصالات، يعود الحديث في لبنان عن “ستارلينك”، خدمة الإنترنت الفضائي التي باتت في تجارب دول أخرى شرياناً رقمياً في زمن الحروب والكوارث. فهل يُكتب لها أن تكون خشبة الخلاص الرقمية للبنانيين، أم ستبقى حبيسة الرفض الإداري والمصالح المتضاربة؟

“ستارلينك”، المشروع الفضائي التابع لشركة “سبيس إكس”، يوفّر تغطية إنترنت عالمية عبر آلاف الأقمار الصناعية، من دون الحاجة إلى بنى تحتية أرضية. هذه التقنية أثبتت فعاليتها في أوكرانيا وغزة، حيث وفّرت الحد الأدنى من الاتصال في ظروف الانهيار الشامل.

لبنان، الذي بات يواجه خطر الانقطاع التام عن الإنترنت نتيجة تفكك شبكة “أوجيرو” وغياب الكهرباء والتجهيزات، لا يملك أي شبكة طوارئ رقمية بديلة. ومع كل أزمة، تتوقّف قطاعات حيوية كالمصارف، المستشفيات، التعليم والصحافة، في مشهد يعكس هشاشة رقمية غير مسبوقة.

ورغم إدراك العديد من المسؤولين لأهمية هذا النوع من الحلول، لم تتخذ الدولة حتى الآن أي خطوة عملية في هذا الاتجاه. لا ترخيص رسمي، لا خطة طوارئ رقمية، ولا موقف واضح من وزارة الاتصالات. يُرجّح أن يكون التأخر نتيجة تداخل الاعتبارات الأمنية مع مصالح الشركات التي تحتكر السوق المحلي.

كلفة الخدمة، التي تبلغ عالمياً نحو 599 دولاراً لجهاز الاستقبال و90 إلى 110 دولارات شهرياً للاشتراك، قد تبدو مرتفعة. لكنها تُعدّ استثماراً حيوياً للقطاعات التي لا تحتمل الانقطاع، ويمكن تنظيمها تدريجياً ضمن خطة وطنية واضحة. وتجدر الإشارة إلى أن دولاً مثل الإمارات والأردن سبقت لبنان بخطوات، وبدأت بتفعيل الخدمة في المناطق النائية ضمن سياسات التحوّل الرقمي.

غياب أي إطار قانوني ينظّم خدمات الإنترنت الفضائي في لبنان يُشكّل ثغرة سيادية. فالدولة التي تفقد السيطرة على شبكاتها أو تفشل في تأمين اتصال مستقر، تفقد معها جزءاً من قدرتها على الحكم وإدارة الأزمات.

الإنترنت لم يعد ترفاً. بل مرفق سيادي أساسي. والتردد في إدخال “ستارلينك”، في ظل الانهيار المستمر، ليس حذراً عقلانياً، بل استسلام لإدارة الانهيار.

لبنان لا يحتاج إلى مزيد من البيانات الغامضة، بل إلى قرار واضح: هل سنفتح المجال أمام تكنولوجيا قد تنقذ قطاعات بأكملها؟ أم نُبقي البلاد رهينة شبكة تُطفئها أول أزمة كهرباء؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى